حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله: ( مسطور) قال: مكتوب. حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( مسطور) قال: مكتوب. وقوله: ( في رق منشور) يقول: في ورق منشور. وقوله: " في " من صلة مسطور ، ومعنى الكلام: وكتاب سطر ، وكتب في ورق منشور. حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( في رق منشور) وهو الكتاب. حدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، ( في رق) قال: الرق: الصحيفة. وقوله: ( والبيت المعمور) يقول: والبيت الذي يعمر بكثرة غاشيته وهو بيت فيما ذكر في السماء بحيال الكعبة من الأرض ، يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ، ثم لا يعودون فيه أبدا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. [ ص: 455] حدثنا ابن المثنى قال: ثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة ، رجل من قومه قال: قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: " رفع إلي البيت المعمور ، فقلت: يا جبريل ما هذا؟ قال: البيت المعمور ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا آخر ما عليهم ".
البيت المعمور جاء ذكره في القرآن الكريم مرة واحدة و أقسم به الله عَزَّ و جَلَّ قائلاً: ﴿ … وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ *وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ﴾ 1. و لقد إختلفت الأقوال في تعيين المراد من البيت المعمور، و ها نحن نذكر أهمها في ما يلي: البيت المعمور هو الكعبة المشرفة البيت المعمور هو إسم لبيت الله الحرام أي الكعبة المشرفة، فهي معمورة بوفود الحجاج و المعتمرين اليها و الطواف حولها و أداء مناسكهم في رحابها الطاهرة. البيت المعمور بيت في السماء البيت المعمور بيت في السماء الرابعة أو السابعة أو السادسة بحيال الكعبة الشريفة و هو الضُّراح 2 و هو قبلة أهل السماء، و فيه تتعبد الملائكة كل يوم، و به نزل القرآن الكريم جملة واحدة في شهر رمضان، ثم منه نزل القرآن على النبي محمد صلى الله عليه و آله نجوماً خلال عشرين سنة. و لما عرج النبي صلى الله عليه و آله إلى السماء صلى في البيت المعمور و صلت خلفه الانبياء و الملائكة. البيت المعمور في الاحاديث الشريفة عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ 3 عليه السلام، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى … ﴾ 4 ، وَ إِنَّمَا أُنْزِلَ فِي عِشْرِينَ سَنَةً بَيْنَ أَوَّلِهِ وَ آخِرِهِ ؟ فَقَالَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: " نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، ثُمَّ نَزَلَ فِي طُولِ عِشْرِينَ سَنَةً " 5.
وفي حديث ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتيت بالبراق... الحديث; وفيه: ثم عرج بنا إلى السابعة فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد - صلى الله عليه وسلم - قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه. وعن ابن عباس أيضا قال: لله في السماوات والأرضين خمسة عشر بيتا ، سبعة في السماوات. وسبعة في الأرضين والكعبة ، وكلها مقابلة للكعبة. وقال الحسن: البيت المعمور هو الكعبة ، البيت الحرام الذي هو معمور من الناس ، يعمره الله كل سنة بستمائة ألف ، فإن عجز الناس عن ذلك أتمه الله بالملائكة ، وهو أول بيت وضعه الله للعبادة في الأرض. وقال الربيع بن أنس: إن البيت المعمور كان في الأرض موضع الكعبة في زمان آدم عليه السلام ، فلما كان زمان نوح عليه السلام أمرهم أن يحجوا فأبوا عليه وعصوه ، فلما طغى الماء رفع فجعل بحذائه في السماء الدنيا ، فيعمره كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يرجعون إليه حتى ينفخ في الصور ، قال: فبوأ الله جل وعز لإبراهيم مكان البيت حيث كان; قال الله تعالى: وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود.
وقيل: إن هذا البحر المسجور الذي أقسم به ربنا تبارك وتعالى بحر في السماء تحت العرش. حدثنا ابن حميد قال: ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، عن علي ( والبحر المسجور) قال: بحر في السماء تحت العرش. [ ص: 461] قال: ثنا مهران قال: وسمعته أنا من إسماعيل قال: ثنا مهران عن سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ( والبحر المسجور) قال: بحر تحت العرش. حدثني محمد بن عمارة قال: ثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح في قوله: ( والبحر المسجور) قال: بحر تحت العرش. وقوله: ( إن عذاب ربك لواقع) يقول - تعالى ذكره - لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: ( إن عذاب ربك لواقع) يا محمد ، لكائن حال بالكافرين به يوم القيامة. كما حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( إن عذاب ربك لواقع) وقع القسم هاهنا ( إن عذاب ربك لواقع) وذلك يوم القيامة. وقوله: ( ما له من دافع) يقول: ما لذلك العذاب الواقع بالكافرين من دافع يدفعه عنهم ، فينقذهم منه إذا وقع.