موقع شاهد فور

قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي

June 30, 2024

فالحديث يشير إلى أن الخلاص مما نحن فيه يكون بنبذ هذا العامل، والأخذ بأسباب النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، حتى يعودوا كما كان أسلافهم: "يحبون الموت كما يحب أعداؤهم الحياة". وما أشار إليه هذا الحديث قد صرَّح به حديث آخر، فقال صلى الله عليه وسلم: « إذا تبايعتم بالعينة [2] ، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم »[3]. فتأمل كيف اتفق صريح قوله في هذا الحديث: « لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم » مع ما أشار إليه الحديث الأول من هذا المعنى، الذى دل عليه كتاب الله تعالى أيضًا، وهو قوله: { إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ‌ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُ‌وا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد من الآية:11]. قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم. فثبت أن هدف الحديث إنما هو تحذير المسلمين من الاستمرار في "حب الدنيا وكراهية الموت"، ويا له من هدف عظيم لو أن المسلمين تنبهوا له، وعملوا بمقتضاه؛ لصاروا سادة الدنيا، ولما رفرفت على أرضهم راية الكفار، ولكن لا بد من هذا الليل أن ينجلي، ليتحقق ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، من أن الإسلام سيعم الدنيا كلها، فقال عليه الصلاة والسلام: « ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام، وذلًّا يذل الله به الكفر »[4].

قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن - الآية 110 سورة الكهف

17/219- وعن أُمِّ سَلَمةَ رضي اللَّه عنها: أَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فأَقْضِي لَهُ بِنحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. قل انما انا بشر مثلكم يوحى. 18/220- وعن ابنِ عمرَ رضي اللَّه عنهما قال: قال رسولُ اللَّه ﷺ: لَنْ يَزَالَ الْمُؤمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرامًا رواه البخاري. 19/221- وعن خَوْلَةَ بِنْتِ عامِرٍ الأَنْصَارِيَّةِ، وَهِيَ امْرَأَةُ حمْزَةَ  وعنها، قَالَتْ: سمِعْتُ رسولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَلهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامةِ رواه البخاري. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه. أما بعد: فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بالتحذير من الظلم والعدوان وأخذ المال بغير حق، وأنَّ الواجب على المؤمن في جميع تصرفاته أن يتحرَّى الحق، وأن يتحرَّى الحلال، وأن يحذر أخذ مال أخيه بغير حقٍّ، يجب على المؤمن أن يتحرَّى الحقَّ في جميع تصرفاته، وفي جميع أعماله، وهكذا في الخصومات عليه أن يتحرَّى الحق، فإذا كان شهوده زورًا فليحذر متابعتهم والأخذ بشهادتهم، وهكذا إذا توجَّهَت اليمينُ عليه فليحذر أن يحلف على غير حقٍّ.

ب- جعل الله تعالى نبيه من جنس قومه حتى يعقلوا عنه ولا يشككوا فيه فكان ذلك من منّة الله تعالى على عباده، قال تعالى (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)) [آل عمران-164]، فبيّن سبحانه أنه (من أنفسهم). ج- وجعل الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بشراً حتى يمكن الاقتداء به، وقد أمرنا الله تعالى بذلك فقال (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)) [الأحزاب-21]، فلو لم يكن بشراً مخلوقاً كسائر البشر لتعذر الاقتداء به، ولقال الناس يا رب أرسلت لنا رسولاً من غير طبيعتنا فلا يمكننا الاقتداء به، فلله حكمة بالغة في ذلك. أخي القارئ الكريم العزيز وفقني الله وإياك للحق والعمل به، الخلاصة أنه لم يدرك كثير من العوام وبعض المثقفين خطورة هذا الاعتقاد والقول به لذلك لم يستنكروا كونه يذاع عبر إذاعة القرآن الكريم. قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن - الآية 110 سورة الكهف. ومثل هذا يذكرنا بقول بعض الناس (ما أهمية كون القرآن كلام الله أو مخلوقا)، فانظر يا أخي القارئ العلماء فتنوا في هذه المسألة وثبت فيها الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى حتى شُبّه موقفه بموقف أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - لما تصدى لمانعي الزكاة في حروب الردة، وهؤلاء يقولون (ما أهمية كون القرآن كلام الله أو مخلوقا؟!

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]