أحاديث في الأدب الشعبي حين أمر الله تعالى ببر الوالدين فهو ظاهر بمعاناتهما من أجل سعادة الأبناء، مطلع على ما يكنان من حب وأماني لمستقبلهم وما يتطلعان إليه منهم من آمال هي أكبر ما يتمنيان لنفسيهما من سعادة وتوفيق ونجاح. ولكن هناك من الأبناء من لا يشعر بكل هذا العطف والحنان، بل ربما تمادى إنكاراً لفضلهما وعقوقا لواجب برهما.
و أما أبناء سليمان فيعجزون عن فهم أن الرخاء الذي تمتع به العشيرة و الحي يعتمد على قوة و مكانة العشيرة، لذلك يكرسون أنفسهم لجمع المال، فتفارق الزعامة عائلة ناجي و تصبح العشيرة مستغلة بدل أن تكون حامية للناس العاديين. و لثلاثة أجيال أخرى يستمر انحدار العشيرة و الحي، و يعيش الحرافيش في فقر و عجز، يائسين من عودة أيام عاشور. ثم تنتقل الزعامة إلى جلال الطاغية الكئيب الذي يستخدم الرشوة و البلطجة ليبني لنفسه قصراً ضخماً مليئاً بالتحف ثم يستأجر ساحراً و يكرس نفسه لنيل الخلود، و يتمتم الحرافيش – الذين يلعبون دوراً آخر كنوع من الكورس الإغريقي الذي يعلق على أفعال القوي-: لقد تمت خيانة عهد عاشور، نظام العشيرة أضحى كارثة قديمة. لم خيل الضل على الأريل: لتكتمل الصورة! .. بقلم: د. الواثق كمير – سودانايل. ثم تضرب المجاعة القاهرة، يخزن التجار الطعام و يثور الحرافيش، ترد العشيرة بمعاقبتهم لحماية الأغنياء، و في ظل هذا الجو المشحون يأتي حفيد متواضع لعاشور هو فتح الباب و يشعل شرارة تطلق انفجار الغضب الشعبي. تهزم العشيرة و يطرد زعيمها و ينصب فتح الباب زعيماً جديداً، يحاول فتح الباب أن ينهي جور العشيرة و يعيدها لطريق الخدمة، لكن أتباعه يقتلونه، و يعود الحرافيش إلى سباتهم العميق. في تلك الأثناء، و في ركن دفين يترعرع شاب اسمه عاشور و هو الابن الثالث لابن أخ فتح الباب ، يتأمل سيرة جده الأسطوري و طرق تمكنه من التوفيق بين القوة و الفضيلة و يأتيه الإلهام، يتحدى العشيرة، و بشكل لا يصدق تسير الحرافيش عفوياً خلف رايته.
وليلة المرسوم العظيمة تجاوزت ألف شهر في القيادة الحالية أشعار من قصيدة رمضان تتدفق دموع الفراق ، وهي من القصائد البارزة التي خصصت لوداع شهر رمضان ، وآياتها على النحو التالي: دموع رمضان على الفراق ويضعف القلب من وجع الوداع رمضان انت سيد ومهذب – ونور وجهك عزيز ومجد أتيت رمضان وليلتنا متصدعة – لكن النهار مليء بالمرح اجتمع حولك السادة المتحمسون – لم يمنعوا من الصيام انحنوا لخالقهم بجبين المخلص – وتنهدوا وبكوا.
أما مقولة الأصمعي فيما روي عنه، فهي: (الشعر نَكَدٌ لا يقوى إلا في الشر، ويسهل). أو: (طريق الشعر إذا أدخلته في باب الخير لاَنَ). وليس بخافٍ أن المقصود بالشر، عند التأويل، ليس غير الخيال والتخييل المجنح، والحرية الرحبة والوسيعة. ومن ثَمَّ، ينفتح الطريق لاحِبا مطروقا موْطوءا للقولة الشهيرة أيضا: (أعذب الشعر أكذبه). قصيدة مدح الاب العالمي. فكأن الصدق وبالٌ على الشعر لأنه يُرْديه مسرح الرداءة، ويمرغ الشعر في الضحالة والتكلف والاعتساف، ويجفف منبع الخيال فيه، ونسمة الحرية المطلوبة والمشتهاة لحياته وألقه. لقد خرجت خاوي الوفاض، وعدت بخف حنين من رحلتي في رحاب طبقة الفحول الشعراء: (أبو نواس، بشار بن برد، ابن الرومي، أبو تمام، البحتري، المتنبي، أبو فراس الحمداني، أبو العلاء المعري، الشريف الرضي…. ) الذين مدحوا سلاطين وأمراء، وولاة، وأرباب مال وجاه، فأتوا في مدائحهم بالمبهر الماتع المدوخ من حيث الفخامة وجمال الصياغة، ونفائس المعاني، وعرائس الألفاظ والمباني، بينما سكتوا أو مروا سراعا على مدح النبي العظيم، من خلال مدح آل بيته أولا بأول. أم ترى أن الكذب أسعفهم فحلقوا عاليا في سماء الصورة والخيال والمحال؟ وإذن، فلنقدح أكثر زناد التفكير في أمر هذا الأمر المحير؟ المصدر