موقع شاهد فور

أضاعوني وأي فتى أضاعوا

June 28, 2024

2007-07-15, 11:50 PM #1 أضاعوني وأي فتى أضاعوا!

  1. بوابة الشعراء - العَرْجي - أضاعوني وأي فتى أضاعوا

بوابة الشعراء - العَرْجي - أضاعوني وأي فتى أضاعوا

رواد الغزل الصريح عمر بن أبي ربيعة والعرجي في مكة المكرمة، والأحوص في المدينة المنورة، والبيت الذي نحن بصدد الحديث عنه اليوم للعرجي، واسمه عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان، وله قرابة للنبي الكريم من جهة الأم، ولقب بالعرجي نسبة إلى موضع يقال له "عرج الطائف" كما ذكر ابن قتيبة والحصري والمبرد وابن خلكان، ولم تذكر المصادر تاريخ ولادته ولا مكان الولادة، واختلفوا في وقت وفاته فذكر بعضهم أنه لقي ربه سنة 93هـ، ورجح آخرون أن وفاته كانت سنة 120هـ. بوابة الشعراء - العَرْجي - أضاعوني وأي فتى أضاعوا. ومناسبة القصيدة التي يشملها البيت تدخل في إطار الغزل الصريح، لكنه غزل تمخض عن سياسة! فقد رغب العرجي في منصب سياسي في خلافة هشام بن عبد الملك، وقد تطلعت نفسه لولاية مكة، وكان محمد بن هشام المخزومي خال الخليفة يتلمس نفس المنصب الذي يريده العرجي؛ فأسند الخليفة ولاية مكة لخاله، وهنا بدأ الصدام بين العرجي والمخزومي، ولجأ كلُّ واحدٍ لسلاحه. ارتكز المخزومي على ابن اخته الخليفة، وتحصّن العرجي بشعره ولسانه؛ فتغزل غزلًا صريحًا في أم المخزومي، وسجنه المخزومي تسع سنوات، وقد ذكر قصة سجنه في مواضع عدة من شعره، والذي يعنينا من ذلك هو قوله: أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا ليومِ كريهةٍ وسِدادِ ثغر وصبرٍ عند معتركِ المنايا وقد شرعتْ أسنتُها بنحري أجرَّر في الجوامِعِ كلَّ يومٍ فيا لله مظلمتي وصبري كأني لم أكن فيهم وسيطًا ولم تكُ نسبتي في آل عمرو مات العرجي في السجن؛ فلما أفضت الخلافة إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك، قبض على محمد بن هشام المخزومي وسجنه وضربه بالسياط -حتى أدماه ومات متأثرًا بالضرب- انتقامًا للعرجي.

وهذا البيت حكى عنه الأصمعي قصة، وهي أنه مر على كناس يكنس كنيفا وينشد هذا البيت، قال الأصمعي (وكنت حديث السن فأردت العبث به) فناوشته بقولي: أما سداد الثغر فلا نعلم كيف أنت فيه؟ وأما سداد الكُنُف فمعلوم؛ فأعرض عني مليا ثم أقبل عليّ وهو ينشد: وأُكرِمُ نفسي إنني إن أهنتُها وحقِّكَ لم تُكرَم على أحدٍ بعدي فقلت: وأيّ كرامةٍ حصلت لها منك وما يكون من الهوان أكثر مما أهنتها به! فقال: لا بل والله من الهوان ما هو أكثر وأعظم مما أنا فيه، قلت: وما هو؟ قال: الحاجة إليك وإلى أمثالك. قال الأصمعي: فانصرفتُ وأنا أخزى الناس ذكرت بقول الكناس. ويحكي صاحب الأغاني أن إسحاق الموصلي غنى بيت العرجي لهارون الرشيد، وسأله الرشيد عن سبب هذا البيت؛ فأخبره خبر العرجي وموته، وتغير وجه الرشيد واغتاظ؛ فما سرى عنه إلا معرفته أن ابن هشامٍ المخزومي قُتِل جزاء فعلته، وقال: يا إسحاق! والله لولا ما حدثتني به من فعل الوليد لما تركت أحدًا من أماثل بني مخزوم إلا قتلته بالعرجي. وقصة أخرى تجمعنا بهذا البيت، وننقلها من مجلس الخليفة العباسي المأمون، وبطل القصة النضر بن شميل المازني. والنضر بن شميل من رجالات النحو والأدب والغريب، وهو من أصحاب الخليل بن أحمد الفراهيدي، ضيَّق الدهر عليه حتى خرج من البصرة إلى خراسان، وشيعه في خروجه ثلاثة آلاف رجل ما فيهم إلا محدث أو نحوي أو عروضي أو فقيه أو إخباري أو لغوي.. انظر إلى مكانة الرجل وواسع علمه!

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]