وقال المسؤول عنه: فلان أو الجهة الفلانية، ولو فقد شاته أو دريهماته، لأقام الدنيا وأقعدها وركب المخاطر في البحث عنها، ولا استعان بالآخرين في البحث عنها فما أضعف العقول حين أهملت التفكير في عواقب الأمور، يهمل الوالد ابنه لا يعرف أين دخل وأين خرج!! ولا يعرف هل صلّى أم لم يصل؟! وربما علم أنه لم يصلّ ومع هذا لا يعبأ ولا يحسّ أنه مسؤول ومُحاسب عنه، ولا يخاف من عقوبات السكوت والإهمال. لقد أُصيبت القلوب وضعُفت النفوس وقلَّ الإِيمان وأصبح الكثيرُ من الآباء والأولياء سَبُعَ جِيفة سَبُعَ دنيا، يكافح ويناضل عنها لا يَسمح لأحدٍ أن يقربه عليها، قويًّا في افتراسها، شجاعًا عن الدفاع عنها، منشغلًا بها عن غيرها حتى عن فلذاتِ الأكباد وعمَّن سيُحاسَب عنهم. إنَّ الأمر عظيم، فما الذي بقِي بعدَ ترْك الصلاة والتكاسل عنها؟! ما الذي بقي بعد فقد آخِرِ الدين؟ كما ورد: أول ما تفقدون من دِينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة؛ قال الله - سبحانه وتعالى - مخبرًا عن أصحاب الجحيم: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ [المدثر: 42-48].
كسب الأجر والثواب من الله تعالى نتيجة أداء صلاة الفجر على وقتها، كما أنَّ مصلي الفجر يكسب أجر قيام الليل كاملاً، فقد وضّح النبي صلى الله عليه وسلّم ذلك بأنَّ من صلى العشاء في جماعةٍ فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعةٍ كأنّما قام الليل كلّه. الخروج من دائرة المنافقين، فصلاة الفجر وصلاة العشاء هي أثقل الصلوات على المنافقين؛ لأنهما تكونا في ليل العبد وتحتاجان إلى مجاهدة النفس من أجل أدائهما على وقتهما. الحصول على أجر عمرةٍ كاملةٍ عند اغتنام الفرصة وذكر الله تعالى بعد أداء الصلاة حتى طلوع الفجر. الفوز برؤية وجه الله تعالى الكريم يوم القيامة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلّم. أسباب التكاسل عن صلاة الفجر التأخّر في السهر مما يجعل الجسم تعباً غير قادر على الاستيقاظ مبكراً وأداء الصّلاة، فكلما نام العبد مبكراً استطاع أن يستيقظ بسهولة عند وقت الفجر. تناوُل وجبة دسمةٍ من العشاء قبل النوم، مما يجعل أعضاء الجسم تُصاب بالكسل والخمول، وخاصةً أنَّ الجبة الدسمة تحتاج إلى فتراتٍ طويلة لكي تُهضم. عدم إخلاص النيّة لله تعالى في أداء الصّلاة والاستيقاظ من أجلها، فعندما لا يخلِص العبد النيّة في الاستيقاظ ومحاربة الشيطان فإنه يتكاسل، ولا يستطيع إجبار نفسه على هجر النوم من أجل تلبية نداء الله عز وجل.
وثانيا: هي للدعاة وللمربين، انتبه يا أخي الكريم، أيها الداعية، يا طالب العلم، أيها المربي، انتبه لمن حولك من طلابك وتلاميذك. أيها الأب: انتبه لأولادك، إن وجدت شيئًا من هذا الداء فإنه قد بدأ المرض يدب في أوصاله، فتداركه قبل فوات الأوان. أبرز مظهر من مظاهر الفتور كلنا نعرف: التكاسل عن العبادات والطاعات، مع ضعف وثقل أثناء أدائها، ومن أعظم الصلاة، قال سبحانه وتعالى واصفا المنافقين { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [ النساء:142]. وقال جل وعلا: { وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [ التوبة:54] هذا مظهر يا أخي إذا كنت تجد وأنت تقوم إلى الصلاة الفريضة ثقلًا، فأنقذ نفسك، تدارك نفسك؛ لأن هذه صفة من صفات المنافقين والعياذ بالله. لأن الصلاة أيها الأخوة والفرائض والواجبات لا مجال للفتور فيها، انتبهوا قد نتجاوز عن فتورك في بعض النوافل، قد يتجاوز عن فتورك في بعض الطاعات، قد يتجاوز عن فتورك في بعض العبادات والأعمال، لكن في الفرائض فلا، إن وجدت أنه إذَا أذّنَ قلت: باقي ثلث ساعة، ثم قلت: سألحق تكبيرة الإحرام، وإذا ذهبت فإذاك تقول: متى يأتي الإمام، وإذا تأخر دقيقة فنجد الدقة المتناهية عندك، تدرك كم تأخر الإمام دقيقة أو دقيقتين، وأنت تضيع الساعات، الساعة والساعتين.
