وأما الجزاء: فقال ابن قدامة في (المغني): روايتان -أي عن الإمام أحمد- إحداهما: لا جزاء فيه. وهو قول أكثر أهل العلم ؟ وهو قول مالك، والشافعي في الجديد؛ لأنه موضع يجوز دخوله بغير إحرام، فلم يجب فيه جزاء، كصيد وادي وَجّ. والثاني: يجب فيه الجزاء؟ رُوي ذلك عن ابن أبي ذئب. وهو قول الشافعي في القديم وابن المنذر؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إني أحرم المدينة مثل ما حرم إبراهيم مكة "، ونهى أن يعضد شجرها، أو يؤخذ طيرها، فوجب في هذا الحرم الجزاء، كما وجب في ذلك؛ إذ لم يظهر بينهما فرق. وجزاؤه إباحة سَلَب قاتل الصيد لمن أخذه، وإن لم يسلبه أحد فلا شيء عليه سوى الاستغفار والتوبة، وليس عليه جزاء، والله أعلم. ___________________________________________ 1 - البخاري (1587، 1833، 1834، 2090، 3189)، ومسلم (1353). 2 - (الموطأ) (1/356). 3 - المائدة: الآية (95). 4 - المائدة: الآية (95). 5 - (الأم) (2/195). 6 - (الأم) (2/193). 7 - مسلم (1362). -9 12 179, 223
ووجه الدليل من الآية أن: { حُرُم} جمع حرام؛ وهو يقع على من دخل الحرم، وعلى من أحرم بنسك، فوجب أن يحمل عليهما معا، فيترتب عليه الجزاء المذكور في قوله تعالى: { مَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} (4). وجزاء الحمامة شاة؛ لما روى الشافعي في (الأم) (5) عن عمر وعثمان وابن عباس وابن عمر وعاصم بن عمر وعطاء وابن المسيب، من الآثار المصرحة بأن من أصاب من حمام بمكة فعليه شاة. وذكر الشافعي أنه يرى هذا اتباعا لتلك الآثار. وأما الأرنب فيفدى بعناق؛ فعن عمر بن الخطاب ، أنه قضى في الأرنب بعناق، وعن ابن عباس، أنه قال: في الأرنب شاة. وعن مجاهد قال: في الأرنب شاة (6). وأما حكم الصيد في المدينة، فلا يجوز. والأحاديث كثيرة في ذلك؛ منها ما روى مسلم في (صحيحه) (7)، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة -ما بين لابتيها- لا يقطع عِضاها، ولا يصاد صيدها "، ولهذا اتفق مالك والشافعي وأحمد على تحريم صيد حرم المدينة وعلى تأثيم من ارتكب ذلك.
قال أبو محمد: فصح تحريم قتل صيد المدينة وأن ذلك كحكم حرم مكة سواء سواء، فصح أن كل صيد قتل في حرم المدينة، أو مكة فهو غير ذكي وبالله تعالى التوفيق". اهـ. مختصرًا. وعليه، فلا يجوز الصيد داخل حدود حرم مكة والمدينة،، والله أعلم. 1 0 1, 140
- يتراوح طوله ما بين 5, 4 و 6 كم. - أقصى ارتفاعه من سطح الأرض 300م. - يتراوح عرضه ما بين 2 و 3, 5 كم. - أقصى ارتفاعه من سطح البحر 1كم. - يبعد عن جبل أحد 15كم. * جبل ثور: - جبل أحمر صغير مدوَّر خلف جبل أحد من شماليه وهو حد المدينة المنورة من الشمال ويبعد عن المسجد النبوي الشريف 8 كم، ويبعد عن جبل عير 15كم تقريباً وحرم المدينة بين هذين الجبلين. (والله أعلم).
السؤال: هل يجوز الصيد داخل حدود الحرم؟ الإجابة: الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ: فقد اتفق أهل العلم على حرمة الصيد في الحرم، سواء كان الصائد حلالاً أو محرمًا بحج أو عمرة؛ والحرم هو مكة المكرمة والمنطقة المحرمة المحيطة بها، وكذلك المدينة المنورة، ومن خصائص الحرم لا ينفر صيدها، ولا يقطع شجرها؛ ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرمه الله، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها". قال أبو محمد بن حزم في "المحلى بالآثار"(5/ 264): "ومن تعمد قتل صيد في الحل وهو في الحرم فعليه الجزاء؛ لأنه قتل الصيد وهو حرم، فإن كان الصيد في الحرم والقاتل في الحل فهو عاص لله عز وجل، ولا يؤكل ذلك الصيد ولا جزاء فيه؛ أما سقوط الجزاء فلأنه ليس حرمًا، وأما عصيانه والمنع من أكل الصيد فلأنه من صيد الحرم، ولم يأت فيه جزاء إنما جاء تحريمه فقط؛ وإنما جاء الجزاء على القاتل إذا كان حرما... عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها، أو يقتل صيدها".