تاريخ النشر: 2007-07-11 07:26:49 المجيب: د. أحمد الفرجابي تــقيـيـم: السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد مررت بمحنة جعلتني أراجع نفسي في كل صغيرة وكبيرة، ومن الأشياء التي لمستها في نفسي هي أني أهتم بنظرة الناس إلي بشكلٍ يؤرق مضجعي، ويجعلني أفكر بعدم الاختلاط بهم، أو تحاشيهم خشية أن يبدر مني تصرف لا يليق بالفتاة المسلمة، أو حتى لا أظن بنفسي الظنون. قصة إرضاء الناس غاية لا تدرك جميلة - ملزمتي. لقد كنت وما زلت فتاة تحب مساعدة الآخرين، ولا ترفض طلباً لأحد طالما كانت القدرة موجودة على فعله، وما لم يكن في معصية الخالق، وكثيراً ما أسمع كلمات المديح بعد صنعها لهم، وأسأل الله أن يجعل جميع أعمالنا خالصة لوجهه، ويتقبلها منا، اللهم آمين. ولكني بنفس الوقت أظن أنهم يحاولون تجنب الحديث معي، خاصةً بعد المحنة التي حصلت لي، وأردد في نفسي ما جاء عن عائشة رضي الله عنها: (أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ائذنوا له بئس أخو العشيرة. فلما دخل ألان له القول، قلت: يا رسول الله! قلت: ائذنوا له بئس أخو العشيرة، فلما دخل هششت له؟ قال: يا عائشة: إن شر الناس منزلةً عند الله يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه). وجميعنا نعلم أن رضا الناس غاية لا تدرك، وأننا لم نخلق لهذا الشيء، وإنما خلقنا لإرضاء الله رب السموات والأرض الذي فطرهن، ولكن أرى أن نفسي لم تستوعب أو تدرك هذا المعنى جيداً، ولهذا السبب يحدث لي الضيق والحزن الشديد إن شعرت أو لمست أن أحداً متضايق مني، أو يظن بي صفة لا تليق بالفتاة المسلمة.
أراد (لقمانُ الحكيم) يوماً أن يوضِّح لابنه أنّ الناس ينتقدون كلّ فعل حتى ولو كان صالحاً، فلا يصحّ للإنسان أن يكون مُتطلِّباً لمدح الناس أو مدحهم، ففعل لقمان التجربة التالية، ليُظهر لولده صدق كلامه. فخرجَ بصحبة ولده، ومعهما حمار، فركبهُ لقمان، وتركَ ولدهُ يمشي وراءه، فاجتازوا على قوم (أي مرّوا بهم). فقال القوم: انظروا إلى هذا الشّيخ القاسي، القليل الرّحمة والشّفقة، يركبُ هو الدّابّة، وهو أقوى من هذا الصّبيّ، ويتركُ ولدَهُ يمشي وراءه، إنّ هذا لبئسَ التّدبير! فقال لقمان لولده: أسمعتَ قولهم وإنكارهم لركوبي ومشيك؟! قال الولد: نعم، سمعت. قال لقمان: إركب أنتَ الآن الحمارَ، ودعني أمشي خلفك. فركبَ ابنهُ الحمارَ ومشى لقمان خلفه، فاجتازوا على جماعة أخرى. فقالت الجماعة مُستنكرة: بئسَ الوالدُ هذا وبئسَ الولد، أمّا أبوه فإنّه ما أدّبَ هذا الصّبيّ حتى يركب الدّابّة ويترك والده يمشي وراءه، والوالدُ أحقُّ بالإحترام والرّكوب، وأمّا الولد فإنّه عقّ والده بهذا الحال، فكلاهما أساء في الفِعال!! فتوجّه لقمان لابنه، وقال: أسمعتَ يا بُنيّ؟! فقال ابنه: سمعتُ يا أبتي. فاقترحَ لقمانُ على ابنه أن يركبا الدّابة معاً.
