وقوله: ( ووجوه يومئذ باسرة) يقول تعالى ذكره: ووجوه يومئذ متغيرة [ ص: 74] الألوان ، مسودة كالحة ، يقال: بسرت وجهه أبسره بسرا: إذا فعلت ذلك ، وبسر وجهه فهو باسر بين البسور. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم ، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: ( باسرة) قال: كاشرة. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( ووجوه يومئذ باسرة) أي: كالحة. حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله: ( باسرة) قال: عابسة. حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال: ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( باسرة) قال: عابسة. وقوله: ( تظن أن يفعل بها فاقرة) يقول تعالى ذكره: تعلم أنه يفعل بها داهية ، والفاقرة: الداهية. حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم ، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: ( تظن أن يفعل بها فاقرة) قال: داهية. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( تظن أن يفعل بها فاقرة) أي: شر. حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد ، في قوله: ( تظن أن يفعل بها فاقرة) قال: تظن أنها ستدخل النار ، قال: تلك الفاقرة ، وأصل الفاقرة: الوسم الذي يفقر به على ألأنف.
حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال: كان أناس يقولون في حديث: " فيرون ربهم " فقلت لمجاهد: إن ناسا يقولون إنه يرى ، قال: يرى ولا يراه شيء. قال ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله: ( إلى ربها ناظرة) قال: تنتظر من ربها ما أمر لها. حدثني أبو الخطاب الحساني ، قال: ثنا مالك ، عن سفيان ، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله: ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) قال: تنتظر الثواب. حدثنا أبو كريب ، قال: ثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن ثوير ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال: " إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى ملكه وسرره وخدمه مسيرة ألف سنة ، يرى أقصاه كما يرى أدناه ، وإن أرفع أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى وجه الله بكرة وعشية ". قال: ثنا ابن يمان ، قال: ثنا أشجع ، عن أبي الصهباء الموصلي ، قال: " إن أدنى أهل الجنة منزلة ، من يرى سرره وخدمه وملكه في مسيرة ألف سنة ، فيرى أقصاه كما يرى أدناه ، وإن أفضلهم منزلة ، من ينظر إلى وجه الله غدوة وعشية ". وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب القول الذي ذكرناه عن الحسن وعكرمة ، من أن معنى ذلك تنظر إلى خالقها ، وبذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثني علي بن الحسين بن أبجر ، قال: ثنا مصعب بن المقدام ، قال: ثنا إسرائيل بن يونس ، عن ثوير ، عن ابن عمر ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أدنى أهل الجنة منزلة ، لمن ينظر في ملكه ألفي سنة ، قال: وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر في وجه الله كل يوم مرتين; قال: ثم تلا ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) قال: بالبياض والصفاء ، قال: ( إلى ربها ناظرة) قال: تنظر كل يوم في وجه الله عز وجل ".