موقع شاهد فور

تفسير سورة التغابن

June 29, 2024

تفسير سورة التغابن - YouTube

تفسير السعدي سورة التغابن

وقيل المراد به تسبيح الدلالة, وكل محدث يشهد على نفسه بأن الله عز وجل خالق قادر. وقالت طائفة: هذا التسبيح حقيقة, وكل شيء على العموم يسبح تسبيحا لا يسمعه البشر ولا يفقهه, ولو كان ما قاله الأولون من أنه أثر الصنعة والدلالة لكان أمرا مفهوما, والآية تنطق بأن هذا التسبيح لا يفقه. وأجيبوا بأن المراد بقوله: " لا تفقهون " الكفار الذين يعرضون عن الاعتبار فلا يفقهون حكمة الله سبحانه وتعالى في الأشياء. وقالت فرقة: قوله " من شيء " عموم, ومعناه الخصوص في كل حي ونام, وليس ذلك في الجمادات. ومن هذا قول عكرمة: الشجرة تسبح والأسطوان لا يسبح. وقال يزيد الرقاشي للحسن وهما في طعام وقد قدم الخوان: أيسبح هذا الخوان يا أبا سعيد ؟ فقال: قد كان يسبح مرة; يريد أن الشجرة في زمن ثمرها واعتدالها كانت تسبح, وأما الآن فقد صار خوانا مدهونا. قلت: ويستدل لهذا القول من السنة بما ثبت عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قبرين فقال: ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستبرئ من البول) قال: فدعا بعسيب رطب فشقه اثنين, ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا ثم قال: ( لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا).

ثم قرأ عبد الله " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا " الآية. قال: أفتراهن يسمعن الزور ولا يسمعن الخير. وفيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما من صباح ولا رواح إلا تنادي بقاع الأرض بعضها بعضا. يا جاراه; هل مر بك اليوم عبد فصلى لله أو ذكر الله عليك ؟ فمن قائلة لا, ومن قائلة نعم, فإذا قالت نعم رأت لها بذلك فضلا عليها. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر ولا مدر ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة). رواه ابن ماجه في سننه, ومالك في موطئه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وخرج البخاري عن عبد الله رضي الله عنه قال: لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل. في غير هذه الرواية عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: كنا نأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الطعام ونحن نسمع تسبيحه. وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن). قيل: إنه الحجر الأسود, والله أعلم. والأخبار في هذا المعنى كثيرة; وقد أتينا على جملة منها في اللمع اللؤلئية في شرح العشرينيات النبوية للفاداري رحمه الله, وخبر الجذع أيضا مشهور في هذا الباب خرجه البخاري في موضع من كتابه.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]