وجاء في تفسير ابن كثير: " وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ۚ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ": قال عبد الله بن كثير ، والسدي: هذه امرأة خرقاء كانت بمكة ، كلما غزلت شيئا نقضته بعد إبرامه، وقال مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد: هذا مثل لمن نقض عهده بعد توكيده، وهذا القول أرجح وأظهر ، وسواء كان بمكة امرأة تنقض غزلها أم لا. ويحتمل أن يكون بدلا عن خبر كان ، أي: لا تكونوا أنكاثاً ، جمع نكث من ناكث ؛ ولهذا قال بعده: " تتخذون أيمانكم دخلا بينكم" أي: خديعة ومكرا ، "أن تكون أمة هي أربى من أمة" أي: يحلفون للناس إذا كانوا أكثر منكم ليطمئنوا إليكم ، فإذا أمكنكم الغدر بهم غدرتم، فنهى الله عن ذلك ؛ لينبه بالأدنى على الأعلى إذا كان قد نهى عن الغدر والحالة هذه فلأن ينهى عنه مع التمكن والقدرة بطريق الأولى. وجاء في تفسير القرطبي: " وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ "، قوله تعالى: ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا النقض والنكث واحد ، والاسم النكث والنقض ، والجمع الأنكاث، فشبهت هذه الآية الذي يحلف ويعاهد ويبرم عهده ثم ينقضه بالمرأة تغزل غزلها وتفتله محكما ثم تحله، ويروى أن امرأة حمقاء كانت بمكة تسمى ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة كانت تفعل ذلك ، فبها وقع التشبيه؛ قال الفراء ، وحكاه عبد الله بن كثير والسدي ولم يسميا المرأة ، وقال مجاهد وقتادة: وذلك ضرب مثل ، لا على امرأة معينة.
وقال آخرون: إنما هذا مثل ضربه الله لمن نقض العهد، فشبهه بامرأة تفعل هذا الفعل. وقالوا في معنى نقضت غزلها من بعد قوة، نحوا مما قلنا. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا) فلو سمعتم بامرأة نقضت غزلها من بعد إبرامه لقلتم: ما أحمق هذه! وهذا مثل ضربه الله لمن نكث عهده. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد ( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) قال: غزلها: حبلها تنقضه بعد إبرامها إياه ولا تنتفع به بعد. هل تعلم من هي التي نقضت غزلها في قوله تعالى "ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها" ؟!! | أخبار العرب. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) قال: نقضت حبلها من بعد إبرام قوّة. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا) قال: هذا مثل ضربه الله لمن نقض العهد الذي يعطيه، ضرب الله هذا له مثلا بمثل التي غزلت ثم نقضت غزلها، فقد أعطاهم ثم رجع، فنكث العهد الذي أعطاهم.
آحمد صبحي منصور: لا نأخذ بأسباب النزول المكتوبة فى العصر العباسى ، ومعظمها مصنوع من حكاوى القصاصين. وحتى على فرض صدق بعضها فإن المنهج القرآنى فى القصص يركّز على العبرة ولا يهتم بأسماء الأشخاص وزمان ومكان القصة ومعظم التفصيلات ليحرر الحادثة من أسر الزمان والمكان ويحولها الى عبرة صالحة للتذكر والاستفادة بها فى أى زمان ومكان. ثم إن هذه الآية الكريمة لا تقصّ بالتحديد حكاية وقعت ، وإنما تضرب مثلا ، فالله جل وعلا ينهى المؤمنون من أن يكونوا مثل المرأة التى تغزل غزلا ، ثم تقوم بتمزيقه وتقطيعه.
المرأة التي ضُرِبَ المَثَلُ فيها قصة المثل المرأة التي ضُرِبَ المَثَلُ فيها: امرأة من مكة، تُسمَّى رَيطَة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تمِيم بن مُرَّة التَّميميّة؛ من بني تميم من قُريش. وسُمّيت جُعرَانَه لحماقتها، وكانت بها وَسْوَسَة، كانت وحيدة أبيها ووَرِثت عنه مال لا حَصرَ له ، مَرَّ الزَّمن ولمْ تتَزوَّج، وماتت والدتها وتركتها وحيدة. فى يوم من الأيام جاءتها خَالتهَا وَطَلبتهَا لإبنها الذي كان يَصغُرها، ولمْ تُصدِّق رَيطَة نفسها ووافقت. ولكن لمْ يَستَمرّ الزواج كثيراً، بل أخذ منها ما إستطاع من المال ثمَّ هَجَرهَا؛ وباتَت تَنتظِره كلَّ يوم على أمل العودة ولكنّه لمْ يعود. تفسير " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا " | المرسال. وكانت تُسمّى" خَرقاء مكّة"؛ أو" حمقاء مكّة". وروى ابن مَردَوَيه، عن ابن عَطاء؛ أنَّها شَكَت جُنونهَا إلى رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_؛ وطلبت أنْ يَدعو لها بالمُعافَاة، فقال لها عليه الصَّلاة والسَّلام:( إنْ شِئتِ دَعوتُ، فَعافَاكِ الله تعالى، وإنْ شِئتِ صَبرتِ واحتَسبتِ، ولَكِ الجَنّة)؛ فاختارت الصَّبر والجنَّة.
1-قصة رجل وقصة امرأة. 2-أحوال الناس عند انقضاء رمضان: 3-ربانيون لا رمضانيون: عناصر الخطبة: 1- قصة رجل وقصة امرأة. 2- أحول الناس عند انقضاء رمضان: - فائزون. - مفرطون وخاسرون. 3- ربانيون لا رمضانيون. لقد قص علينا القرآن قصتين: قصة رجل وقصة امرأة.