هذه الأحرف الثلاثة (ح ل م) هي حروفٌ إذا اجتمعت كوَّنت كلمة واحدة، لكن حركة كل حرف تجعل هذه الكلمة الواحدة تعطي أكثر من معنى: فـ (حُلْم) بضم الحاء وسكون اللام تكون بمعنى ما يراه النائم في منامه، سواء كانت رؤى أو أحلامًا، ومنها قوله تعالى: { قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} [يوسف:44]. والأحلام أيضًا تأتي بمعنى العقول، مثل أن تقول: سفهاء أحلام. أما (حُلُم) بضم الحاء وضم اللام أيضًا، مصدر حَلَمَ، يقال: بَلَغَ الحُلُمَ: أَدْرَكَ سِنَّ البُلُوغِ، مصداقًا لقوله تعالى: { وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور من الآية:59]. إِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ - طريق الإسلام. وأما (حِلْم) بكسر الحاء وسكون اللام، فهي بمعنى الأناة وضبط النفس ، وهذه هي إحدى الصفتين والخصلتين التي يحبهما الله؛ مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالأَنَاةُ » ( صحيح مسلم ؛ برقم: [17])، وهي كلمة قالها النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس المنذر بن الأشج العصري. فهل لنا أن نتحلى بهذه الصفة وهذه الخصلة التي لا يحبها فقط زوج أو مدير أو والد أو والدة... ؛ بل يحبها من هو أعظم من هؤلاء جميعًا، يحبها الله عز وجل، ولا ريب أن نبينا وحبيبنا وقدوتنا ومعلمنا وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل من تحلى بهذه الخصلة؛ فقد زكاه ربه سبحانه وتعالى فقال: { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول مجاهد؛ لأن العرب تسمي كل صانع خالقا، ومنه قول زهير: وَلأنْــتَ تَفْـرِي مـا خَـلَقْتَ وَبَـعْ ضُ القَــوْمِ يخْــلُقُ ثـمَّ لا يَفْـرِي (5) ويروى: ولأنْــت تخْــلُقُ مـا فَـريت وَبَـعْ ضُ القَــوْمِ يخْــلُقُ ثُـمَّ لا يَفْـرِي ----------------------------- الهوامش: (5) البيت لزهير بن أبي سلمى يمدح رجلا (اللسان: خلق) يقول: أنت إذا قدرت أمرا قطعته وأمضيته، وغيرك يقدر ما لا يقطعه، لأنه ليس بماض العزم وأنت مضاء على ما عزمت عليه. والخلق: التقدير، يقال: خلق الأديم يخلقه خلقًا: قدره لما يريد قبل القطع، وقاسه ليقطع منه مزادة أو قربة أو خفا. الفرق بين الحُلم والحِلم | المرسال. ولذلك سمت العرب كل صانع كالنجار والخياط ونحوهما خالقًا، لأنه يقيس الخشب ويقدره على ما يريده له. والفري: القطع بعد التقدير، وقد يكون قبله، بأن يقطع قطعة من جلد أو ثوب قطعًا مقاربًا، ثم يصلحها ويسويها بالحساب والتقدير، على ما يريده ولذلك جاءت رواية أخرى في البيت: ولأنت تخلق ما فريت... إلخ.
وتقول مفسرة الأحلام في موقع حلوها عن رؤية دخول الجنة في المنام: تدل رؤية الجنة في الحلم على دخول السرور على الرائي ونيله ما يرغب، وتحوّلٍ في حياته إلى الأفضل في الدين والدنيا، فمن رأى أنه يدخل إلى الجنة ويقيم فيها يتزوج امرأه صالحة ويسكن بيتاً واسعاً، أما من رأى أنه يدخل إلى الجنة في الحلم ويخرج منها ثانية فهو يتزوج امرأة ويطلقها والله أعلم. والجلوس في الجنة بالمنام جلوس في بستان أو مزرعة، ورؤية النوم في الجنة بالحلم أن الرائي ينام بين أهله، والأكل من طعام أهل الجنة أن الرائي يأكل مالاً حلالاً أو يرث، كذلك الشرب من الجنة في الحلم أنه ينال مالاً حلالاً وربحاً مباركاً، ولبس ثياب أهل الجنة في المنام أن الرائي يلبس لباس الإحرام بإذن الله. ورؤية أحد أهل الرائي يدخل الجنة في المنام تدل على صلاحه وبره، ورؤية الميت يدخل الجنة في الحلم دليل حسن حاله عند ربه إن شاء الله. ومن حلم أنه يجالس أهل الجنة من الأنبياء والصحابة فهو يجالس العلماء والكتب، ومن رأى أنه يدخل الجنة بشفاعة فهو يكثر من الصلاة والسلام على الرسول ﷺ، ومن رأى أنه يدخل الجنة مع أهله وأصدقائه فهو يعاشر أتقياء القوم، أما رؤية الناس عامة تدخل الجنة فتدل على دخول مسجد أو الذهاب للحج أو صلاة العيد.
السؤال: أرجو إفادتي عن بعض الكلمات التي أرددها عند رؤيتي حلم مزعج؟ الجواب: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاثًا وليستعذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاثًا ثم لينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحدًا هكذا السنة، وفي لفظ آخر يقول ﷺ: إذا رأى أحدكم ما يحب فليحمد الله وليحدث بذلك من يحب، وإذا رأى ما يكره فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات ثم لينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحدًا فهذا يا أخي هو السنة. نعم. فتاوى ذات صلة