2- التفسير الثاني أن الله تعالى ذكرها في سورة الحديد مقرونة باستوائه على عرشه، الذي هو أعلى المخلوقات، فقال (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) إلى قوله (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)؛ فدل على أن المراد معية الإحاطة بهم، علمًا وبصرًا، لا أنه معهم بذاته في كل مكان، وإلا لكان أول الآية وآخرها متناقضًا. وهو معكم أينما كنتم. 3- التفسير الثالث أن العلم من لوازم المعية، ولازم اللفظ من معناه، فإن دلالة اللفظ على معناه من وجوه ثلاثة دلالة مطابقة، ودلالة تضمن، ودلالة التزام، ولهذا يمكن أن نقول هو سبحانه معنا بالعلم، والسمع والبصر، والتدبير والسلطان وغير ذلك من معاني ربوبيته، كما قال تعالى لموسى وهارون (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)، وقال هنا في سورة الحديد (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). "فإذا كان العلم من لوازم المعية صح أن نفسرها به، وبغيره من اللوازم التي لا تنافي ما ثبت لله تعالى من صفات الكمال، ولا يعد ذلك خروجًا بالكلام عن ظاهره". من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (1/ 247-250). يمكنك الآن التعرف على كافة التفاصيل عن جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان وحادثة حرق المصحف في عهده من خلال مقال: جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان وحادثة حرق المصحف في عهده وذكر ابن عثيمين أيضًا "المعية لا تقتضي الحلول والاختلاط، بل هي في كل موضع بحسبه، ولهذا يقال سقاني لبنا معه ماء، ويقال صليت مع الجماعة، ويقال فلان معه زوجته.
غريب. وكان الإمام أحمد ينشد هذين البيتين: إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما يخفى عليه يغيب
وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وأمته بتقوى الله ومراقبته في سرهم وعلانيتهم، فعن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيته» رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله... » رواه الترمذي. ورغبهم عليه الصلاة والسلام بالأجر العظيم والظل الظليل لمن راقب الله وعظمه وهابه، ففي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:«ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله... وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ (تفسير الآية) – زيادة. ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه» متفق عليه. سلفنا الصالح كانت مراقبة الله شعارهم، والحياء منه وقارهم، عظموا الله فراقبوه، واستحيوا منه فهابوه، حفظوا الله في خلواتهم، فحفظهم وعصمهم في حركات جوارحهم، راقبوا الله في خلواتهم فأجلهم الله في علانيتهم، وألبسهم نورا ساطعا من محبته، وطهر أبدانهم بمراقبته وخشيته، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!! يقول ابن مسعود رضي الله عنه: «وما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها علانية، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر». وقد سطر لنا تاريخنا الإسلامي المشرق صفحات نيرات من نماذج مؤمنة تقية، طاهرة نقية، في استشعار رقابة الله والحياء منه وخشيته.