3- أنه كان يستغفر الله في ركوعه وسجوده: فبَعد أن نزلتْ عليه سورة النصر لتُعْلِمه بقرب أجله، وانتقاله إلى ربِّه، ما ترك الاستغفار بعد نزولها، كما في البخاري ومسلم: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما صلَّى النبِيُّ صلاة بعد أن نزلت: ﴿ إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ [النصر: 1] إلاَّ يقول فيها: ((سبحانك ربَّنا وبِحَمدك، اللهم اغفر لي)). وفي "صحيح مسلم" وغيره عنها - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُكْثِر أن يقولَ في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي))؛ يتأوَّل القرآن". كيفية صلاة التوبة - موضوع. 4- تعليمه الاستغفار لأصحابه، بل خِيرة أصحابه، كما في البخاري ومسلم: عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: إنَّ أبا بكر الصديق قال لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: يا رسول الله، علِّمْني دعاء أدعو به في صلاتي؟ قال: ((قل: اللهم إنِّي ظلمْتُ نفسي ظُلمًا كبيرًا، ولا يغفر الذُّنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً مِن عندك وارحمني، إنَّك أنت الغفور الرحيم)). 5- تعليمه للرجل - حديث الإسلام - دعاءً يبدأ بالاستغفار؛ فعند مسلمٍ: عن أبي مالكٍ الأشجعي عن أبيه قال: كان الرَّجل إذا أسلم علَّمَه النبِيُّ الصلاة، ثم أمره أن يدعو بِهؤلاء الكلمات: ((اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدِني، وعافنِي، وارزقني)).
فإذا أكثرَ العبدُ من التوبة والاستغفارفإنَّ الله قد ضمن أن يَغْفر له؛ كما جاءت بذلك النُّصوص الكثيرة من الكتاب والسُّنة، وإذا غفر الله للعبد فقد فاز في الدُّنيا والآخرة، فمغفرة الله - سبحانه - هي خيرٌ من كلِّ ما يَجمع الناس في هذه الدُّنيا؛ قال تعالى: ﴿ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُون ﴾ [آل عمران: 157]. ولولا عفْوُ الله ومغفرته لَخربت البلاد، ولَهلك العباد: ﴿ لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 149]. ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴾ [فاطر: 45]. الاستغفار بعد الذنب مباشرة موظف. فرُحْماك ربَّنا رحْماك، وعفوَك اللَّهم عَفوك، وصلَّى الله وسلَّم على سيِّد المستغفِرين، وحبيب ربِّ العالمين، نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبِه أجمعين. [1] "مجموع الفتاوى" (3/ 120). [2] "فتح الباري" (11/ 100). [3] "مجموع الفتاوى" (10/ 88). [4] "مجموع الفتاوى" (11/ 255). [5] "مدارج السالكين" (3/ 433 - 434).
وإنْ رأيت أنَّ أضعافَ أضعافِ ما قُمت به - من صدْقٍ وإخلاصٍ، وإنابة وتوكُّل، وزهدٍ وعبادة - لا يَفي بأيسر حقٍّ له عليك، ولا يُكافئ نِعْمة من نِعَمه عندك، وأنَّ ما يستحِقُّه - لِجلاله وعظمته - أعظم وأجلُّ وأكبر مِمَّا يقوم به الخلق، فاعلم الآن: أنَّ التوبة نِهايةُ كلِّ عارف، وغاية كلِّ سالك، وكما أنَّها بدايةٌ فهي نِهاية، والحاجة إليها في النِّهاية أشدُّ من الحاجة إليها في البداية، بل هي في النِّهاية في محلِّ الضرورة" [5] ؛ يقصد عند قُرْب الأجَل، وكِبَر السِّن. جاء في "صحيح البخاريِّ" عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "إنَّ المؤمن يرى ذنوبه كأنَّه قاعدٌ تحت جبَلٍ يَخاف أن يقع عليه، وإنَّ الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه، فقال به هكذا". قال ابن حجر - رحمه الله - عند شرحه لهذا الحديث: "المؤمن يغلب عليه الخوف؛ لقوَّة ما عنده من الإيمان، فلا يَأْمَن من العقوبة بسبِبها، وهذا شأن المسلم: أنه دائم الخوف والمراقبة، يستصغر عمله الصالح، ويَخشى من صغير عمله السيِّئ. حكم الاستغفار مع الإصرار على الذنب. وقال المحبُّ الطَّبري: إنَّما كانت هذه صفةَ المؤمن؛ لشدَّة خوفه من الله، ومِن عقوبته؛ لأنَّه على يقينٍ من الذَّنب، وليس على يقينٍ من المغفرة" [6].
