والثانية: الصَّبر، وهو واجبٌ. والثالثة: الرِّضا، وقلنا: إنَّ الراجحَ أنه مُستحبٌّ. إسلام ويب - عون المعبود - كتاب الصلاة - أبواب تفريع استفتاح الصلاة - باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك- الجزء رقم2. والأخير: هو الشُّكر، وهذه درجة عالية مُستحبَّة، يُشكر على البلاء، ويُشكر على المصيبة، وذكرنا نماذج من أحوال السَّلف -رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم- في ذلك. وتبارك اسمك تبارك يعني: كثرت بركةُ اسمك، والبركة تدل على النَّماء والكثرة في الخير، يعني: كثرت بركةُ اسمك، وتكاثر خيرُه، فضلاً عن مُسمَّاه، فالبركة هي ثبوت الخير، وكثرته، ونماؤه، وتعاظمه، وإنما تكون من الله -تبارك وتعالى-، وهذا فيه إشارة -كما ذكر بعضُ أهل العلم- إلى ارتباط أسماء الله -تبارك وتعالى- بالبركة. تبارك اسمك كمل وتعاظم وتقدّس، وكثرت بركته، فإذا كان الاسمُ يُقال فيه ذلك، فالمسمَّى من باب أولى، فالله -تبارك وتعالى- البركة إنما تكون منه، وليست من غيره.
- عن عَلْقَمةَ: أنَّه انطلَق إلى عُمَرَ بنِ الخطَّابِ، قال: فرأَيْتُه قال حينَ افتَتَح الصَّلاةَ: سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبحَمدِكَ، وتبارَك اسمُكَ، وتعالى جَدُّكَ، ولا إلهَ غيرُكَ. الراوي: علقمة بن قيس | المحدث: ابن كثير | المصدر: الأحكام الكبير | الصفحة أو الرقم: 2/407 | خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ كانَ يَجْهَرُ بهَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ يقولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وتَعَالَى جَدُّكَ، ولَا إلَهَ غَيْرُكَ. وَعَنْ قَتَادَةَ أنَّه كَتَبَ إلَيْهِ يُخْبِرُهُ عن أنَسِ بنِ مَالِكٍ، أنَّه حَدَّثَهُ قالَ: صَلَّيْتُ خَلَفَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وأَبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ، فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بـ{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ}، لا يَذْكُرُونَ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أوَّلِ قِرَاءَةٍ ولَا في آخِرِهَا.
يقول الأسود بن يزيد: صليتُ خلف عمر أكثر من سبعين صلاة، فكان يُكبِّر، ثم يقول ذلك [6]. وظاهره أنَّه صلَّى خلفه الفريضة. وعرفنا أنَّ الجهرَ بدعاء الاستفتاح غير مقصودٍ، وإنما يكون ذلك للتَّعليم، وإلا فالأصل الإسرارُ به، وقد ذكرنا الأدلةَ على هذا، ووجه الجمع بينه وبين الأحاديث التي تُصرِّح بأنَّ النبي ﷺ كان يفتتح الصَّلاة بـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، وقلنا: المقصود فيما يُسْمِع مَن وراءه، وأمَّا ما يُسرّ به فهذا كما سأل أبو هريرة النبيَّ ﷺ عمَّا يقوله في سكتته، فدلَّ على أنَّ النبي ﷺ لم يكن يجهر بذلك، ومن هنا سأله أبو هريرة . هذا الذكر قلنا: هو الذي اختاره شيخُ الإسلام -رحمه الله-، ورأى أنَّه الأكمل والأفضل مما ورد من أدعية الاستفتاح [7] ، واختاره قبله أيضًا الإمامُ أحمد -رحمه الله- [8] ، ولكن الإمام أحمد وشيخ الإسلام، كلّ هؤلاء يقولون: لو أنَّه استفتح بشيءٍ مما جاء عن رسول الله ﷺ سوى هذا فلا شيءَ في ذلك. وقد ذكرنا من قبل أنَّ الأفضل والأكمل هو هدي النبي ﷺ، وهو أن يُنوّع بين هذه الأذكار، وأنَّ من أهل العلم -كشيخ الإسلام رحمه الله- مَن أشار إلى أنَّه قد يكون أنفع لبعض المكلَّفين أن يتَّخذ واحدًا من هذه الأذكار بعينه؛ لأنَّه أصلح لحاله، أو نحو ذلك.