موقع شاهد فور

العدل في الاسلام

July 1, 2024

فإذا كان من مهمة القضاء إحقاق الحق من خلال فصل الخصومات وإرجاع الحقوق إلى أصحابها، فإنّ هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلاّ من خلال تطبيق أسس العدالة التي شرعها الله سبحانه وتعالى للناس جميعاً. العدل في الإسلامية. وقد حثّ الإسلام على تحقيق العدل، وعدّه الله سبحانه وتعالى مقصداً من مقاصد التشريع الإسلامي، فالمتأمل لأحكام التشريع المختلفة يجد مدى حرص الشريعة الغراء على تحقيق العدل من خلال أحكامها المختلفة التي تحرص على العدل بجميع أنواعه، سواء أكانت الأحكام تنظم علاقة المسلم بربه، أم بنفسه، أم بغيره. ويتجلّى العدل في الشريعة الإسلامية في الرحمة الإلهية التي تعمّ العالم كلّه بما فيه، ومن فيه، تلك الرحمة التي لا تفرّق بين الناس الذين هم جميعاً خلق الله يحكم بينهم بالعدل ويشملهم برحمته. إن من وظيفة العدل في الإسلام؛ المساواة بين جميع المسلمين أمام تشريعاته، فلا يعفى منها أحد دون سبب يقتضيه، حتى ولو كان نبياً من أنبياء الله الذين اصطفاهم، بل إنّ مسؤولية الإنسان تعظم بعظم المهمة التي نشأت عنها. كما جاء العدل في الإسلام ليوازن بين مصلحة الفرد والمجتمع بحيث لا تطغى مصلحة على الأخرى، فلم يعطِ للفرد حق التصرف في استخدام حقه بما يؤدي إلى الضرر بغيره، بل شرع مبدأ المحافظة على حق الغير سواء كان ذلك الغير فرداً أو مجتمعاً.

العدل في الإسلامية

عدل الرسول مع غير المسلمين لقد جاءت كل هذه الأحاديث بألفاظ عامة تشمل المسلمين وغير المسلمين؛ فالظلم مرفوض بكل صوره، ومحرَّم مهما كانت الظروف، وليس الاختلاف في العقيدة، أو في العرق والنسب، أو في العلاقة والرابطة القبلية مبرِّرًا أبدًا لأي درجة من درجاته. ومع هذا الوضوح في التعبير إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يقطع السبيل على كل مسلم في أن يعتقد أن الظلم مسموح به -ولو بدرجة يسيرة- مع غير المسلمين، فقال في كلمات رائعة ما يجب أن نحمله إلى كل إنسان على سطح الأرض؛ ليعلم من هو رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ مَنْ ظَلَمَ‏ مُعَاهِدًا أَوِ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَو أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا ‏حَجِيجُهُ‏ ‏يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [6]. ولم تكن هذه الكلمات الرائعة والمعاني النبيلة مجرد قواعد نظرية لا مكان لها في حياة الناس، بل كان لها الانعكاس الواضح على كل مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم وتصرفاته؛ فكان يُبْرِزُ هذا المعنى بجلاء في كل معاهداته وارتباطاته، ويحرص على توفير العوامل المساعدة لإتمامه على أكمل وجه.. عدل الرسول مع اليهود ففي معاهدات الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود -مثلاً- عند هجرته صلى الله عليه وسلم للمدينة أبرز هذا المعنى بصورة جليَّة في نصوص المعاهدة؛ فكان منها: «وَإِنَّهُ لَمْ يَأْثَمِ امْرُؤٌ بِحَلِيفِهِ، وَإِنَّ النَّصْرَ لِلْمَظْلُوم ِ » [7].

مفهوم العدل في الاسلام

فكانت هذه القاعدة على سبيل التصريح بأن الظلم غير مقبول مطلقًا، وأن النصر للمظلوم سواء كان هذا المظلوم مسلمًا أو يهوديًّا، وهو ما أيَّده الواقع بعد ذلك.. وكانت بنود المعاهدة كلها مما ينطق بالعدل ويؤكده. وعندما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسل رجلاً إلى خيبر لتنفيذ ما اتفق عليه المسلمون واليهود بعد فتح خيبر من قَسْمِ ثمار خيبر بين الطائفتين، أرسل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، وكان العدل هو سمته البارزة، حتى إن بعض اليهود لما اعترضوا على طريقة التقسيم قال كلمته المشهورة: «يا معشر اليهود، أنتم أبغض الخلق إليَّ، قتلتم أنبياء الله عز وجل، وكذبتم على الله، وليس يحملني بغضي إياكم أن أحيفَ عليكم» [8]. فالظلم غير مسموح به حتى وإن كان الحكم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلى قلب ابن رواحة رضي الله عنه، واليهود أبغض الناس إليه. عدل الرسول مع النصارى ومثلما ركز الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه المعاني في معاهدته مع اليهود، فَعَل الشيء نفسه عندما تعاهد مع النصارى ، فقد قال صلى الله عليه وسلم في معاهداته مع نصارى نجران: «وَلاَ يُؤْخَذُ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِظُلْمِ آخَرَ» [9]. حل درس العدل في الإسلام تربية إسلامية صف تاسع فصل ثاني – مدرستي الامارتية. ولضمان استمرار العلاقة بين المسلمين والنصارى على أساس العدل، قرَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسل مع نصارى نجران رجلاً يباشر تنفيذ ما اتفقوا عليه، على أن تكون أهم صفات هذا الرجل هي الأمانة.. وعلى الرغم من أن الأمانة صفة لازمة في كل الصحابة ن، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اختار من تبلغ فيه هذه الصفة حدَّ الكمال، حتى يصفه بقوله النبي صلى الله عليه وسلم: «لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ» [10].

قيمة العدل في الاسلام

انظر: صحيح الترغيب والترهيب 2229، وانظر: صحيح الجامع 3382.

درس العدل في الاسلام

وفي السيرة النبوية بيانٌ لأهمية منصبِ القضاء، والبُشرَى لمن قضى بالحقِّ، والنذير لمن أهلك حقوقَ الناس؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاضٍ في الجنة؛ رجلٌ قضى بغير الحق فعلم ذاك فذاك في النار، وقاضٍ لا يَعلَمُ فأهلك حقوقَ الناس فهو في النار، وقاضٍ قضى الحقَّ فذلك في الجنة))؛ (الترمذي).

- وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: "أنَّ قريشًا أهمَّهم شأن المرأة التي سَرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح، فقالوا: من يكلِّم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: « أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟! مفهوم العدل في الاسلام. ». فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله. فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال « أما بعد: فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وإني - والذي نفسي بيده - لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها » (رواه البخاري: [3475]، ومسلم: [1688])، ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقُطعت يدها. نماذج من عدل الصحابة رضي الله عنهم عدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: - عن عطاء: قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمر عماله أن يوافوه بالموسم، فإذا اجتمعوا قال: "أيها الناس، إني لم أبعث عمالي عليكم ليصيبوا من أبشاركم ولا من أموالكم، إنما بعثتهم ليحجِزوا بينكم، وليقسموا فيئكم بينكم.

والعدل يشيع الحب بين الناس ، وبين الحاكم والمحكوم ويبعث على الود وتبادل الاحترام. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ متابعات

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]