أدبيَّةُ النَّصِ: • السُؤالُ الذي بدأ به مُناجاته يُثيرُ في النَّفسِ تساؤلَها الأعظمَ وهدفها الأسمَى: نعيشُ أم نموتُ؟ وإن كنَّا نعيشُ فهل نعيشُ بحقٍ؟ وللسؤالِ في نصٍ أدبي بلاغةٌ في استثارةِ الأحاسيس وانتباهِ الأذهانِ إلى ما يُقال. • (هذا مأربٌ جديرٌ بالتمنِّي) أن تَضعَ جسدَكَ على سطحٍ مُريحٍ وتُسلِّمه إلى عالمٍ بعيدٍ عن الوَاقعِ الحادثِ، فيذهبُ عنكَ كل ألمٍ، وترغبُ عنكَ كلُّ فكرةٍ، بينَ الحياةِ والموتِ، مأربٌ جديرٌ مُستحقٌ للتمنِّي، ما يُريدُه هاملت ومَن يُعانِي. • (يجعلُ من حياتِنا طويلةً) ألا تَرى أن الشبابَ يَشيخُ بكثرةِ تقلُّباتِ الحَياةِ عليهِ؟ وثِقَلِ كاهلَه بالهُمومِ والأحزانِ والكَلَمِ والآلامِ؟ يشعرُ المرءُ منَّا، أحيانًا، أنَّه عاش دَهرًا طويلًا وهو بعمرِ الثلاثينَ مما رآه وعَاصرَه، والذي يشعرُ يعيشُ سنةً في شهرٍ، وقرنًا كاملًا في سنةٍ. استرسالُه في ذكرِ ما هو سيئٌ تَحمُّله دليلٌ على شدّةِ ما ألمَّ بصدرِه وآلمَ قلبَهُ. اكون او لا اكون مسلسل. • ثم يهتاجُ بكلِّ ما حَملَ من يأسٍ وظُلمٍ: (من ذا الذي يحتمل هذا كله وهو قادر على إنهائه بطعنةِ خنجر! من ذا الذي يحتمل وحشًا ضاريًا مفترسًا كهذا! ) • فيعودُ إلى يأسِه وسببِ وقوفِه على حافَّةِ الجَبلِ ولا يَسقطُ: (غيرَ أن خوفنا من الموت، ذلك البلد المجهول الذي لم يعد منه أحدٌ يقتل كل إرادةٍ فينا؛ فنؤثرُ الاستسلام وتحمّل المعلوم على مواجهة المجهول)، وذاك طبعُ كثير من النَّاسِ، ويصلُ ببعضِهم إلى حماقةٍ في الفكرِ: تحمُّلُ عذاب مَعلوم دون الذهابِ إلى نَعيمٍ مَجهولٍ.
فطوال المسرحية وهو يختلق الأعذار لعدم قتله ويبتعد عندما تكون لديه الفرصة، حيث أن الصراع هو جوهر المسرحية. في نهاية الحديث المنفرد مع نفسه، يخرج نفسه من هذا الوضع الانعكاسي من خلال اتخاذ قرار بأن التفكير فيه كثيرًا هو ما سيمنعه من التنفيذ، فقد قصد ربما في عبارة أكون أو لا أكون، أي إما أن أكون سيد قراراتي أو أجعل الغير يقرر حياتي بدلاً مني. أكمل القراءة قليلًا ما تتكرّر عباراتٌ في الأدب أو المسرحيات كما تكررت عبارة " أكون أو لا أكون " والتي يعود أصلها إلى مسرحيّة هاملت (Hamlet) للشهير وليام شكسبير. ولفهم مقصد الأمير هاملت علينا أولًا معرفة فكرة المسرحيّة وأحداث حياة الأمير الدراميّة. اكون او لا اكون - كاظم الساهر اغاني mp3 تحميل واستماع | كل العرب. تدور أحداث المسرحيّة حول أمير الدنمارك الشاب هاملت، والذي عانى من فقدانه لأبيه ملك الدنمارك في ظروفٍ مريبة، وبعدها بفترةٍ قصيرةٍ تزوّجت والدته من عمّه وبذلك أصبح هو الملك، الأمر الذي جعل هاملت يشكّ بكون وفاة أبيه فعل فاعلٍ. وزاد الطين بلّه رؤية هاملت لأبيه في منامه وهو يخبره بأن ما جرى له كان عبارةً عن مكيدةٍ محبوكةٍ بدقّة. وهنا جاءت هذه العبارة كافتتاحية للمشهد الأول من Hamlet in Act III، قاصدًا من وراءها الحياة والموت كفلسفةٍ تخطّت سور المسرحية ليتوسّع معناها ويصبح أسلوب حياةٍ.