موقع شاهد فور

ان الله يامر بالعدل والاحسان وايتاء

June 28, 2024

فإن صح هذا عن ابن عباس فإنما أراد الفرائض مكملة. وقال ابن العربي: العدل بين العبد وبين ربه إيثار حقه - تعالى - على حظ نفسه ، وتقديم رضاه على هواه ، والاجتناب للزواجر والامتثال للأوامر. وأما العدل بينه وبين نفسه فمنعها مما فيه هلاكها; قال الله - تعالى -: ونهى النفس عن الهوى وعزوب الأطماع عن الأتباع ، ولزوم القناعة في كل حال ومعنى. وأما العدل بينه وبين الخلق فبذل النصيحة ، وترك الخيانة فيما قل وكثر ، والإنصاف من نفسك لهم بكل وجه ، ولا يكون منك إساءة إلى أحد بقول ولا فعل لا في سر ولا في علن ، والصبر على ما يصيبك منهم من البلوى ، وأقل ذلك الإنصاف وترك الأذى. قلت: هذا التفصيل في العدل حسن وعدل ، وأما الإحسان فقد قال علماؤنا: الإحسان مصدر أحسن يحسن إحسانا. ويقال على معنيين: أحدهما متعد بنفسه; كقولك: أحسنت كذا ، أي حسنته وكملته ، وهو منقول بالهمزة من حسن الشيء. وثانيهما متعد بحرف جر; كقولك: أحسنت إلى فلان ، أي أوصلت إليه ما ينتفع به. تفسير آية: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي..} - عبد القادر بن شيبة الحمد - طريق الإسلام. قلت: وهو في هذه الآية مراد بالمعنيين معا; فإنه - تعالى - يحب من خلقه إحسان بعضهم إلى بعض ، حتى أن الطائر في سجنك والسنور في دارك لا ينبغي أن تقصر تعهده بإحسانك; وهو - تعالى - غني عن إحسانهم ، ومنه الإحسان والنعم والفضل والمنن.

  1. ان الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى
  2. إن الله يأمر بالعدل والإحسان خطبة

ان الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى

الخطبة الثانية الحمد لله ربِّ العالمين, والصلاة والسلام على رسوله الكريم, وعلى آله وصحبه أجمعين؛ عباد الله.. إنَّ العدلَ بين الأولاد واجِبٌ شرعي - ذكوراً كانوا أو إناثاً؛ فَلْيَتَّقِ اللهَ الآباءُ والأُمَّهاتُ, ولا يُفضِّلوا بعضاً على بعض, ولا يُقدِّموا أحداً على أحد؛ فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي. فَقَالَ: «أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟» قَالَ: لاَ, قَالَ: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي». ثُمَّ قَالَ: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً» قَالَ: بَلَى, قَالَ: «فَلاَ إِذًا» رواه مسلم. وفي رواية قال: «لاَ تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ» رواه البخاري. إن الله يأمر بالعدل - ملتقى الخطباء. وفي أُخرى قال: «فَاتَّقُوا اللَّهَ, وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ» رواه البخاري. والعدلُ بين الزَّوجات واجبٌ شرعي أيضاً؛ أمَرَ اللهُ به, وأمَرَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم, فإنَّ الله تعالى لَمَّا أباح لِعِبادِه التَّعدُّدَ؛ قيَّدَه بقوله: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: 3].

إن الله يأمر بالعدل والإحسان خطبة

الغَرَض الذي سِيقَتْ له: بيان كلية الخير التي يُحبها الله ويأمر بها، وكلية الشر التي يكرهها اللهُ وينهَى عنها. ومناسبتها لما قبلها: أنه لما أشار في الآية السابقة إلى أنه يُحب العدل؛ حيث يبعث في كل أمة شهيدًا عليهم من أنفسهم يوم القيامة ، ويجيء بمحمد صلى الله عليه وسلم شهيدًا على هؤلاء، وبيَّن أنه نزل الكتاب تبيانًا لكل شيء - بيَّن هنا هذه الكلية، وبدأ بالعدل الذي يُحبه. وقوله: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ}، فيه الأمر بثلاث خصال هي أصول الخير، والنهي عن ثلاث خصال هي أصول الشر. ومعنى (يأمر): يطلب، والمفعول محذوف لإفادة العموم. و(العدل) الإنصاف وعدم الجور. و(الإحسان) مصدر أحسن، وهو يأتي متعديًا ولازمًا؛ تقول في المتعدي: أحسنته بمعنى جوَّدته وأتقنته، وتقول في اللازم: أحسنت إليه بمعنى: تفضَّلتُ عليه. ان الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. ومِن الأول قوله صلى الله عليه وسلم: « الإحسان أن تعبدَ الله كأنك تراه... » إلخ الحديث، واللفظ هنا يحتمل المعنيين. وقوله:{ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}؛ أي: وإعطاء القريب حقه، فالمصدرُ مضاف إلى مفعول الأول، وقد حذف الثاني للعلم به، وتخصيص الأقارب بالذكر لخطَر حقهم؛ ولذلك قال تعالى: { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]، كأن الإسلام إنما جاء لصلة الأرحام، فمَن أَعْرَضَ عنه فكأنما يُحب قطيعة الرحم، ولهذا قال أكثم بن صيفي لقومه لما بلغته آية: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق ، وينهى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤوسًا، ولا تكونوا أذنابًا.

والعدلُ بين الزَّوجات واجبٌ شرعي أيضاً أمَرَ اللهُ به، وأمَرَ به النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فإنَّ الله -تعالى- لَمَّا أباح لِعِبادِه التَّعدُّدَ قيَّدَه بقوله: ( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً)[النساء: 3] فأباح التَّعدُّدَ وأذِنَ فيه، لكن شَرِيطةَ أنْ يكون المُعَدِّدُ يغلبُ على ظَنِّه العدل بين الزوجات، وألاَّ يقصِدَ بالتعدد ظُلْمَ هذه لمصلحةِ هذه. فيعدل في النَّفَقة والمَبِيتِ والمَسْكَن، ويعدل في الأمور التي يُمكنه العدل فيها، ولو كان في القلب حُبٌّ لواحدة، لكن لا يُظْهِر ذلك أمام الأُخرى، فلا يقدح في هذه عند الأُخرى، ولا يَعِيب هذه عند الأخرى، ولا يُفشِي سِرَّ هذه عند الأُخرى. إن الله يأمر بالعدل والإحسان خطبة. وكان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أعدلَ الناس بين نسائه، وألزمَهم للعدل في الأمور كُلِّها، وحذَّر المُعَدِّدين من أنْ يجوروا ويظلموا، فقال: " مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا؛ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ "(صحيح، رواه أبو داود). والممدوحون بالعدل، الموعودون بمنابر النور يوم القيامة؛ أهلُ عدلٍ في أهليهم، فليس عندهم جَورٌ في أهليهم، بل يُعاملون أهليهم بالعدلِ في كلِّ الأحوال، ولذا كان الإمامُ العادِلُ سابِعَ سبعةٍ يُظِلُّهم الله في ظِلِّه يوم لا ظِلَّ إلاَّ ظله.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]