كتاب أسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني.. السيرة الذاتية لعبد القاهر الجرجاني ينحدر الجرجاني من أصل فارسي ، لم تذكر المصادر التاريخية سنة مولده مثلما ذكرت سنة وفاته 471 للهجرة او 474 هـ ومكان ولادته جرجان ،وبذلك يكون قد عاش خلال القرن الخامس الهجري وهو قرن لغة وأدب وعلم زاهر ، نشأ في كنف أسرة فقيرة ،محبا للثقافة والعلم ، تتلمذ على يد أبي الحسين بن الحسن بن عبد الوارث الفارسي ، والقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني قاضي جرجان. عرف عنه حسن الخلق والورع والتزام الدين وغزارة العلم ، أخذ عنه الكثير علم النحو والصرف وعلوم البلاغة ، التي يعد مؤسسها الحقيقي عبر كتابيه الشهيرين: دلائل الإعجاز الذي أبدع فيه نظريته المعروفة ، باسم نظرية النظم أو التعليق وكتاب أسرار البلاغة الذي سنأتي إلى التفصيل فيه. وله في النحو والصرف كتب منها: كتاب أسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني المغني وهو شرح لكتاب الإيضاح في النحو لأبي علي الفارسي. كتاب المقتصد وهو ملخص للإيضاح.
[٦] فيقول: "ولا نظن الواسطيّ بنى إلّا على ما ابتدأه الجاحظ، كما بنى عبد القاهر في دلائل الإعجاز على الواسطي"، وهذا الكلام ينمّ على اطّلاع الرافعي على بعض المصادر التي تشير -ربّما- إلى تأثّر عبد القاهر الجرجاني بالواسطي، وكذلك ممّن سبق عبد القاهر إلى فكرة النظم إمام اللغة الجاحظ في كتابه "إعجاز القرآن بالنظم"، ولكنّ هذا الكتابَ مفقودٌ أيضًا ولم يصل إلى الناس. [٦] وأيضًا ممّن سبق الإمام عبد القاهر إلى نظرية النظم أو فكرة النظم عمومًا أبو هلال العسكري في كتابه "الصّناعتين" عندما أفرد بابًا لبيان الإعجاز بالنظم وهو الباب الرابع وهو بعنوان: "في البيان عن حسن النظم وجودة الرصف والسبك، وخلاف ذلك"، وكذلك كان ممّن سبق الإمام عبد القاهر القاضي عبد الجبار المعروف بالقاضي عبد الجبّار المعتزلي. [٦] فيمكن القول إنّ فكرة النظم قد ظهرت كأوضح ما تكون في الصراع الذي ظهر في وقتٍ تمازجت فيه الثقافات، فظهرت طائفةٌ تدافع عن الفلسفة اليونانيّة التي قد دخلت إلى الثقافة العربيّة منذ وقت ليس ببعيد، وفي المقابل ظهرت طائفةٌ أخرى تدافع عن التراث العربي بشراسة، وأكبر الأمثلة على هذا الصراع المناظرة التي حدثت بين أبي سعيد السيرافي النَّحْوي من جهة وبين متى بن يونس من جهة أخرى، وكان ذلك في مجلس الوزير المعروف الفضل بن جعفر بن الفرات.
انتقل إلى عبد القاهر علم السابقين فتأثر به، وظهر ذلك جليًا في مؤلفاته مثل: المغني والمقتصد؛ الإيجاز؛ التكملة؛ التذكرة؛ المفتاح؛ الجمل؛ العوامل المائة؛ النحو؛ التخليص؛ العمدة في التصريف؛ كتاب شرح الفاتحة؛ إعجاز القرآن الصغير؛ إعجاز القرآن الكبير؛ الرسالة الشافية؛ دلائل الإعجاز، أسرار البلاغة. يلاحظ المشتغلون بعلم اللغة أن عبد القاهر قد سبق في دلائل الإعجاز الكثيرين من الباحثين الغربيين بعدّة قرون في عديد من الأفكار؛ فقد سبق الفيلسوف الإنجليزي جون لوك في الإشارة إلى عملية الاتصال اللغوي، وسبق العالمين دي سوسير وأنطوان مييه في كثير من أصول التحليل اللغوي، وسبق العالم الألماني فنت في أصول مدرسته الرمزية، وسبق العالم الأمريكي تشومسكي في الكثير من أصول مدرسته التحويلية التوليدية. نقلا عن الموسوعة العربية العالمية