وكما في قوله تعالى عن حدود الزنا {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا} الإسراء 32. تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا: فما هو الإقتراب: ـ قرب: القاف والراء والباء أصل صحيح يدل على خلاف البعد. كقوله تعالى {إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً} المعارج 7. ونقول: ما قربت هذا الأمر ولا أقربه إذا لم تأته ولم تلتبس به. وقرابة الملك وزراؤه وجلساؤه، والقرب في الثوب خاصرته لقربها من الجنب.
هذا هو الفرق بين (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا)، وبين (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا)، هذا حدٌ بين الحلال والحرام، وهذا حدٌ دون جريمة عظيمة يعاقب الله عليها عقاباً عظيماً.
2-سياج في المجتمع. 3-سياج في الدولة. أما السياج في النفس، فالتقوى، فإنها تقي الناس من السقوط في المعاصي. وأما السياج في المجتمع، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن هذه الفريضة تحفظ المجتمع من السقوط في الحرام، وتحفظ حدود الله سبحانه. وأما السياج في الدولة، فهو نظام الرقابة الاجتماعية، والحسبة التي تضطلع بها الدولة في الإسلام. خاتمة: هذا ولنختم حديثنا بعد الإشارة إلى السياج الواقي للمكلف عن تعدي حدود الله سبحانه وتعالى بالإشارة إلى بعض العواصم والمزالق من خلال ما جاء عن أهل البيت(ع)، خصوصاً وأن معرفة العواصم والمزالق تنفع الإنسان في تقويم سلوكه والحذر من الوقوع في معصية الله، وتحصين نفسه من اغراءات الفتـن والشيطان. المزالق: من المزالق: 1-التفكير في الحرام: وقد ورد النهي عنه، وذلك أن التفكير في الحرام يلوث جو النفس ويسلبها المناعة، ويمكّن الشيطان من استدراج الإنسان إلى الحرام. {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا}، وقوله تعالى:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} ؟. فقد روي عن عيسى بن مريم(ع) أنه كان يقول: إن موسى أمركم ألا تقربوا الزنا، وأنا آمركم ألا تحدثوا أنفسكم بالزنا، فإن حدّث نفسه بالزنا كان كمن قد أوقد ناراً في بيت مزوّق، فأفسد التزاويق الدخان، وإن لم يحترق البيت[24].
يستعمل القرآن كلمة العدوان على حدود الله بمعنى تجاوزها واختراقها. ومن يتجاوز حدود الله يظلم نفسه، وذلك أن الله تعالى حدّ هذه الحدود لمصلحة الإنسان، ومن يتجاوز حدود الله يتجاوز ما يصلحه وينفعه، ويتجاوز حدود العبودية لله تعالى، وكل منهما من ظلم الإنسان لنفسه. يقول تعالى: { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [1]. { وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [2]. { وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [3]. المتاخمة لحدود الله والحالة الأخرى التي ينهى القرآن عنها هي حالة المتاخمة لحدود الله، وهي أن يتحرك الإنسان بالقرب من منطقة الحرام، وهذه المنطقة غير آمنة بالطبع، وقد نهانا الله تعالى عن القرب من حدوده. قال تعالى: { تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} [4]. من يتعد حدود الله فاوليك هم الظالمون. والخطر الذي يهدد الإنسان في هذه المنطقة على نحوين، فقد يختلط في هذه المنطقة الحلال بالحرام نتيجة للقرب من حدود الحرام، فيرتكب الإنسان الحرام من حيث لا يعلم، وهذه هي منطقة الشبهة التي ينزلق فيها الإنسان إلى الحرام نتيجة للجهل وعدم التمييز وعدم الاحتياط والتحفظ من الحرام، كما يحصل ذلك في معاملات الصرف والقروض المتاخمة للربا.
تلك الأحكام الشرعية هي الفاصلة بين الحلال والحرام، فلا تتجاوزوها، ومن يتجاوز حدود الله بين الحلال والحرام؛ فأولئك هم الظالمون لأنفسهم بإيرادها موارد الهلاك، وتعريضها لغضب الله وعقابه. المزيد ﵟ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﰍ ﵞ سورة النساء ومن يعص الله ورسوله بتعطيل أحكامه وترك العمل بها، أو الشك فيها، ويتجاوز حدود ما شرعه؛ يدخله نارًا ماكثًا فيها، وله فيها عذاب مُذِلّ.