أحمد الأميري قول الله تبارك وتعالى مخاطباً رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن القرآن الكريم، وعن الهدف من تنزيله: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]. فالقرآن الكريم، هذا الكتاب المعجزة، ذو الخصائص العجيبة، والمزايا التي لا تُحصى، ومنها التعبّد بمجرد تلاوته، ونيل الحسنات بمجرد قراءته، إلا أن المقصد الأول من إنزاله هو (تدبّرُ) آياته، وتذكُّر أصحابِ العقولِ والأفهام، ليعيشَ به المسلمون في واقع حياتهم، بل لتعيش به الإنسانية سعادةَ الدنيا والآخرة. و(التدبّر) هو المرحلة التي تسبق العمل. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة ص - الآية 29. ومن هنا نتساءل: ما أهميةُ القراءة بدون فهم وتدبر؟ وما أهمية الفهم بدون تطبيق، ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 3]. وإذا نظرنا إلى واقعنا نحن المسلمين مع القرآن نجد أنه واقع مؤرّق. وعلاقتنا به يحكمها الهجر والعقوق حتى لكأنَّ بعض علِل الأمم السابقة التي حذّر منها القرآن قد تسرّبت إلينا! قال تعالى واصفاً حال اليهود: ﴿ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ ﴾ [البقرة: 78]، وقد نقل الإمام ابن تيمية رحمه الله في تفسير هذه الآية أن الأميين هنا هم غير العارفين بمعنى ما يقرؤون، يعلمونه ويقرؤونه بلا فهم، لا يدرون ما فيه، وقوله: ﴿ إِلَّا أَمَانِيَّ ﴾ أي: تلاوةً، لا يعلمون فقه الكتاب، إنما يقتصرون على ما يُتلى عليهم [1].
إعراب الآية 29 من سورة ص - إعراب القرآن الكريم - سورة ص: عدد الآيات 88 - - الصفحة 455 - الجزء 23.
التدبر " من مادة دبر، وهو تحقيق وبحث نتائج الشئ وعواقبه، بعكس " التفكر " الذي يقال غالبا عن علل الشئ وأسبابه، واستعمل كلا التعبيرين في القرآن. لكن، ينبغي أن لا ننسى أن الاستفادة من القرآن تحتاج إلى نوع من تهذيب النفس وجهادها، وإن كان القرآن بنفسه معينا في تهذيبها، لأن القلوب إذا كانت (٣٧٨) الذهاب إلى صفحة: «« «... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383... » »»
السلام عليكم ورحمة الله: إنَّ معنى قولِه تعالى (وكواعبَ أترابا) هوَ ما ذهبَت إليهِ طائفةٌ مِن أهلِ العلمِ والتّفسيرِ, وسنقتصرُ في بيانِ هذهِ الآيةِ على ثلاثةِ مصادرَ: أحدُها: ما وردَ في تفسيرِ مجمعِ البيانِ للشّيخِ الطّبرسيّ, إذ بيّنَ المُرادَ منَ الآيةِ مِن حيثُ اللّغةُ, ومِن حيثُ المعنى المُرادِ منَ الآيةِ وفقَ ما عليه جمهورُ المُفسّرينَ, فمِن حيثُ اللّغةُ: قالَ: والكواعبُ: جمعُ الكاعبِ، وهيَ الجاريةُ التي نهدَ ثدياها. والأترابُ: جمعُ التّربِ. كواعب اترابا شرح برنامج. وهيَ اللّدّةُ التي تنشأ مع لدّتِها على سنِّ الصّبيّ الذي يلعبُ بالتّرابِ. وأمّا مِن حيثُ المعنى المُرادِ منَ الآيةِ, فقالَ الطّبرسيُّ: (وكواعبَ أترابا) أي جواري تكعّبَ ثديُهنَّ مستوياتٍ في السّنِّ ، عَن قتادةَ، ومعناهُ: إستواءُ الخلقةِ والقامةِ والصّورةِ والسّنِّ، حتّى يكُنَّ مُتشاكلاتٍ، وقيلَ: أتراباً على مقدارِ أزواجهنَّ في الحُسنِ والصّورةِ والسّنِّ ، عَن أبي عليٍّ الجبائيّ. وثانيها: ما وردَ في تفسيرِ كنزِ الدّقائقِ وبحرِ الغرائبِ للشّيخِ الميرزا محمّدٍ المشهديّ (ج 14/ص115), إذ نقلَ عَن تفسيرِ عليٍّ بنِ إبراهيم: قولَه: « وكَواعِبَ أتراباً » قالَ: جوارٍ وأترابٌ لأهلِ الجنّةِ.
