ونَهَى عن إضاعةِ المالِ بصَرفِ المالِ في غيرِ مَحلِّه وحَقِّه ووُجوهِه الشَّرعيَّةِ، بإنفاقِه في المَعاصي، والإسرافِ فيما لا يُرضي اللهَ، والعَدلُ في النَّفقةِ هو الأخذُ بالوَسطِ بين طَرَفَيِ الإفراطِ والتَّفريطِ، وبما يَكونُ به بِناءُ مَصالحِ الدُّنيا والآخِرةِ.
وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) يقول تعالى ذكره: وَقَضَى رَبُّكَ يا محمد أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ، ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) فموضع تقتلوا نصب عطفا على ألا تعبدوا. ويعني بقوله (خَشْيَةَ إمْلاقٍ) خوف إقتار وفقر، وقد بيَّنا ذلك بشواهده فيما مضى، وذكرنا الرواية فيه، وإنما قال جلّ ثناؤه ذلك للعرب، لأنهم كانوا يقتلون الإناث من أولادهم خوف العيلة على أنفسهم بالإنفاق عليهن. ولا تقتلوا اولادكم خشية املاق. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ): أي خشية الفاقة، وقد كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الفاقة، فوعظهم الله في ذلك، وأخبرهم أن رزقهم ورزق أولادهم على الله، فقال ( نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا). حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (خَشْيَةَ إمْلاقٍ) قال: كانوا يقتلون البنات. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) قال: الفاقة والفقر.
وكأن الخطأ الإثم ، وقد يكون في معنى خطأ بالقصر ، كما قالوا: قتب وقتب وحذر وحذر ونجس ونجس. ومثله قراءة من قرأ: (هم أولاء على أثري) وإثري. والنافلة: ما يكون زيادة على الفرض. والعجوة: أجود تمر المدينة ، كما في اللسان وتؤتبر: تصلح بالإبار ، ليجود ثمرها.
وقال زيد بن ثابت: الزوجُ سيد في كتاب الله، وقرأ قوله تعالى: ﴿ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ﴾ [يوسف: 25]، وقال عمر بن الخطاب: النِّكاح رِقٌّ، فلْيَنْظُر أحدكم عند مَن يرقُّ كريمته، وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((استَوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هنَّ عندكم عوان))، فالمرأةُ عند زوجها تُشبه الرقيق والأسير، فليس لها أن تخرجَ مِن منزله إلا بإذنه؛ سواء أمَرَها أبوها أو أمُّها أو غير أبويها باتفاق الأئمة. أصلحَ الله أحوالَكما وأحوال المسلمين
قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة ولطاعته زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها. وقال ابن قدامة رحمه الله ولا يجوز لها الخروج إلا بإذن الزوج ولكن لا ينبغي للزوج منعها من عيادة والديها وزيارتهما لأن في ذلك قطيعة لهما وحملا لزوجته على مخالفته وقد أمر الله تعالي بالمعاشرة بالمعروف وليس هذا من المعاشرة بالمعروف فقد قال الله تعالي في سورة النساء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)}.
فتذهب دون رضا الزوج إذا أمنت الطريق على نفسها ، كما يجوز لها أن تخرج دون إذن إذا لم يتمكن الزوج من إعطائها نفقتها ، فتخرج لتنفق على نفسها مع أمن الفتنة. وعند الخلاف مع زوجها ، الأصل أن لا تخرج من بيت الزوجية ، فإن خروجها قد يزيد الخلاف ، فإذا كان خروجها ضرورياً ، كأن يكون بقاؤها في بيت الزوج يسبب لها ضرراً نفسياً أو بدنياً. فتخرج حينئذ ، فإن لم يكن شيء من ذلك فلتخبره بأنها ستخرج ربما تهدأ النفوس ، وتعود بعد ذلك. وهذا كله يحكمه الظرف والسبب ، ولكل حال تقديره. شاهد أيضاً الوطن والمواطنة في ميزان الشريعة الإسلامية التحوط في المعاملات المالية بحث التحوط في المعاملات المالية