قال عمران: فما أدري قال النبي ﷺ مرتين أو ثلاثًا، ثم يكون بعدهم قوم يَشهدون ولا يُستشهدون. المفتي: اللسان الذي يخوض في أعراض الصحابة لسان مريض. صح عن النبي ﷺ أن خير الشهود من يأتي بالشهادة قبل أن تطلب منه [4] ، والجمع بينه وبين هذا الحديث كما ذكره بعض أهل العلم: أن المراد فيمن أثنى عليهم النبي ﷺ في خير الشهود في كون ذلك مما قد يخفى على من يشهد له، فيضيع حقه، فيأتي هذا الإنسان بهذه الشهادة قبل أن تطلب منه، وبهذا يكون قد حفظ حقًا لمن شهد له. وأما هذا الذي ورد فيه الذم وهم الذين يشهدون ولا يستشهدون فيحتمل أن يكون المراد به أولئك الذين يأتون بالشهادة وقد عرف صاحب الحق حقه، فيأتون فضولًا منهم وتسرعًا وعجلة، فيأتون بالشهادة ولم تطلب. والشهادة ليست بالشيء السهل، ومن أهل العلم من قال: إن المراد بـ يشهدون ولا يستشهدون أنهم ليسوا بمحل للشهادة، ولا بأهل للأمانة، ولا الثقة، فهم لا يُستشهدون ولا يُلجأ إليهم فيها، ولكنهم يأتون من عند أنفسهم فيشهدون. المقصود أن هذا يدل على قلة اكتراثهم، وعلى مسارعتهم وقلة تورعهم، فهو يبذل الشهادة ويتسارع فيها دون تحرٍّ ولا تأنٍّ ولا تثبت، ولم يطلب منه ذلك، ولكنه لفرط سرعته وتعجله وخفة عقله يأتي ويقدم الشهادة ولم تطلب منه، فهذا يدل على قلة الدين وخفة الورع والتسرع فيما ينبغي الأناة فيه.
ومن علامةِ هؤلاء الضَّالِّين أنْ يَظهَر فيهم السِّمَنُ، وهو كَثرةُ اللَّحمِ والشَّحمِ في الأجسامِ، أو هُم يَتكثَّرون بِما لَيْسَ فيهم مِن الشَّرَفِ، أو يَجمَعونَ الأموالَ أو يَغفُلونَ عن أمْرِ الدِّينِ. وفي الحَديثِ: إشارةٌ إلى لُزومِ اتِّباعِ سَبيلِ القُرونِ الثَّلاثةِ الأُولى؛ فإنَّ مَن قَرُبَ زَمَنُه مِن زَمنِ النُّبوَّةِ فهو أَوْلَى بالفضْلِ والعِلمِ والتَّأسِّي والاقتداءِ بهَدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وفيه: ذمُّ التَّساهُلِ في أُمورِ الشَّهاداتِ والأَيْمانِ.
فقال بعضهم: يشترط لأداء الشهادة أن يكون بالغا، فإذا تحمل وهو صغير؛ لم تقبل منه حتى يبلغ. وقال بعضهم: شهادة الصغار بعضهم على بعض مقبولة تحملا وأداء ؛ لأن البالغ يندر أن يوجد بين الصغار. خير الناس قرني فتح الباري. وقال بعضهم: تقبل شهادة الصغار بعضهم على بعض إن شهدوا في الحال ؛ لأنه بعد التفرق يحتمل النسيان أو التلقين ، ولا يسع العمل إلا بهذا، وإلا لضاعت حقوق كثيرة بين الصبيان. ويستفاد من هذا الأثر: جواز ضرب الصبي على الأخلاق إذا لم يتأدب إلا بالضرب ". انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (10/ 1058-1059) وانظر للفائدة إجابة السؤال رقم: ( 218999). والله أعلم.
ـ [عبدالرحمن نور الدين] ــــــــ [26 - 08 - 10, 09: 12 ص] ـ اخي الفاضل، مررت علي طبقة التابعين في كتاب تقريب التهذيب، وخرجت بنتيجة هامة وهي: أن أغلبهم ثقات أو صدوقين، أن الضعفاء فيهم ضعفهم يسير ينجبر (وعددهم قليل) ، أن من ترك فيهم أو اتهم معدودون معروفون - وسوف أذكرهم لك -، انعدام الكذب والوضع في هذه الطبقة (تبعاً لحكم ابن حجر). وبالإخص: كبار التابعين والوسطي والتي تليها، وظهر في صغار التابعين- والتي عاصرتها - الكذب والتهمة به، ونذكر من وصفوا بذلك - مرتبين علي الطبقات -: 1 - الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني: فى حديثه ضعف، كذبه الشعبى فى رأيه، ورمى بالرفض (من الثانية). 2 - ميناء بن أبى ميناء - مولى عبدالرحمن بن عوف -: متروك ورمى بالقدر وكذبه أبو حاتم (من الثانية). 3 - أصبغ بن نباتة التميمى الحنظلى: متروك رمى بالرفض (من الثالثة). 4 - أبو المهزم التميمى البصرى - اسمه يزيد بن سفيان -: متروك (من الثالثة). 5 - إسحاق بن عمر: تركه الدارقطني (من الثالثة). 6 - أبو هارون عمارة بن جوين العبدى البصرى: متروك ومنهم من كذبه، شيعى (من الرابعة). خير الناس قرني ثم الذين يلونهم. 7 - إسحاق بن عبد الله بن أبى فروة: متروك (من الرابعة). 8 - أبان بن أبى عياش: متروك (من الخامسة).