وفي حديث الصور الطويل المشهور أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشفع للمؤمنين كلهم في دخول الجنة فيقول الله: قد شفعتك وأذنت لهم في دخولها.
وقوله: ( عربا) قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: يعني متحببات إلى أزواجهن ، ألم تر إلى الناقة الضبعة ، هي كذلك. وقال الضحاك ، عن ابن عباس: العرب: العواشق لأزواجهن ، وأزواجهن لهن عاشقون. وكذا قال عبد الله بن سرجس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو العالية ، ويحيى بن أبي كثير ، وعطية ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم. وقال ثور بن زيد ، عن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن قوله: ( عربا) قال: هي الملقة لزوجها. وقال شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة: هي الغنجة. وقال الأجلح بن عبد الله ، عن عكرمة: هي الشكلة. وقال صالح بن حيان ، عن عبد الله بن بريدة في قوله: ( عربا) قال: الشكلة بلغة أهل مكة ، والغنجة بلغة أهل المدينة. وقال تميم بن حذلم: هي حسن التبعل. وقال زيد بن أسلم ، وابنه عبد الرحمن: العرب: حسنات الكلام. وقال ابن أبي حاتم: ذكر عن سهل بن عثمان العسكري: حدثنا أبو علي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( عربا) قال: " كلامهن عربي ". وقوله: ( أترابا) قال الضحاك ، عن ابن عباس يعني: في سن واحدة ، ثلاث وثلاثين سنة. كواعب اترابا شرح كتاب. وقال مجاهد: الأتراب: المستويات. وفي رواية عنه: الأمثال. وقال عطية: الأقران.
ولما كان كاعب وصفا خاصا بالمرأة، لم تلحقه هاء التأنيث، وجمع على فواعل. انتهى. كواعب اترابا شرح درس. وأما الأتراب فهي كما قال رحمه الله: جمع تِرْب بكسر، فسكون: وهو المساوي غيره في السن، وأكثر ما يطلق على الإناث. قيل هو مشتق من التراب فقيل لأنه حين يولد يقع على التراب مثل الآخر، أو لأن الترب ينشأ مع لدته في سن الصبا يلعب بالتراب، وقيل مشتق من الترائب تشبيها في التساوي بالترائب، وهي ضلوع الصدر فإنها متساوية. انتهى. فليس في الآية كما يظهر عبارة تخدش الحياء، وإنما جاء فيها وصف نساء الجنة لبيان جمالهن، وما يستحسن فيهن من مظاهر صغر السن، وأنهن متساويات، متآلفات، لا تفاوت بينهن، يدعو الزوج لتقديم بعضهن عن بعض، أو لأنهن أتراب لأزواجهن، وهذا يوافق طباع النفوس السوية. والله أعلم.
قلت: أخبرني عن قوله: ( فيهن خيرات حسان) [ الرحمن: 70]. قال: " خيرات الأخلاق ، حسان الوجوه ". قلت: أخبرني عن قوله: ( كأنهن بيض مكنون) [ الصافات: 49] ، قال: " رقتهن كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشر ، وهو: الغرقئ ". القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة النبإ - الآية 33. قلت: يا رسول الله ، أخبرني عن قوله: ( عربا أترابا). قال: " هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رمصا شمطا ، خلقهن الله بعد الكبر ، فجعلهن عذارى عربا متعشقات محببات ، أترابا على ميلاد واحد ". قلت: يا رسول الله ، نساء الدنيا أفضل أم الحور العين ؟ قال: " بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين ، كفضل الظهارة على البطانة ". قلت: يا رسول الله ، وبم ذاك ؟ قال: " بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله عز وجل ، ألبس الله وجوههن النور ، وأجسادهن الحرير ، بيض الألوان ، خضر الثياب ، صفر الحلي ، مجامرهن الدر ، وأمشاطهن الذهب ، يقلن: نحن الخالدات فلا نموت أبدا ، ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا ، ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا ، طوبى لمن كنا له وكان لنا ". قلت: يا رسول الله ، المرأة منا تتزوج زوجين والثلاثة والأربعة ، ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون معها ، من يكون زوجها ؟قال: " يا أم سلمة ، إنها تخير فتختار أحسنهم خلقا ، فتقول: يا رب ، إن هذا كان أحسن خلقا معي فزوجنيه ، يا أم سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة ".