وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني سعد حتى بلغ عامه الرابع، وذلك حين وقع حادثة شق صدرالرسول صلى الله عليه وسلم -فيما رواه الإمام مسلم-.
(رواه مسلم) وما أن رأى ذلك أبواه من الرضاع حتى قال أبوه: يا حليمة ما أرى هذا الغلام إلا قد أُصِيب، فانطلقي فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر ما به ما نتخوف. قالت حليمة: فرجعنا به. فقالت أمه: ما يردكما به؟ فقد كنتما حريصين عليه. قصه شق صدر النبي محمد. فأخبراها القصة. فطمأنتهما آمنة قائلة: إن لابني هذا لشأنًا، فلم أكن أحسّ أثناء حمله بشيء مما تجد الحوامل، وقد رأيت وأنا أحمله كأن نورًا خرج مني فأضاء لي قصور الشام. ثم طلبت إليها أن تعود به إلى البادية مرة ثانية. فعادت به حليمة، وظل معها حتى قارب الخامسة من عمره.
وفي شَقِّ صدره r يقول ابن حجر: "وقد استنكر بعضهم وقوعَ شَقِّ الصدر ليلة الإسراء، وقال: إنما كان ذلك وهو صغير في بني سعد، ولا إنكار في ذلك، فقد تواردت الروايات به. وثبت شقُّ الصدر أيضًا عند البعثة كما أخرجه أبو نعيم في "الدلائل"، ولكل منها حكمة؛ فالأوَّل وقع فيه من الزيادة كما عند مسلم من حديث أنس: "فأخرج علقةً، فقال: هذا حظُّ الشيطانِ منك". وكان هذا في زمن الطفولية، فنشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان، ثم وقع شقُّ الصدر عند البعث زيادة في إكرامه ليتلقَّى ما يُوحَى إليه بقلب قويٍّ في أكمل الأحوال من التطهير، ثم وقع شقُّ الصدر عند إرادة العروج إلى السماء ليتأهَّب للمناجاة، ويُحْتَمَل أن تكون الحكمة في هذا الغسل لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرَّة الثالثة كما تقرَّر في شرعه r، ويُحتمل أن تكون الحكمة في انفراج سقف بيته الإشارة إلى ما سيقع من شقِّ صدره، وأنه سيلتئم بغير معالجة يتضرَّر بها. الأدلة على معجزة شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم - إسلام ويب - مركز الفتوى. وجميع ما ورد من شقِّ الصدر واستخراج القلب، وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة ممَّا يجب التسليم له دون التعرُّض لصرفه عن حقيقته لصلاحية القدرة فلا يستحيل شيء من ذلك، قال القرطبي في (المفهم): "لا يُلْتَفَتْ لإنكار الشقِّ ليلة الإسراء؛ لأن رواته ثقات مشاهير.
وراجع تفسير ابن كثير (٤/ ٤٩٣).
ذات صلة آخر سورة نزلت آخر سورة مكية آخر سورةٍ في القرآن تُعدّ سورة الناس آخر سورةٍ في القرآن الكريم وِفقاً لترتيب سور المصحف الشريف، وليس وفق تتابع نزول السور، ومعلومٌ أنّ مجموع سور القرآن الكريم مئة وأربعً عشرة سورةً، منها سبعٌ وثمانون مكيّةً، وسبعٌ وعشرون مدنيّةً، [١] وسورة الناس من السور المدنيّة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ سبب تسمّيتها بهذا الاسم ورود كلمة الناس فيها خمس مرّاتٍ، [٢] وهي واحدةٌ من خمس سورٍ ابتدأت بـ "قل"، [١] ومقصد السورة العام توجيه الخلق إلى سُبُل الحقّ في الاعتصام بالإله الحقّ من شرور الخلق.
وأن ما سواها أواخر إضافية أو مقيدة بما علمت؛ لكن القاضي أبا بكر في الانتصار يذهب مذهباً آخر: إذا يقول هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي، وكلٌ قال بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن، ويحتمل أن كلا منهم أخبر عن آخر ما سمعه من النبي في اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل، وغيره سمع منه بعد ذلك وإن لم يسمعه هو. آخر ما نزل من القرآن - إسلام ويب - مركز الفتوى. وكأنه يشير إلى الجمع بين تلك الأقوال المتشعبة بأنها أواخر مقيدة بما سمع كل منهم من النبي وهي طريقة مريحة غير أنها لا تلقي ضوءاً على ما عسى أن يكون قد اختتم الله به كتابه الكريم. انتهى. والله أعلم.