وعندما لم تجد جوابا مقنعا لأسئلتها، اتهمتني بالكسل، مخجلة إياي بشكل مخز. ولأنني كنت متأكدة أن علامتي لم يكن لها علاقة بالكسل، فقد انفجرت باكية أمام أبي، ظنا مني أني أصبحت غبية. لقد أقنعت عقلي أنه أصبح ضيقا وأن تلك الكسور لن يسعها بتاتا. وحكمت على نفسي بالغباء. يومها أخبرني أبي أن لكل جواد كبوة وأن كل بن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. ولا أنكر أن هذه النصيحة ساعدتني دائما في حياتي سواء في مسألة الرجوع عن الخطأ أو في تقدير ذاتي عندما تظلم الحياة في وجهي. هنا أعود لموضوع الركود الذي لا يجب خلطه بالسكون. هذا الأخير نحتاجه في كثير من الأوقات للملمة أجزائنا. مع أنه في الواقع ليس حقا سكونا وإنما ترتيب للأفكار، لا يجب أن يطول كثيرا لكي لا نعود عقولنا على الرتابة، وفي نفس الوقت يجب أن يأخذ مساحته الكافية من ضجيج الحياة ليرتب أولوياته ويعيد استثمار قوته في معطياته الجديدة. وتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم. نستطيع أن نأخذ الأمر بكل العصبية التي نملك، لا شيء سيتغير. في المقابل بإمكاننا أن نستسلم لجاذبية الأرض، فرصة ذهبية لتأمل الحياة، وملاحظة ما يجري حولنا، قلب الأم، دعاء الجدة، يد الصديق… والأهم لطف الله بنا الذي جعلنا نعيش وسط كل نعمه حتى أننا ظننا أنها ملك مطلق لنا، فربما تجبرنا يوما، وربما غفلنا عن مسؤولياتنا.
شيماء عبد المجيد إنها اللغز المحير ذلك الكامن المستتر داخلنا، بالرغم من كل التقدم الذي أحرزته العلوم الإنسانية في محاولة اكتشافها إلا إنها لازال يعتريها بعض الغموض؛ إنها النفس البشرية. تستتر النفس البشرية لاتريد الإفصاح عن نفسها وينبئ عنها بعضًا من السلوك الذي قد يظهر رغمًا عنا أحيانًا؛ فهي تختبئ خلف دفاعاتها ومظاهر خداعها فما تبدي كثيرًا يكون عكس ما تخفي، وخلف ما يقال دائمًا ما لا يقال وقد يكون هو الأصدق والأوقع. جبلت النفس البشرية على فعل الخير ومعرفة ما يصلح لها ويليق بها، فهي تنزع إلى تقدير ذاتها وحبها وكذلك استحسان التقدير من الغير ومحبتهم والاعتراف به أنه إنسان مُقدر. وتحسب إنك جرم صغير Package - تهآدوا تحآبوا. هذه هي فطرتها التي فطرها الله عليها، وأي شائبة أو تشويه يشوب هذه الفطرة يقابله دفاعات وسلوكيات قد تفاجئ صاحبها، وتظهر السلوكيات المرضية، والأمراض النفسية؛ وكأن النفس تعاقب نفسها على مخالفتها للطبيعة التي خلقها الله عليها. كثير من الأمراض النفسية أو السلوكيات الغريبة بالبحث خلفها نجد تشويهًا لهذه الفطرة؛ فهي إما ذنب لا تستطيع النفس غفرانه، أو تقدير وحب لم تحصل عليه، والنفس لا تتحمل نفسها وقد اعتلتها الآثام، أو غير مقدرة وغير ذات شأن لدى الآخرين أو لدى نفسها، فتكون الثورة منها على هذا الوضع.