وفي روايةٍ: «مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ؛ ثم قرأ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34]» رواه البخاري. اشتمل الحديثُ على أصلٍ عظيمٍ من أصول الإيمان، وثوابتِ العقيدة، وهو أنَّ عِلْمَ الغيب من العلم الذي استأثر اللهُ تعالى به لنفسه، وبِيَدِه وحدَه خزائِنُه، فلا يعلم الغيبَ أحدٌ إلاَّ اللهُ، لا مَلَكٌ مقرَّب، ولا نَبِيٌّ مُرسل، فضلاً عمَّن دونهما. ولذا قالت أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًاً صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ؛ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَاللَّهُ يَقُولُ: ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾» رواه مسلم. فيَجِبُ على كُلِّ مسلمٍ أنْ يُؤمِنَ بهذا الأصل، ويُوقِنَ به، فمَن اعتقدَ، أو ادَّعى أنَّ غيرَ الله سبحانه يعلم الغَيب؛ فقد كَفَرَ، وكَذَبَ وضَلَّ ضلالاً مُبيناً. كمَنْ يعتقد ذلك في السَّحَرة، والكَهَنة، والعَرَّافين، والمُنجِّمين، وكاعتقاد بعضِ الطوائفِ في أئمَّتهم، وغُلاةِ الصوفية في مشايِخِهم، والاعتقادِ في الجنِّ.
فلا يَعْلَمُ أحدٌ ما ينطوي عليه الغَدُ من خيرٍ أو شرٍّ، ولو كان نبيًّا مُرسلاً أو مَلَكاً مُقرَّباً؛ إلاَّ بواسطةِ الوَحْيِ المُنَزَّلِ عليه. المِفتاحُ الرَّابع: لاَ تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ: هل تموتُ في بلدِها، أو في بلدٍ آخَر؟ لا عِلْمَ لأحدٍ بذلك. فلا يدري أيُّ إنسانٍ؛ هل يموتُ بأرضِه، أو بأرضٍ بعيدةٍ عنها، أو قريبةٍ منها، أو يموتُ في البحر، أو في الجوِّ؟ هل يموتُ في الليل أو النهار؟ وكم سَيُعَمَّرُ؟ ﴿ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [فاطر: 11]. فإنَّ جهالةَ الزَّمانِ أشدُّ من جهالةِ المكان، ولا يعلمُ ذلك إلاَّ الله. المِفتاحُ الخامس: لاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ اللَّهُ: فَعِلْمُ وقتِ الساعةِ مِمَّا اختصَّ اللهُ به نفسَه، ولم يُطْلِعْ عليه غيرَه، قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا ﴾ [أي: لا يُظْهِرُها ويكشِفُها] ﴿ لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ ﴾ [أي: ثَقُلَ عِلْمُها، وخَفِيَ أمْرُها] ﴿ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ﴾ [الأعراف: 187].
وقال قتادة: إنما جعل الله هذه النجوم لثلاث خصلات: جعلها زينة للسماء ، وجعلها يهتدى بها ، وجعلها رجوما [ للشياطين] ، فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال برأيه ، وأخطأ حظه ، وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به. وإن ناسا جهلة بأمر الله ، قد أحدثوا من هذه النجوم كهانة: من أعرس بنجم كذا وكذا ، كان كذا وكذا. ومن سافر بنجم كذا وكذا ، كان كذا وكذا. ومن ولد بنجم كذا وكذا ، كان كذا وكذا. ولعمري ما من نجم إلا يولد به الأحمر والأسود ، والقصير والطويل ، والحسن والدميم ، وما علم هذا النجم وهذه الدابة وهذا الطير بشيء من الغيب! وقضى الله: أنه لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ، وما يشعرون أيان يبعثون. رواه ابن أبي حاتم عنه بحروفه ، وهو كلام جليل متين صحيح.
أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله (واذكر في الكتاب مريم) برقم 3447، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة، برقم 2860. من ضمن أسئلة أجاب عنها سماحته في تاريخ 11 / 9 / 1408 هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 28/326).
ا وروى البخاريُّ في الجامع حديثاً بمعنى هذه الآية ورد في شأن عثمانَ بن مَظْعون.
milkyway11000: vlog | جولة في أطياف مول وعروض اليوم الوطني - YouTube
احتفالات اليوم الوطني السعودى ال89 في أطياف مول حي اليرموك بالرياض - YouTube