موقع شاهد فور

فما يكذبك بعد بالدين

June 26, 2024

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨) ﴾. اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ﴾ فقال بعضهم معناه: فمن يكذّبك يا محمد بعد هذه الحجج التي احتججنا بها، بالدين، يعني: بطاعة الله، وما بعثك به من الحقّ، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: "ما" في معنى "مَنْ"، لأنه عُنِيَ به ابن آدم، ومن بعث إليه النبيّ ﷺ. وقال آخرون: بل معنى ذلك: فما يكذّبك أيها الإنسان بعد هذه الحجج بالدين. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، قال: قلت لمجاهد: ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ﴾ عني به النبيّ ﷺ؟ قال: معاذ الله! عُني به الإنسان. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عمن سمع مجاهدا يقول: ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ﴾ قلت: يعني به: النبيّ ﷺ؟ قال: معاذ الله! إنما يعني به الإنسان. ⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ﴾ أعني به النبيّ ﷺ؟ قال: معاذ الله! إنما عُنِيَ به الإنسان. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة التين - القول في تأويل قوله تعالى " فما يكذبك بعد بالدين ". ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الكلبيّ ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ﴾ ؟ إنما يعني الإنسان، يقول: خلقتك في أحسن تقويم، فما يكذّبك أيها الإنسان بعد بالدين.

إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة التين - القول في تأويل قوله تعالى " فما يكذبك بعد بالدين "

تحدثت في منشور سابق بعنوان "لماذا أخفق العلمُ في التعاملِ مع المشكلة الإنسانية؟" عن العلة من وراء عجز العلم عن مقاربة الظاهرة الإنسانية المقاربةَ التي كانت لتُعينَنا على الإجابةِ عن كثيرٍ من الأسئلة ذات الصلة بـ "تفرُّد" الإنسان وتمايُزه عن غيرِه من الكائنات البايولوجية لو أنَّ العلمَ كان حقاً كما يزعم قد أحاطَ بالماضي التطوري للإنسان الإحاطةَ المثلى، وذلك بقصرِهِ هذا الماضي على ما يقول به من أصلٍ حيواني للإنسان هو، من وجهةِ نظرِه، أصلُه الوحيد ومحتدُّهُ الأوحد! فأنى للعلمِ أن يُوفَّقَ إلى إجادة التعاملِ المعرفي مع المشكلة الإنسانية وهو يُصِرُّ على أن ليس هناك من تفاصيلَ في مسيرةِ تطورِ الإنسان لا يمكنُ له أن يُرجعَها إلى أصلِه الحيواني الذي يقول به؟! إنَّ هذا الذي هو عليه الإنسانُ من "تفرُّدٍ" لا يمكنُ للعلمِ أن يُعلِّلَ له بالرجوعِ إلى ما يقولُ به من أصلِه الحيواني. فالذي حدثَ للإنسانِ من "ردة تطورية" هو بحق إنتكاسة لا يمكن أن تُستوعَبَ بمجرد القول بأنَّ مفرداتِها كلَّها جميعاً قابلةٌ لأن يتمَّ التعليلُ لها دون أن يضطرَّنا ذلك إلى التشكيكِ بماضي الإنسان الحيواني، والذي يمثِّل، من وجهةِ نظرِ العلم، كلَّ ما حدثَ للإنسان في غابرِ الإزمان!

Skip to content الرئيسية كتاب التفسير الجامع سورة التين الآية رقم (7) - فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ الخطاب للإنسان الّذي قال عنه: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾، فنحن خلقناك وسوّينا خلقك في أحسن تقويمٍ، وأرسلنا لك الرّسالات من على جبل الطّور وصولاً إلى البلد الأمين مكّة، فما يُكذّبك أيّها الإنسان بعد أن بيّنا لك الآيات؟ ﴿بِالدِّينِ﴾: الدّين معرّف بالألف واللّام؛ أي المعهود فيه أنّه دين الإسلام: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران]؛ لأنّ الرّسالات السّماويّة كلّها جاءت بدين الإسلام، والدّين أيضاً يوم الحساب. فما يُكذّبك أيّها الإنسان بالدّين؟ أي بالبعث، ما الّذي دعاك إلى ذلك؟ قضاء الله سبحانه وتعالى في وجود يوم الدّين هو عين الحقّ، فقد أعطى الاتّزان للوجود، وحمى الضّعيف والمظلوم، وأبقى الحقّ في الكون، ومنع الدّنيا أن تتحوّل إلى غابةٍ يفتك بها القويّ بالضّعيف، والظّالم بالمظلوم، والله سبحانه وتعالى مالك هذا اليوم سيُحاسِب الخلق. فَما الفاء الفصيحة ما: اسم استفهام مبتدأ يُكَذِّبُكَ: مضارع ومفعوله والفاعل مستتر والجملة خبر المبتدأ والجملة الاسمية جواب الشرط المقدر لا محل لها بَعْدُ: ظرف زمان مبني على الضم بِالدِّينِ: متعلقان بالفعل.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]