ولا يخفي علينا أنّ كلّ قائد جماعة مسلمة في القرون الثلاثة السابقة ادّعي صلة خاصة بالله سبحانه وتعالي أو بالرسول وأنّ السبيل إلى ملكوت الله لا يتمّ إلا من خلال الإيمان به والتسليم له. منشورات حزب الحكمة: أنواع التفكير والحالة السودانية: الحلقة الخامسة عشرة .. بقلم: د. عبدالمنعم عبدالباقي علي – سودانايل. فهو كان ادّعاء الإمام المهدي وكان ادّعاء مؤسس الطريقة الختمية محمد عثمان الميرغني الذي قال أن الله كلّمه وقال له: "أنت تذكرة لعبادي ومن أراد الوصول إليَّ فليتخذك سبيلا وأن من أحبك وتعلق بك هو الذي خلد في رحمتي، ومن أبغضك وتباعد عنك فهو الظالم المعدود له العذاب الأليم"، بل وزعم أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: "مَن صحبك ثلاثة أيام لا يموت إلا ولياً وأن من قبّل جبهتك كأنما قبّل جبهتي ومن قبّل جبهتي دخل الجنة ومن رآني أو رأى من رآني إلى خمس لم تمسه النار". أو ادّعي الداعية أنَّه قائد الفرقة الناجية والممثل الأوحد للإسلام الصحيح، مثل الشيخ محمد بن عبد الوهاب أو الإمام حسن البنا. وقد كان رأي الإمام حسن البنا في الطرق الصوفية توافقياً وموجباً، بل ويعتبر نفسه أحد تلاميذها المخلصين ولكن الأستاذ سيد قطب ومن بعده الدكتور الترابي كان لهما رأي آخر. فقد شنّع الدكتور الترابي بجماعات التصوّف وهو من سلالتهم وحطّ من شأنهم مغفلاً الدور الاجتماعي والسياسي الكبير الذي قاموا به تجاه المجتمع وقد خلط بين أهل التصوف المتجردين للدعوة ونفع الناس وبين جماعات التصوف الحديثة التي صارت السلطة الحقيقية دينياً وتنفيذيَّاً مثل عائلة المهدي أو عائلة الميرغني.
فمثلاً حجم جماعته أقل مقارنة مع الجماعة الأخرى ولكنَّها أكبر قيمة منها. وهذا تعميم مُخلّ يزكّي به المرء نفسه، ويرفع مكانتها بدون وجه حق يبني رأيه على افتراض وليس على حقيقة، وافتراضه هو أنَّه المهتدي والآخر الضال، وكذلك فكون الإمام المهدي سمّي نفسه المهدي فذلك يعني أنَّ الآخرين ضالين وواجبه أن يهديهم إلى السبيل القويم. الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أو الإمام المهدي، أو الإمام حسن البنا، أو الأستاذ سيد قطب أو الدكتور حسن الترابي اعتقدوا أنَّهم الممثلين الوحيدين للرسول صلى الله عليه وسلم وللإسلام "الصحيح"، فتأمّل ما خطّه الأستاذ سيد قطب وهو يقصد أن يظهر التواضع فإذا هو الكبرياء نفسها: "حين نعتزل الناس، لأنّنا نحس أننا أطهر منهم روحاً، أو أطيب منهم قلباً، أو أرحب منهم نفساً، أو أذكى منهم عقلاً، لا نكون قد صنعنا شيئاً كبيراً، اخترنا لأنفسنا أيسر السبل، وأقلها مؤونة. الداعية عبدالمنعم السلطان قابوس. إن العظمة الحقيقية أن نخالط هؤلاء الناس، مُشْبَعين بروح السماحة، والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم، وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم، ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع، إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا، ومثلنا السامية، أو أن نتملق هؤلاء الناس، ونثني على رذائلهم، أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقاً، إن التوفيق بين هذه المتناقضات، وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد هو العظمة الحقيقية".
الداعية / عبدالمنعم السلطان: الموضوع: تحريم المخدرات... - YouTube