موقع شاهد فور

خاطرة عن الهدوء — ومن اظلم ممن ذكر بايات ربه

June 28, 2024

الحياة مليئة بالحكم، ومن يلتقط الحكمة ويعمل فيها فقد كسبَ معركتَه معها، وهي بحرٌ عميقٌ جدًا متلاطم الأمواج، لا يعترف بمن لا يُتقن فن العوم، ولا يأبه بمن لا يتعلمون مهارة الصيد، وعلى الرغم من الهدوء الظاهر في وجه الحياة أحيانًا، إلّا أنها تُكشّر عن أنيابها في أوقاتٍ كثيرة، والإنسان الواعي يستطيع العمل لحياته الدنيا ليكسب العيش فيها، وفي نفس الوقت يعمل لحياته الآخرة لأنها الحياة الأبقى، ومن يفعل الخير فيها فقد قدّم الخير لحياته الباقية. ومهما اختلفت طريقة العيش فيها، فالحياة لا تنتظر أحدًا، ولا تعد للخلف أبدًا، بل تمضي بكلّ ما فيها من متغيرات، ولا تتوقف للراحة، ولا تُحبُّ من يركن إليها دون عمل، كما أنها لا تتمسّك بمن لا يعرفون قيمتها، لهذا توقف قليلًا وفكر في حياتك برهة، وامنح نفسك دافعًا كبيرًا لتعيشها بقدرة ونجاح، ولا تكن شخصًا هامشيًّا فيها، فحياة كلّ شخص هي مسؤوليتُه وحده. لقراءة المزيد من الخواطر، انظر هنا: خواطر عن الحياة.

خواطر تحفيزية

الحياة بكلِّ ما فيها من مظاهر وغموض وأشخاص وكائنات، ما هي إلّا رحلة قصيرة لا بدّ أن تنتهيَ يومًا بالموت، لكن رغم هذا لا بدّ من فهم الحياة بفلسفتها الخاصة؛ فمن يقصُرُ عن يفهمها لا يمكن أن يعيَ مقدار جمالها، والمتفكّر في معاني الحياة يُدرك أنّها معقدة وبسيطة في آنٍ معًا، ومن أراد أن يجتاز مشواره فيها بنجاح، لا بدّ من أن يعي الطريقة الملائمة للعيش، فهي تُعطي الدروس للأحياء وتمنحهم الكثير من الفرص لاجتياز اختباراتها الصعبة. والأهمّ من كلّ شيء هو الالتزام بمبادئها الصحيحة، فالحياة صديقة المتفائلين وعدوّة المتشائمين، لهذا يقضي البعض حياته بلا فائدة، ويموت دون أن يُحقق شيئًا فيها، بينما يعيشها البعض الآخر بكامل جمالها وإنجازاتها، فيبقى اسمه مخلدًا في سجل من عاشوا فيها. تتغير النظرة إلى الحياة بين الكبير والصغير وبين الرجل والمرأة وبين الطفل والعجوز، لكن مهما كانت هذه النظرة مختلفة، يجب القفز عن ذكرياتها الحزينة، والاهتمام بكل ما يجلب الفرح فيها، فالحياة رواية فيها الأبطال وفيها الأشخاص المهمشين، فالأبطال فيها هم الذين عرفوا كيف يعيشونها بمهارة. أما المهمّشون فهم الذين توقفوا عند أول عثرة فيها، ولم يحاولوا البحث عن الخلل، لأن الحياة لا تُقدّم الفرص على طبقٍ من ذهب، بل تُكافئ المجتهد، وتُعلي من شأن من يتعب على نفسه، وتتخلى عن الكُسالى الذين لا يُكلفون نفسهم عناء البحث عن الفرص فيها، ولا يُحاولون تعلّم أي مهارة منها.

الهدوء يمثل حالة من الاسترخاء، والسلام.. والبعد عن الاضطراب.. وهو معنى جميل ولكن ضاعت ملامحه في زمن مليء بالقلق والتوتر.. وتستطيع الوصول إلى حالة من الهدوء عن طريق البعد عن أماكن الضوضاء.. ثمّ إغماض العينين.. ومحاولة التنفس بعمق.. ثمّ تركيز العقل على شيء ما، ثمّ محاولة الاسترخاء. العمل والراحة وجهان لعملة واحدة.. ففي العمل تشعر أنك تنجز وتنمو وتتقدم.. و في الراحة التي تحصل عليها تشعر بالهدوء النفسي الذي يساعدك في إنجاز أكبر في عملك. منحني الله الشجاعة للإقبال على تغيير الأشياء.. لذا أقوم بتغييرها.. ومنحني الهدوء لأتقبل ما أعجز عن تغييره.. كما منحني الحكمة لمعرفة الفرق بين الأمرين. هدوء صريح.. وللبعض قبيح.. ولكنّه للنفس مريح.. تأتي للروح المتعبة المنهكة.. كالطفل الجريح تقبلها، ‬تهدهدها.. وتلقي بها في مهد السبات لتستريح. ارتياح يصاحب الروح.. مع حفيف الأغصان في سكون الليل.. كل شيء له أنغام.. سكنات وتنهيدات تصاحب الآهات في الأنام.. وغمضة جفنٍ.. وأخرى تجرُّ من الحلم خلفها أحلام. إنّ الإنسان الهادئ هو الذي يستطيع أن يفوز بقلوب الآخرين.. الهدوء بكل ما يعنيه من معنى قادر على صناعة العجائب.. والتأثير على النفوس الغليظة.. العنف يولد العنف.. والغضب يولد الغضب.. أمّا الهدوء فإنّه يطفئ الغضب كما يطفئ الماء النار.

( وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا) أي: صمما يمنعهم من وصول الآيات، ومن سماعها على وجه الانتفاع وإذا كانوا بهذه الحالة، فليس لهدايتهم سبيل. ( وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) لأن الذي يرجى أن يجيب الداعي للهدى من ليس عالما، وأما هؤلاء، الذين أبصروا ثم عموا، ورأوا طريق الحق فتركوه، وطريق الضلال فسلكوه، وعاقبهم الله بإقفال القلوب والطبع عليها، فليس في هدايتهم حيلة ولا طريق وفي هذه الآية من التخويف لمن ترك الحق بعد علمه، أن يحال بينهم وبينه، ولا يتمكن منه بعد ذلك، ما هو أعظم مرهب وزاجر عن ذلك.

تفسير قوله تعالى ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها.. - إسلام ويب - مركز الفتوى

﴿ تفسير الطبري ﴾ القول في تأويل قوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57)يقول عزّ ذكره: وأي الناس أوضع للإعراض والصدّ في غير موضعهما ممن ذكره بآياته وحججه، فدله بها على سبيل الرشاد، وهداه بها إلى طريق النجاة، فأعرض عن آياته وأدلته التي في استدلاله بها الوصول إلى الخلاص من الهلاك ( وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) يقول: ونسي ما أسلف من الذنوب المهلكة فلم يتب، ولم ينب. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ): أي نسي ما سلف من الذنوب.

انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 53679. ومع أن هذه الآية تعني في الأصل إعراض الجحود والتكذيب، إلا أن من علم من المسلمين الحكم الشرعي في أمر ولم يستجب لحكم الله فيه، فقد يكون له نصيب من هذه الآية من جهة عدم استجابته للحق، لا أنه يكفر بذلك، والواجب على المسلم اجتناب الذنوب جميعاً صغيرها وكبيرها، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 25998 للمزيد من الفائدة. والله أعلم.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]