صفحة أخرى من صحائف قصة البشرية؛ وهي تمضي في خضم التاريخ، ونكسة أخرى إلى الجاهلية؛ ومشهد من مشاهد اللقاء بين الحق والباطل، ومصرع جديد من مصارع المكذبين، يقصه علينا القرآن من خلال قصة النبي صالح عليه السلام، وهو يدعو قومه إلى توحيد الله، وإفراده وحده سبحانه بالعبودية، وترك ما سواه من الآلهة المصطنعة، التي لا تملك من الأمر شيئاً. وقصة النبي صالح عليه السلام مع قومه ثمود وردت في سور متعددة: فجاءت مفصلة في سور: (الأعراف)، و(هود)، و(الحِجر)، و(الشعراء)، و(فصلت). وجاءت أقل تفصيلاً في سور: (الإسراء)، و(النمل)، و(الذاريات)، و(الحاقة)، و(الفجر)، و(الشمس)، وأشير إليها في سور: (التوبة)، و(إبراهيم)، و(الحج)، و(الفرقان)، و(العنكبوت)، و(ص)، و(غافر)، و(ق)، و(النجم)، و(البروج). حاصل القصة أرسل الله نبيه صالحاً عليه السلام إلى قبيلة ثمود ، وهي من قبائل العرب، وكان صالح واحداً منها، وكانت مساكنها بـ (الحِجْر)، وهو مكان يقع الآن بين الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية وشرق المملكة الأردنية. وكان قوم صالح عليه السلام قد أنعم الله عليهم بمظاهر الحضارة من العمران والبنيان، بيد أنهم كانوا جاحدين لأنعمه، منكرين لوحدانيته.
[٧] [٨] المراجع ^ أ ب ت عبد العزيز صالح ، تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة ، مصر:مكتبة الأنجلو المصرية ، صفحة 139. بتصرّف. ↑ سورة الأعراف ، آية:73 ↑ محمد أبو زهرة (1425)، خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم ، القاهرة:دار الفكر العربي، صفحة 33، جزء 1. بتصرّف. ^ أ ب ت حمود الرحيلي (2004)، منهج القرآن الكريم في دعوة المشركين إلى الإسلام (الطبعة 1)، المدينة المنورة:عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 191-192، جزء 1. بتصرّف. ↑ وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر المعاصر، صفحة 202، جزء 19. بتصرّف. ^ أ ب إبراهيم القطان ، تيسير التفسير ، صفحة 227، جزء 2. بتصرّف. ↑ سورة الأعراف ، آية:77-78 ↑ مجموعة من المؤلفين (1993)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، مصر:الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، صفحة 1461، جزء 3.
وللمزيد من قصص الانبياء يمكنكم قراءة: قصة نبي الله شعيب عليه السلام مكتوبة بشكل مبسط للأطفال والكبار عبر مستفادة من قصة صالح عليه السلام النبي صالح عليه السلام استعمل مع قومه جميع اساليب الترهيب و الترغيب ، ولم يتوقف عن دعوتهم الى عبادة الله عز وجل بشتى الطرق ، وقد استمر في دعوته بدون كلل او ملل. اذا خالط الايمان القلوب ، واستقر داخل النفوس ، فانه يخلق القوة و الاصرار و الصراحة. كان نبي الله صالح عليه السلام يستعمل الاساليب المنطقية التي تتصف بالحكمة ، قال تعالى: ( لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون). النعم التي يرسلها الله الى عباده كثيرة جدا ، وان لم يحسن الانسان تسخيرها في طاعة الله فانها سوف تنقلب عليه وتتحول الى نقمة. من المهم جدا اتباع تعاليم ديننا ، الدين الاسلامي الذي يمثل الطريق الصحيح لنا في هذه الحياة ، فالله عز وجل رحيم ويتقبل التوبة من العاصي ، فطريق النجاة واحد فقط ليس له بديل وهو الايمان بالله عز وجل واتباع سنة نبيه.