الخطبة الأولى: إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
آيات الصفات التي يتبين فيها منهج المفسر في أسماء الله تعالى الحسنى ، وصفاته العلى ، كثيرة وهذه أهمها: 1- قوله تعالى ( الرّحْمَن الرّحِيم) الفاتحة: 2. فيها: إثبات صفة " الرحمة " لله تعالى. والآيات التي ذُكر فيها اسم " الرحمن والرحيم " ؛كثيرة جداً في القرآن الكريم. والتأويل الفاسد لصفة الرحمة: الإحْسان – النِّعمة – الفضل. 2- قوله تعالى ( غيرِ المَغْضوب عليهم) الفاتحة: 7. فيها: إثبات صفة " الغَضب " لله تعالى كما يليق بجلاله ، من غير تمثيل ولا تشبيه. وكذا قوله ( وباؤوا بغضبٍ من الله) من البقرة: 61. وكذا قوله ( وغضب الله عليه ولعنه) النساء: 93. من صفات الله تعالي العالم. وغيرها كثير. والتأويل الفاسد لصفة " الغَضَب ": إرادة الانْتقام ، وإنْزال العقوبة. 3- قوله تعالى ( هل يَنْظرُونَ إلا أنْ يَأتيهم اللهُ في ظُللٍ مِنْ الغَمَام) البقرة: 210. فيها: إثبات صفة الإتيان الله تعالى يوم القيامة كما يليق بجلاله. وكذلك في قوله ( هل يَنظرونَ إلا أنْ تَأتيهم الملائكةُ أو يأتي ربُّك أو يأتي بعضُ آياتِ ربك) الأنعام: 158. وكذلك في قوله تعالى ( وجاء ربُّك والملك صَفْاً صفاً) الفجر: 22. والتأويل الفاسد لصفة " الإتيان ": إتيان أمْرِه أو عذابه ، أو إتيان ملائكته.
[2] قصة تعاون فيها الرسول مع أهل بيته كان النبي- صلى الله عليه وسلم- في خدمة أهل بيته، فكان يقوم بمساعدتهم في كثير من المهام التي تُوكل إليهم، كما أن النبي كان يخصف نعله بنفسه، ولا يترك واحدةً من زوجاته تقوم بهذا، وكيف لا؟، وهو القائل:" خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، فمفهوم منطوق تلك العبارة أنه لا خير في إنسانٍ إن لم يكُن له خير في أهله، بأن يرعاهم، ويُساعدهم على قضاء حوائجهم الضروريّة، وكان الأمر يتعدى إلى ذلك؛ فقد كان يُرقّع ثوبه ويُخيطه، ويحلب شاته، وهذا خير دليلٍ على أن الحياة مُشاركة، يتشارك فيها الرجل مع أهله في كل ما يقومون به. تعاون الرسول مع أصحابه كان الرسول المثل الأعلى والقدوة في كل أقواله وأفعاله، ولقد أمرنا الله- عز وجل- بالتأسي به في كل شيءٍ؛ فقد كان النبي يفعل الشيء قبل أن يأمُر به أصحابه، وهذا أدعى لالتزام الدعوة من المدعوّين، فقد كان النبي يحمل التراب والطّوب اللبن مع أصحابه عند بناء المسجد، حتى إن الصحابة قالوا: لن قعدنا والرسول يعملُ؛ لذاك منا العمل المُضلّلُ، وفي غزوة الخندق كان يحمل التراب مع أصحابه في غزوة الخندق، وقسّم العمل بينه وبينهم. [3] ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرف على قصة تعاون فيها الرسول مع اصحابه ، وقصة الهجرة التي اصطحب فيها النبي- صلى الله عليه وسلم- معه فيها ابو بكر، وموقف أصحابه، وما هو موقف النبي مع أنس بن مالك، والذي خدمه عشر سنوات، وموقف تعاون النبي مع أصحابه في بناء المسجد، وفي غزوة الخندق في حمل التراب والطوب اللبن.
قال: "فَذَلِكَ لَكَ" [15]. ويأتي صحابي آخر قد أُصيب في عهد الرسول r في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فيقول رسول الله r لأصحابه: "تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ". فَتَصَدَّقَ الناس عليه، فلم يَبْلُغْ ذلك وفاء دَيْنِهِ، فقال رسول الله r لِغُرَمَائِهِ: "خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ" [16]. فقد كان رسول الله r نِعْمَ الصاحب لأصحابه؛ يقف معهم في أفراحهم وأتراحهم، وفي قوَّتهم وضعفهم، فلم يتميَّز r عنهم بمزيَّة، بل كان كواحد منهم في المأكل والمشرب والملبس، وهو ما جعل كثير من المشركين يتعجَّبون لهذه الرابطة القويَّة التي جمعته بأصحابه، فقال أبو سفيان بن حرب قبل إسلامه: "ما رأيتُ من الناس أحدًا يحبُّ أحدًا كحُبِّ أصحاب محمد محمدًا!! " [17]. د. راغب السرجاني [1] البخاري عن أبي هريرة: كتاب الجماعة والإمامة، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد (629). [2] البخاري: كتاب الأدب، باب الهجرة (5727). [3] البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب فضل الطليعة (2691). قصه عن تعاون الرسول مع اصحابه في ربيع الاول من. [4] الترمذي عن أبي سعيد الخدري (3680) قال النبي r: "... وَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ". وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.