يقول الأعشى في قصيدة له: وأحلم من قـس وأجرى من الـذي *** بذي الغيل من خفان أصبح حادرا وقال الحطيئة: وأقول من قس وأمضى كما مضى *** من الرمح إن مس النفوس نكالها وقال لبيد: وأخـلـف قـسـا لـيـتـنـي ولـعـلـنـي *** وأعـيا على لـقـمان حـكـم التـدبـر وأشار بذالك إلى قول قس بن ساعدة: وما قد تولى فـهـو قـد فـات ذاهـبا *** فـهـل يـنـفـعـني لـيـتـني ولعـلني كان قارئا كاتبا ويقول أهل الأخبار ان قسا كان قارئا كاتبا مطلعا على كتب أهل الكتاب، ولكنه لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، بل كان حنيفا يدين بالتوحيد. وقالوا انه كان متصلا بقيصر الروم وفد اليه فاكرمه وعظمه وانه توفي قبيل البعثة سنة 600 م. فإذا شئت الإطلاع على المزيد من أخباره فانظر مثلا: البداية والنهاية، لابن كثير؛ دلائل النبوة، للبيهقي؛ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، للدكتور جواد علي؛ تاريخ الأدب العربي، لأحمد حسن الزيات، وغير ذلك من المراجع.
قس بن ساعدة الإيادي هو خطيب من أكبر حكماء العرب قبل الإسلام. رآه النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبيل البعثة يخطب الناس بسوق عكاظ وروى خطبته وعجب من حسنها وأظهر تصويبها ثم قال: « يرحم الله قسا أما إنه سيبعث يوم القيامة أمة وحده ». حياته هو من بني إياد أحد حكماء العرب، ومن كبار خطبائهم، في الجاهلية كان أسقف نجران، ويقال إنه كان أول عربي خطب متوكئا على سيف أو عصا، وأول من قال في كلامه " أما بعد " وكان يذهب إلى قيصر الروم ، زائرا، فيكرمه ويعظمه وهو معدود في المعمرين ، طالت حياته وأدركه النبي صلى الله عليه وسلم ، قبل الوحى ، ورآه في عكاظ. ايها الناس اسمعو وعوا. كان يعرف النبي صلى الله عليه وسلم وينتظر ظهوره ويقول: إن لله دينا خير من الدين الذي أنتم عليه. وكان النبي يترحم عليه ويقول: يحشر يوم القيامة امة واحدة. وقيل أرثي بيت قالتة العرب كان لقيس -- عليك سلام الله قيس بن عاصم * ورحمته ما شاء أن يترحما تحية من أوليتهُ منك منة * إذا ذكرت مثلها تملأ الفما فما كان قيس هلكهُ هلكُ واحد * ولكنه بنيان قوم تهدما الابيات لبعدة بن الطيب........................................................................................................................................................................ قال الجاحظ قال الجاحظ في البيان والتبيين: ومن خطباء إياد قس بن ساعدة، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيته بسوق عكاظ على جمل أحمر وهو يقول: "أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا.
من عاش مات، ومن مات فات وكل ما هو آت آت" وهو القائل في هذه: "آيات محكمات، مطر ونبات، وآباء وأمهات، وذاهب وآت. ضوء وظلام، وبر وآثام، ولباس ومركب، ومطعم ومشرب. ونجوم تمور، وبحور لا تغور، وسقف مرفوع، ومهاد موضوع، وليل داج، وسماء ذات أبراج. مالي أرى الناس يموتون ولا يرجعون. أرضوا فأقاموا أم حبسوا فناموا". وهو القائل: "يا معشر إياد، أين ثمود وعاد، وأين الآباء والأجداد. من خطبة (قس بن ساعــــــــدة). أين المعروف الذي لم يشكر، والظلم الذي لم ينكر، أقسم قس بالله إن لله لدينا أرضى من دينكم هذا". وأنشدوا له: فـي الـذاهـبــيــن الأ ولـيـ *** ن من القرون لنا بـصائـر لـما رأ يـــــت مـــواردا *** للـموت لـيـس لها مصـادر ورأ يـــت قومي نـحـوها *** يمضي الأصاغر والأكابر لا يـرجـع الــماضـي ولا *** يـبـقى مـن البـاقـيـن غـابـر أيـقــنــت أ نـي لا مــحــا *** لة حـيث صار القوم صائر وقال الجاحظ أيضا وقال الجاحظ في موضع آخر من نفس الكتاب: ولإياد وتميم في الخطب خصلة ليست لأحد من العرب، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي روى كلام قس بن ساعدة وموقفه على جمله بعكاظ وموعظته، وهو الذي رواه لقريش والعرب، وهو الذي عجب من حسنه وأظهر تصويبه، وهذا إسناد تعجز عنه الأماني وتنقطع دونه الآمال.
