موقع شاهد فور

قصة زرقاء اليمامة

June 26, 2024

اعتادت زرقاء اليمامة، منذ بلوغها، العناية بنفسها وخاصة بعينيها، فقد دأبت على تكحيلهما بحجر الأثمد لتقوية بصرها وتجميل عينيها. لاحظت الفتاة شيئًا مختلفًا في حدة بصرها، فهي، على خلاف الجميع، تستطيع أن ترى ما تعجز عن رؤيته عين الشخص العادي، فقد كانت قادرة على رؤية الشعرة البيضاء في كوب اللبن ، وتبصر الراكب من مسافة ثلاثة أيام، لذا فقد حظيت هذه المرأة بمكانة هامة في قبيلتها، فأصبحوا يعتمدون عليها كلما أحسوا بخطرٍ من هجوم العدو، فتساعدهم في معرفة صحة إحساسهم من زيفه، وتحدد لهم المسافة التي تفصلهم عن جيوش العدو والوقت اللازم لوصولهم، فيستعد فرسان القبيلة ويخرجون للقائهم قبل وصول قوافلهم إلى القبيلة. لذا فقد ذاع صيت هذا المرأة الجميلة في المدن والقبائل المجاورة، فكشفت نقطة قوة مدينة جديس في ذلك العصر (عصر الجاهلية). لمحة عن القبائل التي عاشت في أرض اليمامة تبدأ قصة زرقاء اليمامة الحقيقية كاملة، في منطقة واقعة شمال اليمن عرفت باليمامة، حيث عاشت قبائل طسم والجاديس العربية في الفترة الممتدة بين 110 قبل الميلاد – 525 بعد الميلاد جنبًا إلى جنب، وبنوا حضارة عظيمة انتهت بيد ملك اليمن حسن الحميري. لكن ما القصة وراء مجزرتهم الوحشية التي ارتكبوها بحق قبيلة اليمامة؟ وكيف ترتبط بالمرأة ذات الرؤية الأكثر حدة في ذلك الوقت زرقاء اليمامة؟ حكم ملك يدعى إمليق (وهي قبيلة عربية كانت تعيش في بلاد الشام وينحدرون من نسل النبي نوح) كلتا القبيلتين طسم والجاديس.

  1. قصة زرقاء اليمامة - موضوع

قصة زرقاء اليمامة - موضوع

قصة زرقاء اليمامة الحقيقية كاملة تبدأ قصة زرقاء اليمامة الحقيقية كاملة، عندما بدأ أهلها وأفراد قبيلتها بالإستعانة بها في مراقبة كل ما هو وارد أو خارج من بلدتها اليمامة بعد أن تأكد لهم صدقها وقوة بصرها، فكانت تصعد إلى برج عالٍ لتراقب مداخل البلدة ومخارجها، وتخبرهم بكل ما هو قادم إليها. وبذلك أصبحت خير عونٍ لأهلها وقبيلتها. وبعد مقتل الملك إمليق، قرر أحد الموالين له، والذي نجا من الموت بأعجوبة، يدعى رياح بن مرة، الانتقام من قبيلة جديس، فلجأ إلى إحدى القبائل المعادية لقبيلة اليمامة والتي لا يقل حاكمها بطشًا عن سابقه يدعى حسان الحميري. فاقترح عليه أن يغير على قبيلة جديس وأغراه بحجم الهدايا والكنوز التي سيحصل عليها من ديار أهل القبيلة. وبعد إلحاحٍ وحديثٍ مطول وافق الحاكم على ذلك. إلا أن رياح بن مرة كان يعرف بقصة زرقاء اليمامة وقدرتها على إبصار الأعداء من مسافةٍ بعيدة فقد كان له أخت متزوجة في قبيلة جديس. فاقترح على الحاكم أن يتخفى جنوده بأغصان الشجر وأوراقها، والتقدم نحو قبيلة جديس ليلاً. فلما رأتهم زرقاء اليمامة قالت لأهلها يا قوم سارت إليكم الأشجار وجاءتكم أوائل خيل حمير. وأنشدت تقول: خذوا حذاركم يا قوم ينفعكم فليس ما قد أرى بالأمس يحتكر إني أرى شجرًا من خلفها بشرٌ وكيف تجتمع الأشجار والبشر فسخروا منها وكذبوها ولم يصدقوها ثم قالوا: كذبت أو كذّبتك عينك.

زرقاء اليمامة، واسمها عَنْز، هي من جّديس، حيث عاشت في اليمامة في منطقة فسيحة اسمها- جَوّ. اشتهرت بقوة بصرها، فقيل إنها كانت تبصر الشّعرة البيضاء في اللبن، وتنظر الراكب على مسيرة ثلاثة أيام، وكانت تنذر قومها فتخبرهم إذا الجيوش غزتهم. تخبرهم بقدوم العدو قبل ثلاثة أيام، فلا يأتيهم جيش إلا وقد استعدوا له، حتى احتال لها بعض من غزاهم، فأمر أصحابه أن يقطعوا شجرًا، ليمسكوه أمامهم بأيديهم. نظرت الزرقاء فقالت: إني أرى الشجر قد أقبل إليكم، وأنشدت: أقسم بالله لقد دبَّ الشجر أو حِمْيَرٌ قد أقبلتْ شيئًا تجرّ قالوا لها مكذّبين: قد خرفت، ورقّ عقلك وذهب بصرك. صبّحتهم الخيل وأغارت عليهم. بعد أن انتصر أعداؤها على قبيلتها، قوّروا عينيها، فوجدوا عروق عينيها قد غرقت في الإثمِد من كثرة ما كانت تكتحل به. سنعجب اليوم، ولا نصدق حكاية البصر الحادّ، فثمة غلوّ في الرواية. لكننا قد نعلل القصة بأنها كانت تريد من قومها البقاء في حالة استعداد وعدم التراخي حتى لا يكونوا لقمة سائغة لعدوهم الملك حسان الحميري، هذا الملك الذي ينسب غزو اليمامة له. كانت النهاية مأساوية تمثلت في اجتياح العدو مساكن قوم زرقاء وقتل الكثيرين منهم، وهي قصة قد تناقلتها الروايات في ما بعد وضخمتها، وهذا طبيعي في قصة تعاد روايتها.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]