فقيل لها: هو الوليد فلما تحقَّقَتْ ذلك حنَّت عليه بعد ذلك، وكانت عليه أحرص منه عليها قبل أن تحنَّ عليه. وروى ابن عساكر بسنده أنَّ الوليد سمع بخمار صلف بالحيرة فقصده حتى شرب منه ثلاثة أرطال من الخمر، وهو راكب على فرسه، ومعه اثنان من أصحابه، فلما انصرف أمر للخمَّار بخمسمائة دينار، وقال القاضي أبو الفرج: أخبار الوليد كثيرة قد جمعها الأخباريُّون مجموعةً ومفردةً، وقد جمعت شيئاً من سيرته وأخباره، ومن شعره الذي ضمنه ما فجر به من جرأته وسفاهته وحمقه وهزله ومجونه وسخافة دينه، وما صرَّح به من الإلحاد في القرآن العزيز، والكفر بمن أنزله وأُنْزل عليه، وقد عارضتُ شعرَه السَّخيفَ بشعر حصيف (محكم لا خلل فيه) ، وباطله بحق نبيه شريف، وترجيت رضاء الله عز وجل واستيجاب مغفرته. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: ثنا سليمان بن أبي شيخ، ثنا صالح بن سليمان، قال: أراد الوليدُ بن يزيد الحجَّ وقال: أشرب فوقَ ظهر الكعبة الخمر فهمُّوا أن يَفْتكوا به إذا خرج، فجاؤوا إلى خالد بن عبد الله القسريّ فسألوه أن يكون معهم فأبى، فقالوا له: فاكتم علينا، فقال: أما هذا فنعم فجاء إلى الوليد فقال: لا تخرج؛ فإني أخاف عليك فقال: ومن هؤلاء الذين تخافهم عليَّ ؟ قال: لا أخبرك بهم قال: إن لم تخبرني بهم بعثتُ بك إلى يوسف بن عمر قال: وإن بعثتَ بي إلى يوسف بن عمر فبعثه إلى يوسف فعاقبه حتى قتله.
نهايةُ وزوالُ دَوْلَته: كان هذا الرجلُ مجاهراً بالفواحش مُصرًّا عليها، منتهكاً محارمَ الله– عزَّ وجلَّ- لا يتحاشى من معصية، وربَّما اتَّهمه بعضُهم بالزَّندقة والانحلال من الدِّين، فالله أعلم؛ لكن الذي يظهر أنَّه كان عاصياً شاعراً ماجناً متعاطياً للمعاصي، لا يتحاشاها من أحد، ولا يستحيي من أحد، قبل أن يلي الخلافة وبعد أن ولي.