* الحناس الناقص:– ( تزهر- تزخر) ( مات- فات) ( خبرا- عبرا) وسر جماله يعطى جرسا موسيقيا. س: علل - الفقرة السابقة من الخطبة خالية من الخيال: - جاءت خالية من الخيال لأنه اعتمد على مخاطبة العقل واستخدام البرهان لإقناع المستمعين. يا معشر إياد: أين الآباء والأجداد ؟ وأين الفراعنة الشداد ؟ ألم يكونوا أكثر منكم مالاً وأطول آجالاً ؟ طحنهم الدهر بكلكله ، ومزقهم بتطاوله. الكلمة تفســــــــــــيرهــــــــا معشر جماعة ، ج معاشر الشداد الأقوياء ، م شديد آجالا أعمارا، م أجل الدهر الزمن، ج أدهر دهور طحنهم حطمهم وقضى عليهم كلكله صدره ، ج كلاكل * اعلموا أن مصير الجميع الموت والفناء كما حدث لآبائنا وأجدادنا وكما حدث لفراعنة مصر الأقوياء فقد كانوا أكثر قوة ومالا وأطول أعمارا فمزقهم الزمن س: ما نوع الأسلوب فى الخطبة السابقة ؟ * يا معشر:– أسلوب إنشائى نداء غرضه التنيه والاهتمام. * ألم يكونوا ؟:- إنشائى استفهام للتقرير والتوكيد. * أين الأباء وأين الفراعنة ؟:- إنشائى استفهام للتنبيه والتشويق. * السجع: فى فواصل الجمل ( إياد ، الأجداد / كلكله ، تطاوله) وسر جماله يعطى جرسا موسيقيا يطرب الأذن. * طحنهم ، مزقهم:– توحى بالقسوة والعنف.
قال الخليفة أبو بكر الصديق عن قس بن ساعدة الإيادي وخطبته في سوق عكاظ قبل البعثة النبوية وكان الرسول محمد حاضراً: لستُ أنساه بسوق عكاظ على جمل له أوراق وهو يتكلم بكلام مؤنق. فقال حين خطب فأطنب ورغُب ورهُب. وحذر وأنذر. قال في خطبته: أيها الناس اسمعوا وعوا وإذا وعيتم فانتفعوا. إنه من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آتٍ آت. مطر ونبات وأرزاق وأقوات. وآباء وأمهات وأحياء وأموات. وجمع وشتات. وآياتٌ بعد آيات. ليل موضوع. وسقف مرفوع. ونجوم تغور. وأراضٍ تمور. وبحور تموج. وتجارة تروج. وضوء وظلام. وبر وآثام ومطعم ومشرب. وملبس ومركب. ألا أن أبلغ العظات. السير في الفلوات. والنظر إلى محل الأموات. إن في السماء لخبرا. وإن في الأرض لعبرا. ليل داجٍ وسماء ذات أبراج. وأرض ذات رتاج. وبحار ذات أمواج. ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون. أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا هنا فناموا؟ أقسم بالله قسماً حقاً. لا آثماً فيه ولا حانثاً. إن لله ديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه. ثم قال: تباً لأرباب الغفلة. من الأمم الخالية. والقرون الماضية. يا معشر إباد. أين الآباء والأجداد. وأين المريض والعوّاد. وأين الفراعنة الشداد.
