والمستثنى على هذا في محل جر على البدل من الضمير في قوله: ﴿ لَهُمْ ﴾، وعلى مذهب أبي حنيفة هو في محل نصب. والإشارة في قوله ﴿ ذَلِكَ ﴾ لما اقترفوه من الذنب، والتعبير بآلة البعيد لتعظيم خطره. وقد اختلفوا في المراد بالإصلاح: فقيل: هو أن يكذِّب نفسه فيما قال. وقال مالك وبعض أهل العلم: هو أن تستمر توبته ويحسن حاله. وقوله: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ تعليل لما يفيده الاستثناء من العفو عن المؤاخذة. الأحكام: 1- يجب على من رمى محصنًا بالزنا أن يأتي بأربعة شهداء لإثبات ما ادعاه، وإلا ضُرب حد القذف. 2- إذا أحضر الرامي الشهود الأربعة بَرِئت ساحته. ان الذين يرمون المحصنات الغافلات. 3- إذا نقص الشهود عن أربعة، ضُربوا حد القذف ثمانين جلدة. 4- حد القذف لا تسقطه توبة القاذف. 5- لا تقبل شهادة المحدود في القذف إلا أن يتوب. 6- من وصف محدودًا في القذف بالفسق لا يعزر. 7- إذا تاب المحدود في القذف ارتفع عنه وصف الفسق.
فأرسلوا إليها، فجاءت، فتلاها رسول الله صل الله عليه وسلم عليهما وذكرهما وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، فقال هلال: والله يا رسول الله قد صدقت عليها، فقالت: كذب، فقال رسول الله: «لاعنوا بينهما» فقيل لهلال: اشهد، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كان في الخامسة: قيل له: يا هلال، اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فقال: والله لا يعذبني الله عليها، كما لم يجلدني عليها، فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين،.
قالت: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عندي إذ أوحي ، إليه. قالت: وكان إذا أوحي إليه أخذه كهيئة السبات ، وإنه أوحي إليه وهو جالس عندي ، ثم استوى جالسا يمسح على وجهه ، وقال: " يا عائشة أبشري ". قالت: قلت: بحمد الله لا بحمدك. ان الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا. فقرأ: ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات) ، حتى قرأ: ( أولئك مبرءون مما يقولون) [ النور: 26]. هكذا أورده ، وليس فيه أن الحكم خاص بها ، وإنما فيه أنها سبب النزول دون غيرها ، وإن كان الحكم يعمها كغيرها ، ولعله مراد ابن عباس ومن قال كقوله ، والله أعلم. وقال الضحاك ، وأبو الجوزاء ، وسلمة بن نبيط: المراد بها أزواج النبي خاصة ، دون غيرهن من النساء. وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله: ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات) الآية: يعني أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، رماهن أهل النفاق ، فأوجب الله لهم اللعنة والغضب ، وباؤوا بسخط من الله ، فكان ذلك في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ثم نزل بعد ذلك: ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) إلى قوله: ( فإن الله غفور رحيم) ، فأنزل الله الجلد والتوبة ، فالتوبة تقبل ، والشهادة ترد. وقال ابن جرير: حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا هشيم ، أخبرنا العوام بن حوشب ، عن شيخ من بني أسد ، عن ابن عباس - قال: فسر سورة النور ، فلما أتى على هذه الآية: ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا) الآية - قال: في شأن عائشة ، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي مبهمة ، وليست لهم توبة ، ثم قرأ: ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) إلى قوله: ( إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا) الآية [ النور: 4 ، 5] ، قال: فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لمن قذف أولئك توبة ، قال: فهم بعض القوم أن يقوم إليه فيقبل رأسه ، من حسن ما فسر به سورة النور.