فليتَكَ تَحلو والحياةٌ مريرةٌ *** وليتَكَ تَرضى والأَنامُ غِضابُ إذا صَحَّ مِنكَ الودُ فالكلُّ هَيِّنٌ *** وكلُّ الَّذِي فوقَ التُّرابِ تُرابُ قالَ ابنُ رجبٍ -رحمَه اللهُ-: " فمن تَحقَّقَ أن كلَّ مخلوقٍ فوقَ الترابِ فهو تُرابٌ؛ فكيفَ يُقدِّمُ طَاعةَ شيءٍ من التُّرابِ عَلَى طَاعةِ ربِّ الأربابِ؟! ، أم كَيفَ يُرضي التُّرابَ بسخطِ المَلِكِ الوَهابِ؟! ، إنَّ هذا لشيءٌ عُجابٌ ". أسألَ اللهَ أن يغفرَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ والمسلماتِ الأحياءِ منهم والأمواتِ، إنَّه غفورٌ رحيمٌ. الطبة الثانية: الحمدُ للهِ الكبيرِ المتعالِ، ذي الجمالِ والكمالِ والعزَّةِ والجلالِ، لا يَبلغُ مِدحتَه مقالٌ، ولا يُغني عن عطائه والحاجةِ إليه نَوالٌ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن سيِّدَنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه، خيرَ من عملَ وقالَ، ومن أُوتيَ الحكمةَ وجوامعَ المقالِ، صلى اللهُ عليه وعلى إخوانِه خيرِ صحبٍ وآلٍ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ المرجعِ والمآلِ. لما وَلِيَ ابنُ هُبَيرةَ العِراقَ وخُراسانَ ليزيدَ بنِ عبدِ الملكِ، بعثَ إلى الحسنِ البصري وابنِ سيرينَ والشَّعبي -رحمَهم اللهُ-، فاحتفى بهم وأحسَنَ مثواهم، ثم قالَ: إنَّ الخليفةَ أَخذَ من النَّاسِ عُهودَهم وأعطاهم عهدَه؛ كي يسمعوا له ويُطيعوا، وأنَّه تأتيني منه كُتبٌ إن أمضيتَها أسخطتُ اللهَ تعالى، وإن أهملتُها أسخطتُ أميرَ المؤمنينَ؛ فماذا تأمرونَ؟.
فنظر الأب إلى ابنه وقال له أسمعت هذا الكلام؟ قال الابن نعم يا أبي. قال له انظر ما يمكن أن يحدث أن ركب أحدنا. شاهد أيضًا: قصة حصان طروادة الحقيقية للأطفال المرة الثانية ركوب الأب وسير الابن الطلاب شاهدوا أيضًا: قال الأب لابنه سوف اركب أنا الحمار وسر أنت بجانبي وانظر ما يمكن أن يقول الناس. فركب الأب وسار الابن بجانبه وإذا بهم يمرون بجماعة من الناس فقال الناس انظروا إلى هذا الأب ما أقسى قلبه على ولده، يركب هو الحمار وحدة ويشقى ابنه سيرًا على الأقدام ويظل هو مرتاحًا فوق الحمار لبئس الأب هو. فقال الأب لابنه أسمعت ما قالوه؟ قال الابن نعم يا أبي. قال فلتركب أنت وسأمشي أنا وانظر ما يمكن أن يقول الناس. المرة الثالثة ركوب الابن وسار الأب على قدميه قال الأب اركب أنت الحمار وسوف أسير أنا إلى جانبك على قدمي ولننظر ما يمكن أن يقول الناس عنا. فركب الابن وسار الأب على قدميه وإذا بهم يمرون بجماعة أخرى من الناس فقال الناس. انظروا إلى هذا الولد العاق لوالده لبئس الابن هو حيث يركب منعمًا على الحمار مرتاحًا. ويترك والده الرجل الذي بلغ من العمر أرذله حتى يسير على قدميه ويرتاح هو. فقال الأب إلى ابنه أسمعت ما قاله الناس؟ قال نعم يا أبي.