وقد حذر الله عباده من القنوط من رحمته؛ فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}، فالقنوط من رحمة الله تنقيص لكرم الله المطلق ورحمته، وتكذيب البشرى، وكل ذلك مناف لكمال التوحيد ؛ قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]. فالله تعالى يغفر جميع الذنوب لكل من تاب من الشرك والكفر والكبائر، وهو مذهب جميع الصحابة وسلف الأمة وسائر الأئمة، وليس في هذا خلاف بين أهل العلم ، والقنوط أن يعتقد أن الله لا يغفر له إذا تاب، ولا يقبل توبته. فالمؤمن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء؛ بحيث لا يذهب مع الخوف فقط حتى يقنط من رحمة الله، ولا يذهب مع الرجاء فقط حتى يأمن من مكر الله؛ لأن القنوط من رحمة الله والأمن من مكر الله ينافيان التوحيد؛ قال تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99]،، والله أعلم. 19 9 21, 263
القنوط من رَوح الله! وحذّر الدكتور المريخي من أن يبتعد العاصي ـ مهما بلغت معاصيه ـ عن طاعة الله، فلابد أن يتغلب على نفسه لقوله صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت وأتبِعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالق الناس بخلق حسن"، فعليه أن يلتفت لله، وأن يطرق كل باب يقربه إلى الله، والابتعاد عن الفرائض خلال المعصية يضاعف البلاء، لذا عليه بالطاعة والاستزادة بكل عمل يقربه إلى الله وإلى طاعته، وعليه أن لا ييأس من روح الله.
إذ فيه إمَّا التكذيب بالربوبية، وإمَّا الجهل بصفات الله تعالى) [7589] ((المحرر الوجيز)) لابن عطية (3/274). قال القرطبي: (اليأْس من رحمة الله،.. فيه تكذيب القرآن، إذ يقول وقوله الحق: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف: 156] وهو يقول: لا يغفر له، فقد حجَّر واسعًا. هذا إذا كان معتقدًا لذلك، ولذلك قال الله تعالى: إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87] ، وبعده القنوط، قال الله تعالى: وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ [الحجر: 56]) [7590] انظر: ((الجامع لأحكام القرآن)). بتصرف يسير (5/160). 4- اليأْس فيه سوء أدب مع الله سبحانه وتعالى: فـ(الخوف الموقع في الإياس: إساءة أدب على رحمة الله، التي سبقت غضبه، وجهل بها) [7591] ((صلاح الأمة في علو الهمة)) لسيد العفاني (5/673). 5- اليأْس سبب في الوقوع في الكفر والهلاك والضلال: قال القاسمي: وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا [الإسراء: 83] إشارة إلى السبب في وقوع هؤلاء الضالين في أودية الضلال. وهو حب الدنيا وإيثارها على الأخرى، وكفران نعمه تعالى.
تحضير درس البعث والحساب مدخل التزكية للجذع المشترك العلمي والأدبي مقرر التربية الإسلامية الجديد في طبعته الأخيرة. عنوان المدخل: التزكية/ عنوان الدرس: البعث والحساب/ الفئة المستهدفة: جذع مشترك(علمي-أدبي). تحضير الملخص الشامل للدرس نصوص الانطلاق المؤطرة للدرس: النص 1: قال تعالى:﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)﴾ [سورة الحج الآيتان 07. 06] النص 2: و قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) ﴾[سورة غافر الآية16. ]
وقد عُدَّ من الكبائر -بالإجماع-؛ لما وردَ فيه مِن الوعيد الشديد؛ كقوله تعالى: إنَّه لا ييأس مِن روح الله إلا القومُ الكافِرون يوسف/87 ، وقوله سبحانه: ومَن يقنَط مِن رحمة ربِّه إلا الضَّالُّون الحِجر/ 56 ، والله أعلم. وينظر للاستزادة: تفسير القرطبي (5/ 160)، و الزواجِر عن اقتراق الكبائر لابن حجر الهيتميّ (الكبيرة الأربعون)، و شرح العقيدة الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ ( 1/ 552)، و الموسوعة الفقهية الكويتية (7/ 200). والله أعلم