ذات صلة ما أهمية صلاة الفجر أسباب التكاسل عن صلاة الفجر أهمية صلاة الفجر بشّر نبيّنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- مَن حافظ على صلاة الفجر وصلاة العشاء بأعظم أجر قد يسعى إليه المسلم؛ ألا وهو رؤية الله -سبحانه وتعالى-، حيث كان هذا الجزاء العظيم لمن حافظ على صلاة الفجر وصلاة العشاء. قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وصَلَاةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَافْعَلُوا). [١] ومن المعلوم أن صلاة الفجر هي الصلاة الوحيدة التي يتكرّر في أذانها أنّها خيرٌ من النوم، الأمر الذي يظهر أهمية تأديتها على وقتها، [٢] ولصلاة الفجر أهميّة كبيرة في الإسلام تظهر فيما يأتي: الدخول في ذمة الله ثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قوله: (مَن صلى الفجرَ، فهو في ذِمَّةِ اللهِ ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ بشيءٍ من ذِمَّتِهِ) ، [٣] وذمّة الله -تعالى- كما فسّرها أهل العلم تعني حفظ الله -تعالى-، وقيل أمانة الله -تعالى-، [٤] كما تعني ذمّة الله عهد الله -تعالى-. [٥] ومعنى "فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته" أيّ على الإنسان أن يحافظ عل هذه النعمة -نعمة حفظ الله له- وألا يضيّعها بمعصيةٍ في النهار، فمن كان في ذمة الله -تعالى- فقد دخل في دخل في حفظ الله وعليه ألا يضيع هذا الحفظ بالمعاصي.
لكن الواحد إذا جاء، وأكل مما لذ وطاب كيف يقوم؟ فأقول: هذا مظهر من مظاهر الفتور. ______________________ [1] - البخاري: الجمعة [1178] والنسائي: قيام الليل وتطوع النهار [1677] وأبو داود: الصلاة [1432] وأحمد [2/258]، [2/489]، [2/499] والدارمي: الصلاة [1454]. [2] - البخاري: الصوم [1981]. ------------------------ من كتاب "الفتور" للشيخ "ناصر بن سليمان العمر"
3ـ المحافظة على الوضوء. 4ـ أن يقرأ المريض في ماء وزيت زيتون أول سورة الصافات وسورة الدخان إضافة إلى التعوذ بالله مثل أن يقول: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، بسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثم ينفث في الماء وزيت الزيتون ويشرب الماء ويدلك الجسم بالزيت الزيتوني وهذا العلاج لا ينتفع به الشخص إلا إذا اعتقد أن الشفاء بيد الله وأن هذا العلاج نافع بإذن الله. والله أعلم.
ثم يبين منزلة هذا القرآن عنده وقيمته في تقديره الأزلي الباقي (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)، فهذا القرآن (عليّ، حكيم)، وهما صفتان تخلعان عليه ظل الحياة العاقلة. وإنه لكذلك! وكأنما فيه روح ذات سمات وخصائص، تتجاوب مع الأرواح التي تلامسها، وهو في علوه وفي حكمته يشرف على البشرية ويهديها ويقودها وفق طبيعته وخصائصه وينشئ في مداركها وفي حياتها تلك القيم والتصورات والحقائق التي تنطبق عليها هاتان الصفتان (عليّ، حكيم). آيات من سورة الدخان بتفسير الزركشي. تهديد كان عجيباً أن يعني، الله سبحانه في عظمته وفي علوه وغناه، بهذا الفريق من البشر، فينزل لهم كتاباً بلسانهم، يحدثهم بما في نفوسهم، ويكشف لهم عن أسرار حياتهم، ويبين لهم طريق الهدى، ويقص عليهم قصص الأولين، ويذكرهم بسنة الله في الغابرين، ثم هم بعد ذلك يهملون ويعرضون! وإنه لتهديد مخيف أن يلوح لهم بعد ذلك بالإهمال من لطفه ورعايته، جزاء إسرافهم القبيح، وإلى جانب هذا التهديد يذكرهم بسنة الله في المكذبين، بعد إرسال النبيين (وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) (الزخرف / 6-8).
﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ [الدخان: 49]. قوله تعالى: ﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ [الدخان: 49]، سياقه يدل على أنه الذليل الحقير [20]. نزلت في أبي جهل لأنه قال: "ما بين أخشبيها -أي جبليها يعني مكة- أعز مني ولا أكرم" [21] ، وقيل: بل خوطب بذلك استهزاء [22] ، وفي الآية إنكار وتبكيت [23]. احكام المد حم والكتاب المبين. ﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [الدخان: 56]. قوله تعالى: ﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى ﴾ [الدخان: 56]، فإن الناس استشكلوا وجه الاستثناء مع أنهم لا يذوقون فيها الموت مطلقًا، ومقتضى استثنائها من النفي أنهم يذوقونها في الجنة وليس كذلك. ووجهه الزمخشري [24] بأنه من التوكيد في الدلالة، والموتة الأولى لا يذوقونها أصلاً؛ إذ يستحيل عَود ما وقع، فلا يذوقون فيها الموت أصلاً، أي إن كانوا يذوقون فلا يكون ذلك إلا الموتة الأولى، وإن كان إيقاع الموتة الأولى في الجنة مستحيلاً، فعرّض بالاستثناء إلى استحالة الموت فيها. هذا إن جعلنا الاستثناء متصلاً فإن كان منقطعًا فالمعنى: "لكن الموتة الأولى قد ذاقوها".