قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ، وقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقًا مَا بَقِيتُ" وبهذا نجا الله تعالى الثلاثة من عذاب يوم شديد، بسبب صدقهم والتزامهم بأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الكذب ينجي فالصدق أنجى. قاص وأديب مغربي
قال الله تبارك و تعالى ( وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) حيث تخلف ثلاثة من الصحابة عن غزوة تبوك و لم يقدموا أعذار لرسول الله وهم: وهم كعب بن مالك وهلال بن أُميَّة ومُرَارة بن الربيع
[٦] وقد فرح النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان مسرورا بعد أن أنزل الله -تعالى- بهؤلاء الثلاثة آيات من القرآن الكريم، فقد تبيّن أن الله -تعالى- تاب عليهم وقبلهم، وقاموا بالتسليم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته. [٥] تعريف عام بغزوة تبوك حدثت غزوة تبوك في شهر رجب في السنة التاسعة للهجرة، وهي آخر غزوة غزاها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتبوك مكان يقع بين وادي القرى والشام، وتبعد عن المدينة المنورة بِـ (800) كيلو متر، وسُمّيت أيضاً بغزوة العسرة؛ بسبب شدة الحر وضيق النفقة والقحط والفقر الذي كان يمر به المسلمون. [٧] والسبب المباشر لغزوة تبوك هو وصول خبرٍ للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ هرقل عظيم الروم جمع جيشاً كبيراً لقتال المسلمين، فعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فأمر المسلمين بالتجهز لقتال الروم. قصة الصحابة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك – منار الإسلام. [٨] وأخبرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بوجهته لكي يستعد المسلمون للغزوة، وبسبب الحر الشديد -وفي ذلك الوقت كانت الثمار قد أينعت-؛ أحبّ الناس البقاء وتثاقلوا، ثم نزلت الآيات تحث المسلمين على الخروج إلى الغزوة. [٨] المراجع ↑ عبدالرحمن بن صالح المحمود، دروس الشيخ عبدالرحمن المحمود ، صفحة 11. بتصرّف.
وكان كعب حينها في بيته قد أنهكه الهجر، حين سمع صوتًا يقول: "يا كعب بن مالك أبشر" فعلم أن الله قد تاب عليه، فخر ساجدًا لله، وأعطى من بشره ثوبه الوحيد الذي لا يملك غيره، وخرج مسرعًا للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا وصف كعب للقاء: "وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ. قَالَ كَعْبٌ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وحَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ، حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. من هم الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك - أجيب. قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ وَهْوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: «أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ». قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَالَ «لاَ، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ». وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ.
[٣] أما كعب بن مالك فقد كان سبب عدم ذهابه هو تردّده، فكان كلّما أراد أن يتجهّز للغزوة يتردّد فلا يتجهّز، وبقي على هذا الحال فترةً من الزمن حتى فاته الغزو وقد خرج المسلمون إليها. [٣] عدم قبول النبي لعذرهم عندما عاد النبيّ ومَن معه من غزوة تبوك لم يقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- عذرهم، وبقوا على هذا الحال خمسين ليلة، وجلس مرارة بن الربيع وهلال بن أمية يبكيان في بيتهما، أما كعب بن مالك فقد كان يخالط المسلمين، ويصلّي معهم ويطوف في السوق، ولا يكلّمه أحد ولا ينظر إليه. من هم ثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك الإلكترونية. [٤] وكان يذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، ويسلّم عليه بعد أداء الصلاة، وكان يصلي بقرب النبي -صلى الله عليه وسلم- وينظر إليه، حتى ضاقت عليه الأرض، وفي يومٍ ذهب إلى جدار حائط لابن عمه أبي قتادة، فسلّم عليه ولم يرد عليه السلام، ومضى على هذه الحادثة أربعين ليلة، ثم أُمر هؤلاء الثلاثة باعتزال نسائهم. [٥] قبول الله لتوبتهم بعد مرور خمسين ليلة، وبعد صلاة الفجر، نادى منادٍ بصوتٍ عالٍ يقول: يا كعب بن مالك، ويا مرارة بن ربيع، ويا هلال بن أمية، قد أنزل الله -تعالى- توبتكم، وقد تاب عليكم، قال تعالى: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).