تزوج رسول الله سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بعد موت خديجة وكان ذلك بمكة. وكانت سودة تحت ابن عم لها يقال له السكران بن عمرو - أخو سهيل بن عمرو - وكانا قد أسلما قديمًا، وهاجرا إلى الحبشة الهجرة الثانية. فلما قدما مكة مع من قدم إليها من مهاجري الحبشة مات زوجها. فلما أسنت - بعد هجرتها إلى المدينة - خافت أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي راغبة في البقاء في عداد زوجاته، فجعلت يومها لعائشة. والحقيقة أن هذا كان مجرد شعور منها وخوف، ولم يكن لذلك ما يبرره. واختلف في تاريخ وفاتها، وجزم الذهبي بأنها ماتت في آخر خلافة عمر. وروت عنه صلى الله عليه وسلم خمسة أحاديث، في البخاري منها حديث واحد [1]. سيرة جناب "سودة بنت زمعة". [1] شرح الزرقاني (3 /229).
ان وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها، كان سبب في ان الأحزان عمت بيت النبي صل الله عليه وسلم وسمي عام الحزن لوفاة جده. وحيث الحزن والوحدة، وافتقاد من يتولى أمور البيت والأولاد، فأشفق عليه أصحابه رضوان الله عليهم وبدأوا يحثون النبي صل الله عليه وسلم على الزواج، فقاموا بإرسال خولة بنت حكيم السلمية - رضي الله عنها له تسأله : (يا رسول الله ، ألا تتزوج ؟ فسألها من قالت إن شيئت بكرًا وإن شيئت ثيبًا قال: من البكر ومن الثيب؟ قالت: أمَّا البكر فابنة أحبِّ خلق الله إليك، عائشة رضي الله عنها، وأما الثيِّب فسودة بنت زمعة)، فتزوج سودة. نسب سودة بنت زمعة هي سودة بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية، وهي ثاني زوجات النبي محمد، ومن أمهات المؤمنين، ومن السابقين الأولين في الإسلام، ولدت في مكة بتهامة في عائلة قرشية. وابوها: زمعة بن قيس بن عبد ود نصر العامري القرشي. وامها: هي الشموس بنت قيس بن عمرو بن زيد بن لبيد. أزواجها: السكران بن عمرو، النبي محمد صل الله عليه وسلم. سودة بنت زمعة (إحدى زوجات النبي عليه الصلاة والسلام) - موضوع. أخواتها: مالك بن زمعة وهاجر معها في الهجرة الثانية للحبشة. عبد بن زمعة، وانه لم يسلم عندما تزوج النبي محمد أخته، فجعل يحثو على رأسه التراب يندم على زواج أخته، ولما أسلم قال: «إني لسفيهٌ يومَ أحثو على رأسِي الترابَ أن تزوجَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سودةَ» أبناؤها: عبد الله بن السكران.
وتقول خولة: فأسرعتُ بالذهاب الى والد سودة وقلت له: ان محمد بن عبدالله يطلب يد ابنتك سودة ويريد ان يتقدم لخطبتها. فقال والد السيدة سودة: ان محمدا رجل كريم وعظيم، ولكن اطرحي الامر على سودة نفسها لنرى ماذا تقول؟ وما ان اعلنت السيدة سودة رضاها الكامل عن الامر، حتى قال والدها: قولي لمحمد فليتقدم، على الرحب والسعة. وكان هذا القران حدث في شهر رمضان العام العاشر للبعثة النبوية المباركة، ومكث الرسول الاكرم مع السيدة سودة قرابة الثلاثة اعوام ولم يتزوج غيرها. هذا القِران بين النبي والسيدة سودة التي كانت متقدمة في العمر على النبي(ص) اثار دهشة ابناء مكة ما حملهم على ان يخجلوا ويقللوا من إيذائهم للرسول(ص). بحيث ان شقيق السيدة سودة، عبد بن زمعة بعد ما اسلم كان يقول عندما تزوجت شقيقته من النبي(ص) كان يأسف لفعلتها ويعتبرها عملا غير مقبول، ويضيف انه كان يُهيل التراب على رأسه كالمجنون، لأن شقيقته تزوجت من الرسول (ص). وما ان تم زواج النبي من السيدة سودة حتى زاد حُب النبي الاعظم(ص) بين عشيرتها، وأُعجبوا بأخلاقه التي تفوق اخلاق كل بني الانسان، حتى اقبلوا يعتنقون الدين الاسلامي الحنيف زرافات زرافات. هذا الزواج الميمون، كان عاما واحدا قبل الهجرة وقد أبدعت السيدة سودة خلاله في إحتظان السيدة فاطمة الزهراء واختها ام كلثوم وخِدمة النبي(ص).
وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا«. فقد اكدت هاتان الايتان لأزواج النبي(ص)إن كُنَّ يُردن الحياة الدنيا والظهور بمظهر الجمال والزينة الظاهرية، فهذا لايليق بالنبي وشخصيته، وعليهن ان يخترن بين البقاء معه في تلك الحالة، والإعراض عن التبرج الجاهلي، وبين الانفصال عن الرسول الاكرم، لكن إن أردن البقاء مع الرسول والقبول بتعاليم الله ورسوله، فإن الله سيجزيهن يوم القيامة اجرا عظيما. وما ان سمعت السيدة سودة بنزول الآيتين الشريفتين حتى سارعت الى رسول الله(ص) لتقول له: يا رسول الله انا لم اطالب بشيئ. ویروى عن السيدة عائشة، انها كانت تقول: "ان سودة كان يساورها القلق دائما، بأن محمدا قد يطلقها لكبر سنها". وكانت سودة كالجدة بالنسبة لأم المؤمنين عائشة، وطالما كانت تقول احب ان يختارني الله سبحانه و تعالى يوم القيامة زوجة للرسول (ص). ويروي بعض المؤرخين ان ذات يوم حدثت بعض القضايا بين السيدة سودة والرسول الاكرم(ص)، ما حمل السيدة سودة لتتصور ان النبي سيُطلقها، فبادرته بالقول يارسول الله، ارجو ان لا تُطلقني لكي اكون في زمرة ازواجك يوم القيامة، ما حمل الرسول الاكرم(ص) على ان لايُطلقها.
وعندما ضاق المؤمنون القلائل ذرعاً بأذى قريش وتعرضها الدائم لهم بالإكراه والتعذيب والفتنة، أذن النبي (صلى الله عليه وسلم) لمن أراد منهم الهجرة إلى الحبشة. هجرتها هاجرت سودة مع زوجها السكران بن عمرو إلى الحبشة في جملة من هاجروا وهناك أقاموا مدة من الزمن بعيداً عن الأهل والوطن، في شوق دائم وحنين لا ينقطع، خصوصاً إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم). العودة من الحبشة وبإسلام عمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنهما) تشجع بعض المهاجرين إلى الحبشة بالعودة إلى مكة وآثر الآخرون البقاء. وكانت سودة (رضي الله عنها) مع زوجها ممن أسرعوا بالعودة..! وتعود أسباب سرعتها في العودة إلى ما كان قد أصاب زوجها من أمراض وعلل في غربته الموحشة، وبعده عن الأهل والوطن، والأحباب والأصحاب، وتغير المناخ. الأيم ومع وصول الزوجين إلى مكة فوجئا بأن قريش ماتزال على موقفها من العداء الشديد للإسلام والمسلمين، بل زادت من حدة الصراع، ولم ترعوِ عن غيها وكفرها وعنادها. ولازم الزوج السكران بن عمرو الفراش بسبب العلة، والضعف المتناهي، وقامت سودة على تمريضه ومداواته ومساعدته. ولكن لم تمضِ أيام على وصوله حتى اشتد به المرض ومنعه من الكلام والحركة، ولم يلبث أن فارق الحياة.