[ ص: 52] قوله تعالى: يوم لا ينفع مال ولا بنون (88) إلا من أتى الله بقلب سليم (89) القلب واللسان هما عبارة عن الإنسان; كما يقال: الإنسان بأصغريه. قلبه، ولسانه. وخرج ابن سعد من رواية عروة بن الزبير مرسلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى أشج عبد القيس، وكان رجلا دميما، فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا يستقى في مسوك الرجال، إنما يحتاج من الرجل إلى أصغريه; لسانه، وقلبه. وقال المتنبي: لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ولم يبق إلا صورة اللحم والدم فمن استقام قلبه ولسانه استقام شأنه كله، فالقلب السليم هو الذي ليس فيه محبة شيء مما يكرهه الله، فدخل في ذلك: سلامته من الشرك الجلي، والخفي، ومن الأهواء والبدع، ومن الفسوق والمعاصي; كبائرها وصغائرها الظاهرة والباطنة: كالرياء والعجب والغل والغش والحقد والحسد وغير ذلك وهذا القلب السليم هو الذي لا ينفع يوم القيامة سواه; قال تعالى: يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم (89). إذا سلم القلب لم يسكن فيه إلا الرب. في بعض الآثار، يقول الله: "وما وسعني سمائي ولا أرضي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن ". * * * [ ص: 53] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ".
فيه إشارة إلى: أن صلاح حركات العبد بجوارحه، واجتنابه للمحرمات واتقائه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه. فإن كان قلبه سليما، ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها، وتوقي الشبهات حذرا من الوقوع في المحرمات. وإن كان القلب فاسدا، قد استولى عليه اتباع هواه، وطلب ما يحبه، ولو كرهه الله، فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب اتباع هوى القلب. ولهذا يقال: القلب ملك الأعضاء، وبقية الأعضاء جنوده، وهم مع هذا جنود طائعون له، منبعثون في طاعته، وتنفيذ أوامره، لا يخالفونه في شيء من ذلك، فإن كان الملك صالحا كانت هذه الجنود صالحة، وإن كان فاسدا كانت جنوده بهذه المثابة فاسدة، ولا ينفع عند الله إلا القلب السليم، كما قال تعالى: يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم (89). وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه: "أسألك قلبا سليما". فالقلب السليم: هو السالم من الآفات والمكروهات كلها، وهو القلب [ ص: 54] الذي ليس فيه سوى محبة الله وما يحبه الله وخشية الله، وخشية ما يباعد منه.
من هي اكبر بنات النبي صل الله عليه وسلم. مكان قبر الرسول هو في غرفة ام المؤمنين عاشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وتحديدا تحت فراش النبي صلى الله عليه وسلم أي بمعنى أن النبي دفن حيث توفاه الله تماما وإستدلوا.
أُم كُلثوم -رضي الله عنها-: وهو اسمُها وكُنيتُها، وُلدت بعد بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتزوّجت بِعُثمان بن عفان -رضي الله عنه- بعد موت أُختها رُقيّة -رضي الله عنها- في السنة الثالثة من الهجرة، وبسبب زواجه من ابنتيّ النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لُقّب بذي النّوريْن، وتوفّيت أُمُ كُلثوم في حياة أبيها وزوجها. فاطمة -رضي الله عنها-: وُلدت بعد مولد النبي -عليه الصلاة والسلام- بواحدٍ وأربعين سنة، وتزوّجت من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعد غزوة أُحد، وقد بشّرها النبي -عليه السّلام- بالجنّة قبل وفاته فقال: (أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ، أوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لذلكَ). وجميع بنات النبي -عليه الصلاة والسلام- تمسّكْن بالأخلاق الحسنة التي كان يتّصف بها أبيهنّ؛ فهو خير قدوةٍ لهنّ، بالإضافة إلى بُعدهنّ عن عادات الجاهلية من عبادة الأصنام، وبعد بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- أسلمن جميعهنّ، وهاجرن مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجميع بنات النبي -عليه الصلاة والسلام- أُمُّهنّ خديجة -رضي الله عنها-، وكُلّهنّ توفّين في حال حياته، باستثناء ابنته فاطمة -رضي الله عنها-؛ حيث توفّيت بعدة بستّةِ أشهُرٍ أو أقلّ بقليل.