[ ص: 135] القول في تأويل فاتحة الكتاب ( الحمد لله): قال أبو جعفر: ومعنى ( الحمد لله): الشكر خالصا لله جل ثناؤه دون سائر ما يعبد من دونه ، ودون كل ما برأ من خلقه ، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد ، ولا يحيط بعددها غيره أحد ، في تصحيح الآلات لطاعته ، وتمكين جوارح أجسام المكلفين لأداء فرائضه ، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق ، وغذاهم به من نعيم العيش ، من غير استحقاق منهم لذلك عليه ، ومع ما نبههم عليه ودعاهم إليه ، من الأسباب المؤدية إلى دوام الخلود في دار المقام في النعيم المقيم. فلربنا الحمد على ذلك كله أولا وآخرا. وبما ذكرنا من تأويل قول ربنا جل ذكره وتقدست أسماؤه: ( الحمد لله) ، جاء الخبر عن ابن عباس وغيره: - 151 - حدثنا محمد بن العلاء ، قال: حدثنا عثمان بن سعيد ، قال: حدثنا بشر بن عمارة ، قال: حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال: قال جبريل لمحمد صلى الله عليهما: قل يا محمد "الحمد لله " قال ابن عباس: "الحمد لله ": هو الشكر لله ، والاستخذاء لله ، والإقرار بنعمته وهدايته وابتدائه ، وغير ذلك. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الفاتحة - القول في تأويل قوله تعالى "الحمد لله "- الجزء رقم1. [ ص: 136] 152 - وحدثني سعيد بن عمرو السكوني ، قال: حدثنا بقية بن الوليد ، قال: حدثني عيسى بن إبراهيم ، عن موسى بن أبي حبيب ، عن الحكم بن عمير - وكانت له صحبة - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قلت "الحمد لله رب العالمين " ، فقد شكرت الله ، فزادك.
وهذا يعني الحمد لله رب العالمين ورب العالمين. نحمده ونشكره على كل نعمه ورحمة الله ورحمته لجميع الناس ، والحمد لله دليل على رضا العبد عن قدر الله ومصيره ، والحمد لله رب العالمين ، لأنه يعني الحمد.. والله يسيطر على كمال صفاته وأفعاله ، ولله الحمد على كل نعمه في الداخل والخارج ، سواء أكانت دينية أم دنيوية. إقرأ أيضا: شريفة ماهر: حسبي الله فيمن خاضوا في عرضي.. فوضت أمري للمنتقم معنى كلمة نيكال في سورة الصراع فضل الحمد الحمد لله تعالى على نعمه الكثيرة ومنها: الحمد هو أحسن كلام الله عز وجل وأحبه ، كما يدل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب أربع أقوال الله: سبحان الله ، الحمد لله. الفرق بين الشكر والحمد - موضوع. … »لا إله إلا الله والله أكثر. لا يضر من أين تبدأ ". أشكر الله القدير على نعمته التي كثرت عليهم وباركتهم ، لأن الله تعالى وعد عباده بذلك عندما قال في سورة إبراهيم تعالى: إنها تزيدكم بالتأكيد. إن أفضل الدعاء إلى الله تعالى هي الدعوات التي تشمل الحمد ، وقائمة على سلطان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لذلك يجب أن نصلي ونسأل الله عز وجل أن يمجد الله عز وجل في فضله ، الأقدار والنعمة علينا. الحمد من عبارات ذكر الله تعالى ، وكذلك من العبارات التي تزيد من ثقل موازين أفعال العبد ، كما يدل على ذلك ما رواه أبو هريرة في سند الرسول صلى الله عليه وسلم.
