موقع شاهد فور

ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن تفسير الميزان

May 13, 2024

‏ ولذلك ختمت الآية الكريمة بقول الحق ـ تبارك وتعالي‏:‏ ‏(.... ‏أولئك يدعون إلي النار والله يدعو إلي الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون‏). ‏ أي أن مصاهرة المشركين تؤدي بالمسلمين حتما إلي النار ـ وأن الثبات علي أوامر الله ـ تعالي ـ بتحريم ذلك يؤدي بالمسلمين إلي جنات الله ومغفرته ـ والله ـ سبحانه وتعالي ـ يوضح مبررات أوامره للناس حتي يفيقوا من ركام الادعاءات المادية الباطلة فيميزوا بين الخير والشر ـ والطيب والخبيث ـ وبين ما ينفعهم في الدنيا والآخرة ـ وما يدمرهم في الدارين ـ والله يقول الحق ويهدي إلي سواء السبيل‏. ‏ وفي قوله‏-‏ تعالي‏-:(‏ ولا تنكحوا المشركات حتي يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم‏... ). ‏ أي لاترتبطوا بزواج أي من المشركات إلي أن يؤمن إيمانا صادقا صحيحا لا لبس فيه ولامجاملة ـ والمراد بالنكاح هنا هو عقد عقدة الزواج وهو من الفعل الثلاثي‏(‏ نكح‏)‏ أي عقد عقدة الزواج ـ وهذا الفعل الثلاثي لايتعدي إلا إلي مفعول واحد هو هنا‏(‏ المشركات‏). ‏ وفي قوله ـ تعالي‏-:(... حكم نكاح المشركة. ‏ ولا تنكحوا المشركين حتي يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم‏... ‏ تأكيد حرمة تزويج المسلمة أو زواجها هي بالمشرك‏.

  1. حكم نكاح المشركة
  2. (178) قوله تعالى: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ..} الآية:221 - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
  3. الباحث القرآني
  4. اعراب سورة البقرة الأية 221

حكم نكاح المشركة

تاريخ النشر: ١٨ / جمادى الأولى / ١٤٣٧ مرات الإستماع: 1311 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فيقول الله -تبارك وتعالى: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [سورة البقرة:221]. ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، يعني: ولا تتزوجوا المؤمنات عابدات الأوثان حتى يدخلن في الإسلام، واعلموا أن امرأة مملوكة لا مال لها ولا حسب لكنها مؤمنة بالله خير من امرأة مشركة وإن أعجبتكم تلك المشركة الحرة كما قال بعض المفسرين باعتبار أن الأمة هي المملوكة، وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ. وبعضهم يقول: إن الأمة هنا بمعنى المرأة، فالناس إماء الله -تبارك وتعالى، وَلَأَمَةٌ يعني: امرأة مؤمنة، خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تزوجوا نساءكم المؤمنات سواء كن من الإيماء أو الحرائر للمشركين حتى يؤمنوا بالله ورسوله ﷺ، واعلموا أن عبدًا مؤمنًا مع فقره خير من مشرك وإن أعجبكم المشرك، أولئك يعني المتصفين بالشرك رجالاً ونساء يدعون إلى النار، يدعون من يُخالطهم ويُعاشرهم أو يُصغي إليهم يدعونه إلى النار وما يؤدي إليها، والله -تبارك وتعالى- يدعوا عباده إلى دينه الحق وطاعته وما يؤدي بهم إلى الجنة ومغفرة الذنوب بإذنه، ويُبين آياته وأحكامه للناس؛ لكي يتذكروا فيعتبروا.

(178) قوله تعالى: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ..} الآية:221 - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت

وكذلك أيضًا المُهاجرات التي يأتين من المشركين أمر الله بامتحانهن: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [سورة الممتحنة:10]، وجاء بها بهذه الصيغة من الجهتين، أنها لا تحل له وكذلك هو لا يحل لها، فهذا كله سواء كان في أهل الكتاب أو في غيرهم المرأة المسلمة لا يجوز أن يتزوجها غير المسلم أيًا كان دينه. (178) قوله تعالى: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ..} الآية:221 - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت. وكذلك أيضًا يؤخذ من هذه الآية عمومًا أن المؤمن خير من المشرك وهذا أمر لا إشكال فيه ولو كان في المشرك من الأوصاف من العقل والفطنة والاختراع والقوة البدنية وغير ذلك ولو كان فيه ما فيه، ولو كان هذا المؤمن من أضعف الناس عقلاً وتدبيرًا ومن أفقرهم وممن لا يملك مهارات ولا قدرات ولا قوى ولا غير ذلك، فالعبرة أولاً بالإيمان وبه يحصل التفاضل، كذلك أيضًا كما قال الله -تبارك وتعالى: قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ [سورة المائدة:100]، فلا شك أن المؤمن طيب وأن المشرك خبيث. وكذلك أيضًا تفاضل الناس في أحوالهم أيضًا: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ. وكذلك أيضًا يؤخذ من تنكير الأمة والعبد: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ، وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ، فهذا فيه مُبالغة في النهي عن تزويج المشركين، أو تزوج المشركات وهذه اللام تفيد التوكيد وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ ، وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ ، تُشبه لام القسم.

