فأي عمل انتُفي عنه الإخلاص وقصد رضا الله فهو غير مقبول، ويعبِّر عن هذا حديثُ النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، والحديثُ القدسيُّ: ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)). وأيضًا أي عمل خالف نهجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فهو مردودٌ على صاحبه، ودلَّت على ذلك آيةُ الحشر: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، والحديثُ الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحدَث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ)). لا اله إلا الله محمد رسول الله صلى الله. غير أننا للأسف نجد معظمَ من يتَنادَون بتلك الجملة العظيمة يقولونها لا تتَجاوز حناجرهم، حتى وإن كانت شهاداتُ ميلادهم تشهَد بأنهم مسلمون موحِّدون. فتجد الكثيرين يردِّدون هذه الكلمات دائمًا، غير أن أفعالهم تُناقضها وتخالفها. فكثيرون غَرقى في بحار المعاصي والذنوب، وكثيرون لا يَقومون حتى بالفرائض التي تقتضيها هذه الجملة، وكثيرون إن عملوا أشرَكوا غير الله في توجُّهِهم ونواياهم، وكثيرون يأخذون بعض واجبات هذه الجملة ويتركون بعضها. هذا واقعٌ يحيط بأمة الإسلام المشتَّتة حاليًّا، غيرِ القائمة في مجموعها بتطبيق جملة التوحيد، غير الحاكمة بشرع الله في سياساتها أو اقتصادها!
الحمد لله. قول الداعي: " أسألك يا الله بحق وثقل وقدر لا إله إلا الله " ، أو " أتوسل إليك ربنا بحق وثقل وقدر لا إله إلا الله محمد رسول الله ": إن كان مراده أن يتوسل إلى الله بمضمون هذه الكلمة المباركة: أن الله جل جلاله واحد أحد ، لا شريك له ؛ فهذا توسل صحيح ، لأن الوحدانية صفة لله جل جلاله ، ثابتة له بإجماع المسلمين. وإن كان مراده التوسل إلى الله بحق هذه الكلمة ، الذي أوجبه سبحانه على نفسه: ( ألا يعذب من لا يشرك به شيئا) ؛ فهذا أيضا توسل مشروع إلى الله تعالى بفعله الذي يحبه ، وأوجبه على نفسه. وإن كان مراده التوسل إلى الله بإقراره له بهذه الكلمة ، وشهادته له بالوحدانية ؛ فهذا عمل صالح ، بل هو من أفضل الأعمال الصالحة ، وأعظم القربات إلى الله ؛ فيشرع التوسل إليه به. وإن كان مراده التوسل إلى الله بثواب هذه الكلمة عند الله ، وثقلها في ميزان صاحبها ، كما هو الظاهر من العبارة المذكورة: فثوابه العمل ، وأجره ، وثقله: خلق من خلق الله ، لا يجوز التوسل إلى الله به. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ محمد رسولُ – اجمل واروع الصور الاسلامية والدينية 2020. ولأجل احتمال هذه العبارة لمعاني صحيحة ، ومعاني غير مشروعة ، وربما احتمل الكلام غير ذلك في مراد من يطلقها ، ولم نقف عليه ، أو لم ننتبه له: فالذي نراه أن في المشروع من الأدعية وصيغ التوسل والتقرب إلى الله ما يغني عن ذلك ، وأبعد عن اللبس والخطأ فيه.