وفي رواية عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «مَثَلُ الجَلِيسِ الصّالِحِ والجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صاحِبِ المِسْكِ وكِيرِ الحَدّادِ، لا يَعْدَمُكَ مِن صاحِبِ المِسْكِ إمّا تَشْتَرِيهِ، أوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وكِيرُ الحَدّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ، أوْ ثَوْبَكَ، أوْ تَجِدُ منه رِيحًا خَبِيثَةً». «أخرجه البخاري (٢١٠١) واللفظ له، ومسلم (٢٦٢٨)». يبين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في هذا الحديث صنفين من الناس، وهما الجليس الصالح، والجليس السوء، ويضرب مثلًا بهما، لتتضح صفاتهما: فقوله: «مَثَلُ الجَلِيس الصالحِ»، أي: حال الجليس الذي يقوم بمجالسة غيره، بحيث يدله على ما يقرّب من الله جل وعلا من الأقوال والأعمال، والقربات والطاعات. اثر الجليس الصالح في الدنيا والآخرة - أفضل اجابة. «والجليس السُّوء»، أي: الذي يقوم بمجالسة غيره، بحيث يصده عما يقرّب العبد من الله جل وعلا من الأقوال والأعمال، والقربات والطاعات، ويوقعه في الخطايا والمعاصي والزلات. فمثل وحال الجليس الصالح «كَمَثَلِ صاحبِ المِسْكِ»، أي: حامل المسك، ومثل وحال الجليس السوء «كِيرِ الحدّادِ»، أي: كصاحبِ الكِيرِ، وهو الزِقٌّ أو الجلد الغليظ الذي تُنْفَخُ به النار.
عباد الله: يتساءل الكثيرون عن أسباب الأمراض في الأبدان وعن أنواعها، ويتساءلون عن وقايتها وعلاجها، وهم بذلك جادون، وفي سبيل ذلك للأموال باذلون، وإلى أطباء الأبدان والأجسام مُسارِعون ومُبادِرون، سواء في الداخل أم في الخارج مقيمون، ولا يكفيهم أن يُعالجوا مما هم منه شاكون، ولكنهم يبحثون عن الأمراض المعدية ليتوقّوها، ويطالبون بإبرازها عن الأجسام المتمتعة بصحتها، حتى تُجعَل في المحاجر الصحية فيطمئنوا بحجرها وحجبها وإبعادها. نعم أيها المسلمون، إن الصحة في الأبدان نعمة عظيمة وكبيرة، والأمن نعمة عظيمة، وهما هدف أساسي للمسلمين، ومظهران قويان لإغاظة الأعداء، إلا أن الهدف من الصحة في الأبدان: أن يعيش الإنسان مؤمنًا بربه، قويًّا في طاعته، وهذا لا يَحصُل إلا بالمحافظة على العقيدة والأخلاق والمعاملات والآداب الإسلامية، فإذا صحَّت هذه من جميع الأمراض، وتطهَّرت من أدناس الذنوب والآثام، استفادت من صحة الأبدان في عاجلها وآجلها، غير أنه في عصرنا الحاضر كَثُرت الأمراض والأوجاع على أخلاقنا ومبادئنا الإسلامية، فليُراجِع كلٌّ منا نفسه، هل شمَّر لعلاج ذلك وأنفق عليه الأموال؟! وهل بذل الأسباب والوقايات للتباعد عن العدوى؟!
وفي تلك القصة رجلين أحدهما كثير الشجار مع الناس فجعل موسى يقتل الرجل بالخطأ وعرضه للقتل من فرعون، والرجل الآخر علم أنه في خطر فحذره ونصحه أيضًا بأن يبتعد عن هذه البلدة حتى يتجنب كل الفتن والمحن التي يمكن أن تصيبه إذا بقى.
ويقول تعالى:" وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديثًا غيره، وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد مع بعد الذكرى مع القوم الظالمين" صدق الله العظيم. ويقول المولى عز وجل:" اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" صدق الله العظيم. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" ويقول الحديث الشريف" لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي"[1] وفي الآيات والأحاديث الشريفة توجيه بعدم مصاحبة الفاسقين، ومرافقة الصالحين، والصلاح هنا هو الصلاح الظاهري، لأن الله تعالى وحده هو أعلم ما في القلوب، فإن ظهر لك من شخص علامات الصلاح رافقه مالم يظهر مع الوقت أنه غير ذلك. علامات الجليس الصالح أن يكون من المصلين. اثر الجليس الصالح في الدنيا دواره. أن يتجنب الكذب ويتحرى في كل أحاديثه. أن يتجنب الحديث عن الناس بالسوء. أن يكون كريمًا حريصًا على إخراج زكاته والتصدق. من صفات الجليس الصالح أن يأمرك دائمًا بالمعروف وينهاك عن المنكر حتى لو كان سيغضبك. أثر الجليس الصالح إن أثر الجليس الصالح يظهر في كل أمور الدنيا والآخرة، ومن تأثير رفقة الصالحين: يدفعوك دائمًا للطريق المستقيم والابتعاد عن الموبقات. إذا كنت ممن يتكاسل عن الصالحين، فإنه سوف يدفعك دائمًا للحفاظ على صلواتك،وهذا سوف يظهر أثره في حياتك الدنيا والآخرة.