﴿وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف:18] المرأة في الخصام هل خصامها مبين أو ضعيف؟ ضعيف؛ ويندر أن تلقى امرأة مثل الرجال في خصامها، فينكر الله -عز وجل- على هؤلاء المشركين الذين جعلوا لله -عز وجل- الناقص من الصنفين وجعلوا لأنفسهم الكامل.
وهذا هو عينُ ما كان عليه الحالُ في الجاهليةِ الأولى التي جاء الإسلامُ ليمحوها عن وجهِ الأرض. غيرَ أنَّ بعضاً ممن كانوا على هذه الجاهليةِ من القوم أبى إلا أن يُخفِيَها في قلبِه وإن أظهرَ لسانُه وجوارِحُه خلاف ذلك من ممارسةٍ شَكليةٍ لشعائرِ الإسلام ومناسكِه! إنَّ المرأةَ لم تُخلَق حتى يكونَ لها سيدٌ غيرُ الله، فهي مثل غيرها من الجنِّ والإنس ما خُلِقت إلا لتعبدَ الله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (56 الذريات).
فالواجب على الشاب أن يعرف قدر نفسه، وألا يهضمها، وإني أنصح إخواني أو أبنائي من هؤلاء الشباب إلى أن يتقوا الله -عز وجل- في أنفسهم، وأن يعلموا أن الشباب ما هو إلا فيء زائل، ما أسرع ما يندمون على ما فعلوا، ولقد صدق القائل: لا طيب للعيش ما دامت منغصةً *** لذاته بادكار الموت والهرم فأسأل الله لي ولهم الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى.
ومن الواضح أن ما ذكرناه ليس مأخوذاً على نحو الموجبة الكلية، بل هو مأخوذ بنحو الموجبة الجزئية، وهو يمثل الغالبية والأكثرية الساحقة، ولذا لا يمنع أن يكون هناك من النساء من تمتلك القدرة الفكرية على المحاججة والخصام والمواجهة، وإقامة الحجة والبرهان، والتغلب على الرجال، كما أن من بين النساء من تكون بعيدة تماماً عن العناية بالزينة والتجمل. والحاصل، إن الآية الشريفة التي وردت في السؤال غايتها بيان الفرق بين الرجل والأنثى من خلال استعراض بعض الصفات التي تختص بالنساء غالباً، ولا يوجد ذلك عند الرجال. وقد جعل بعضهم الموضوع في الآية الشريفة الأصنام التي كان يعبدها المجتمع القرشي، وكانوا يعمدون لتـزيينها بالذهب والفضة، وهي لا تملك القدرة على الجواب، ولا الدفاع عن نفسها حال الاحتجاج والخصام. في معنى قوله تعالى “أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِين” – التصوف 24/7. ولا يوجد في البين ما يساعد عليه، خصوصاً وأن قرينية السياق تساعد على ما ذكرناه، والظاهر أنها محرزة، فلا مجال للمناقشة في ثبوتها منع الصغرى، بأن وجود الآية محل البحث في هذا المورد مرجعه للترتيب القرآني، والله سبحانه وتعالى العالم.