الباحث القرآني

وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُقاتِلِ بْنِ حَيّانَ في قَوْلِهِ: ﴿ولأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ﴾ قالَ: بَلَغَنا أنَّها كانَتْ أمَةً لِحُذَيْفَةَ سَوْداءَ، فَأعْتَقَها وتَزَوَّجَها حُذَيْفَةُ. ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ في "مُسْنَدِهِ"، وابْنُ ماجَهْ، والبَيْهَقِيُّ في "سُنَنِهِ"، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: "«لا تَنْكِحُوا النِّساءَ لِحُسْنِهِنَّ، فَعَسى حُسْنُهُنَّ أنْ يُرْدِيَهُنَّ، ولا تَنْكِحُوهُنَّ عَلى أمْوالِهِنَّ، فَعَسى أمْوالُهُنَّ أنْ تُطْغِيَهُنَّ، وانْكِحُوهُنَّ عَلى الدِّينِ، فَلَأمَةٌ سَوْداءُ خَرْماءُ ذاتُ دِينٍ أفْضَلُ"». (p-٥٦٦)وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ، وابْنُ ماجَهْ، والبَيْهَقِيُّ في "سُنَنِهِ"، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: "«تُنْكَحُ المَرْأةُ لِأرْبَعٍ؛ لِمالِها ولِحَسَبِها ولِجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بِذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ"». وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ جابِرٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ لَهُ: «"إنَّ المَرْأةَ تُنْكَحُ عَلى دِينِها ومالِها وجَمالِها، فَعَلَيْكَ بِذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ"».

اعراب سورة البقرة الأية 221

والشهادة على النكاح عند المالكية ليست بشرط، ويكفي من ذلك شهرة العقد والإعلان به، وخرج عن أن يكون نكاح سر. يبقى بعد ما تقدم أمران: الأول: أن كثيراً من أهل الكتاب اليوم قد فسدت عقائدهم، وانحرفت مسالكهم؛ فبعض النصارى يؤلهون عيسى عليه السلام، وبعضهم الآخر يجعلونه شريكاً لله، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيراً، وكذلك بعض اليهود يقولون: { عزير ابن الله} (التوبة:30)، فعلى هذا، أمثال هؤلاء يدخلون في حكم المشركين، الذين نصت عليهم الآية بحرمة زواج المسلم منهم، وبذلك قال بعض أهل العلم كما تقدم؛ ففي "الموطأ" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (لا أعلم شركاً أعظم من أن تقول المرأة: ربها عيسى". ومن المقرر أصولاً أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، والآية التي أباحت الزواج بالكتابيات لابد من تقييدها بالكتابيات اللائي لم تفسد عقائدهن، وبذلك تأتلف النصوص وتتفق. ورحم الله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد كان ينظر إلى مصالح المسلمين، نسائهم ورجالهم، ويسوسهم بالنظر والمصلحة، وما أحوجنا إلى مثل هذه السياسة، فإن كثيراً من الشباب المسلمين رغبوا عن الزواج من المحصنات المسلمات إلى الزواج بالكتابيات الأجنبيات.

وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221) «وَلا» الواو استئنافية لا ناهية جازمة «تَنْكِحُوا» مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل «الْمُشْرِكاتِ» مفعول به منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم. «حَتَّى» حرف غاية وجر «يُؤْمِنَّ» فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ونون النسوة فاعل وهو في محل نصب بأن المضمرة بعد حتى ، والمصدر المؤول منها مع الفعل في محل جر بحتى وهما متعلقان بتنكحوا «وَلَأَمَةٌ» الواو استئنافية واللام للابتداء أمة مبتدأ «مُؤْمِنَةٌ» صفة «خَيْرٌ» خبر «مِنْ مُشْرِكَةٍ» متعلقان باسم التفضيل خير «وَلَوْ» الواو حالية لو حرف شرط بمعنى إن «أَعْجَبَتْكُمْ» فعل ماض ومفعول به والتاء للتأنيث والفاعل هو يعود إلى مشركة والجملة حالية.

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ﴾. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُقاتِلِ بْنِ حَيّانَ قالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في أبِي مَرْثَدٍ الغَنَوِيِّ، اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ ﷺ في عَناقَ أنْ يَتَزَوَّجَها، وكانَتْ ذاتَ (p-٥٦٢)حَظٍّ مِن جَمالٍ، وهي مُشْرِكَةٌ، وأبُو مَرْثَدٍ يَوْمَئِذٍ مُسْلِمٌ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّها تُعْجِبُنِي، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ ولأمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكَةٍ ولَوْ أعْجَبَتْكُمْ﴾ [البقرة»: ٢٢١]. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والنَّحّاسُ في "ناسِخِهِ"، والبَيْهَقِيُّ في "سُنَنِهِ"، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ﴾. قالَ: اسْتَثْنى اللَّهُ مِن ذَلِكَ نِساءَ أهْلِ الكِتابِ، فَقالَ: ﴿والمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ﴾ [المائدة: ٥]. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في "ناسِخِهِ"، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ﴾. قالَ: نُسِخَ مِن ذَلِكَ نِكاحُ نِساءِ أهْلِ الكِتابِ، أحَلَّهُنَّ لِلْمُسْلِمِينَ، وحَرَّمَ المُسْلِماتِ عَلى رِجالِهِمْ.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]