قيل: بل ذلك كله كلام الله جل ثناؤه ، ولكنه جل ذكره حمد نفسه وأثنى عليها بما هو له أهل ، ثم علم ذلك عباده ، وفرض عليهم تلاوته ، اختبارا منه لهم وابتلاء ، فقال لهم قولوا: ( الحمد لله رب العالمين) ، وقولوا: ( إياك نعبد وإياك نستعين). فقوله ( إياك نعبد) مما علمهم جل ذكره أن يقولوه ويدينوا له بمعناه ، وذلك موصول بقوله: ( الحمد لله رب العالمين) ، وكأنه قال: قولوا هذا وهذا. فإن قال: وأين قوله: "قولوا " ، فيكون تأويل ذلك ما ادعيت ؟ قيل: قد دللنا فيما مضى أن العرب من شأنها - إذا عرفت مكان الكلمة ، [ ص: 140] ولم تشك أن سامعها يعرف ، بما أظهرت من منطقها ، ما حذفت - حذف ما كفى منه الظاهر من منطقها ، ولا سيما إن كانت تلك الكلمة التي حذفت ، قولا أو تأويل قول ، كما قال الشاعر: وأعلم أنني سأكون رمسا إذا سار النواعج لا يسير فقال السائلون لمن حفرتم ؟ فقال المخبرون لهم: وزير قال أبو جعفر: يريد بذلك ، فقال المخبرون لهم: الميت وزير ، فأسقط الميت ، إذ كان قد أتى من الكلام بما دل على ذلك. وكذلك قول الآخر: ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا وقد علم أن الرمح لا يتقلد ، وإنما أراد: وحاملا رمحا ، ولكن لما كان معلوما معناه ، اكتفي بما قد ظهر من كلامه ، عن إظهار ما حذف منه.
ذات صلة الفرق بين الحمد والشكر ما الفرق بين الحمد والشكر الترادف اختلف العلماء في الفرق بين الحمد والشكر، فالبعض يقول بترادفهما؛ أي أنهما ذات معنى واحد وممن قال بذلك ابن جرير الطبري وأبو هلال العسكريّ، والبعض الآخر يرى بأن الشكر أعمّ من الحمد كما يرى ابن كثير، ويقول ابن القيم: "إن الشكر أعم من جهة أنواعه وأسبابه أخص من جهة متعلقاته، والحمد أعمّ من جهة المتعلقات وأخص من جهة الأسباب". الشكر والحمد الشكر: هو الثناء على المحسن بما قدم من معروف، ويكون بين العبد والعبد وبين العبد وربه، ويشتق منه اسم الشكر وهو اسم من أسماء الله الحسنى والشكر نصف الإيمان كما قيل: "الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر"، فإذا تحقق الشكر والإيمان تحققت الغاية التي خلق الإنسان من أجلها. أما الحمد: هو الإخبار عن محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه وذكر صفاته، هو معنى خاص أكثر من أن يكون عاماً، حيث إن الحمد المطلق هو لله سبحانه وحده، وأما بين الناس فهو نسبيّ؛ كأن تحمد أحدهم على أنه كريم أو شجاع وغيرها أو تحمده إن أسدى إليك خدمة وهكذا. الفرق بين الحمد والشكر الشكر أعم وأوسع من الحمد؛ فالشكر لا يكون إلاّ على النعمة، بينما الحمد قد يكون على النعمة أو غيرها، ومنها أن الشكر يكون باللسان والقلب والجوارح؛ باللسان بالثناء والمدح، والقلب بالخضوع لله، أما الجوارح فيكون الشكر فيها بالطاعة، والحمد يكون باللسان وحده ولذلك يرى بعض العلماء أن أعظم صيغ الحمد على الإطلاق هي: (الحمد لله رب العالمين)، وهي ما أثنى الله به على نفسه بها.
شمولية الإسلام الإسلام دين يمتاز عن غيره بالشمولية، وقد كانت شموليته تلك محل جدال واسع أيضا؛ فقد كتب أحد الصحفيين يقول إن شمولية الدين واستمرار فاعليته تكمن في عموميته وتساميه عن الوقائع المتجددة وعدم تدخله بتفاصيل الحياة المتغيرة، فهو يطرح الإجابات عن الأسئلة الوجودية الأساسية حول الحياة والموت، وخلق الكون ومسيره ومآله الأخير، ومصير الإنسان والقيم التي يجب أن تحكم حياته. فيرى الرجل أن الشمولية تعني الاهتمام بالعمومية ولا تعني التدخل في التفاصيل الصغيرة، وهذا سوء فهم فاحش يقع فيه عدد كبير من المفكرين والكتاب، فلا عيب أن يقع فيه جاهل بعد هؤلاء، والحق أن شمولية الإسلام تعني اهتمامه بكل صغيرة وكبيرة وتعني أن الإسلام لم يترك صغيرة ولا كبيرة في حياة الإنسان إلا بين له كيف يستفيد منها، فترى الرجل المسلم يستيقظ من نومه بذكر الله ثم يذهب للوضوء فيدخل الخلاء بقدمه اليسرى وهو يردد دعاءه ثم يستنجي بيده اليسرى ويخرج من الخلاء وهو يردد غفرانك 3 مرات، ويخرج بقدمه اليمنى ثم يذهب ليصلي ويكمل حياته.
شفقنا العراق-الشكر والسكر: وبعكس ذلك، عندما ينتفي هذا الوعي عند الإنسان يكبر الأنا ويبرز ويحتل مساحة واسعة من حياته وشعوره ونفسه، وتختفي حالة العبودية. وهي حالة "السكر" في مقابل "الشكر". فإن الشكر هو الإحساس الواعي بفقر الإنسان إلى الله وحاجته إلى الله تبارك وتعالى. أما "السكر" فهو حالة معاكسة من طغيان الأنا وغناه عن الله تعالى، وبروز الأنا والبطر والرئاء في حياة الإنسان. الشيخ محمد عجب شیر. و"الشكر" و"السكر" ينطلقان من رؤيتين مختلفتين تمام الاختلاف. فالشكر ينشأ من الإحساس بالفقر إلى الله، والسكر ينشأ من الإحساس الكاذب بالاستغناء عن الله. والشكر حالة نابعة من التعلق والارتباط بالله والسكر حالة ناشئة من الانقطاع والانفصال عن الله. ومن عجب أن "الشكر" و"السكر" كلاهما ينشآن من النعمة. فإن النعمة إذا حلّت في النفوس الواعية والمؤمنة تمخض عنها الشكر. وإذا حلت في النفوس الجاهلة والغافلة تمخض عنها السكر: (والبلد الطيبُ يخرجُ نباته بإذنِ ربهِ والذي خبث لا يخرجُ إلاّ نكداً). وأول ما نجد التنبه إلى عَلاقة السكر بالنعمة في النصوص الإسلامية في كلام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) حيث يخاطب المسلمين العرب بعد أن فتح الله سبحانه وتعالى عليهم البلاد، وأغدق عليهم النعمة، وانتعشت حياتهم الاقتصادية، فيقول (عليه السلام): "ثم إنكم معشر العرب أغراض بلايا قد اقتربت، فاتقوا سكرات النعمة واحذروا بوائق النقمة…" (نهج البلاغة الخطبة رقم:١٨٧).
عباد الرحمن؛ ما أجمل السيرة النبوية وأخبارها! وما أعظم دروسها وآثارها! د. معمّر التوبي يكتب: حارة العين.. التاريخ والجمال | شؤون عمانية. وإليكم هذا الخبر. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني مجهود. فأرسل إلى بعض نسائه، فقالت: والذي بعثك بالحق، ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى، فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا، والذي بعثك بالحق، ما عندي إلا ماء، فقال: « من يضيف هذا الليلة رحمه الله! » فقام رجل من الأنصار، فقال: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا إلا قوت صبياني، قال: فعلليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج، وأريه أنا نأكل، فإذا أهوى ليأكل، فقومي إلى السراج حتى تطفئيه، قال: فقعدوا وأكل الضيف، فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: « قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة »؛ [أخرجه الشيخان، وهذا لفظ مسلم]. إخوة الإيمان؛ تعالَوا إلى بعض الوقفات مع هذا الخبر: 1- كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثابةً للمؤمنين عند حاجتهم وكربهم؛ فهذا الجائع المجهود توجه إلى رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يطل العرض، ولم يسهب في الشرح، وإنما عرض حاجته؛ قال الراوي: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني مجهود)؛ ليلقى التجاوب السريع والاهتمام التام بحاله، وقضاء حاجته.
المملكة العربية السعودية ص. ب 80200 جدة 21589 هاتف: 6952000 12 966+ سياسة الخصوصية والنشر - جامعة الملك عبدالعزيز جميع الحقوق محفوظة لجامعة الملك عبدالعزيز 2022©