موقع شاهد فور

إنك ميت وإنهم ميتون

June 28, 2024

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ﴾: أي بالقرآن. وقوله: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ يقول تبارك وتعالى: أليس في النار مأوى ومسكن لمن كفر بالله، وامتنع من تصديق محمد ﷺ، واتباعه على ما يدعوه إليه مما أتاه به من عند الله من التوحيد، وحكم القرآن؟.

إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الزمر - القول في تأويل قوله تعالى " إنك ميت وإنهم ميتون "- الجزء رقم21

[ ص: 405] والميت: هو من اتصف بالموت ، أي: زالت عنه الحياة ، ومثله: الميت ، بتخفيف السكون على الياء ، والتحقيق أنه لا فرق بينهما خلافا للكسائي والفراء. وتأكيد جملة إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون لرد إنكار المشركين البعث. وتقديم " عند ربكم " على " تختصمون " للاهتمام ورعاية الفاصلة. والاختصام: كناية عن الحكم بينهم ، أي: يحكم بينكم فيما اختصمتم فيه في الدنيا من إثبات المشركين آلهة وإبطالكم ذلك ، فهو كقوله تعالى وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. ويجوز أن يكون الاختصام أطلق على حكاية ما وقع بينهم في الدنيا حين تعرض أعمالهم ، كما يقال: هذا تخاصم فلان وفلان ، في طالع محضر خصومة ومقاولة بينهما يقرأ بين يدي القاضي. انك ميت وانهم ميتون تفسير. ويجوز أن تصور خصومة بين الفريقين يومئذ ليفتضح المبطلون ويبهج أهل الحق على نحو ما قال تعالى إن ذلك لحق تخاصم أهل النار. وعلى الوجه الأول فضمير " إنكم " عائد إلى مجموع ما عاد إليه ضمير " إنك " و " إنهم ". وعلى الوجهين الأخيرين يجوز أن يكون الضمير كما في الوجه الأول. ويجوز أن يكون عائدا إلى جميع الأمة وهو اختصام الظلامات ، وقد ورد تأويل الضمير على هذا المعنى فيما رواه النسائي وغيره عن عبد الله بن عمر قال " لما نزلت هذه الآية قلنا: كيف نختصم ونحن إخوان ، فلما قتل عثمان وضرب بعضنا وجه بعض بالسيف قلنا: هذا الخصام الذي وعدنا ربنا ، وروى سعيد بن منصور عن أبي سعيد الخدري مثل مقالة ابن عمر ولكن أبي سعيد قال: فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا: نعم هو ذا ، وسواء شملت الآية هذه المحامل وهو الأليق ، أو لم تشملها فالمقصود منها هو تخاصم أهل الإيمان وأهل الشرك.

إحدى مفارقات المسلم المعاصر تمكن في اعترافه بأن الموت حقيقة ناصعة، ويقين يتجدد باستمرار كلما شقت جنازة بسكونها المهيب صخبَ الحياة وروتين العيش؛ غير أنه لا يكف عن تجاهل الموت ونسيانه، والإصرار على أن يظل حضوره اليومي تعبيرا جارفا عن حب الدنيا وطول الأمل! لاشك أن الموت مزعج حين يُذكر الإنسان بصورته الفانية، وبحتمية المصير الذي تحمله إليه خُطاه مهما تعددت وطالت. و القرآن الكريم نفسه يصف الموت بالمصيبة، والحدث المباغت، والزائر الذي لا مفر من ملاقاته ولو خلف بروج مشيدة. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الزمر - القول في تأويل قوله تعالى " إنك ميت وإنهم ميتون "- الجزء رقم21. لكن بالمقابل هناك نص صريح على ضرورة التفاعل معه واستحضاره بشكل دائم، واعتباره جزءا من منظومة أخلاقية تروم إصلاح النفس وتهذيب القلب. ففي ثنايا كتب الحديث تطالعنا عشرات التوجيهات النبوية التي تؤسس لتعايش مستمر مع الموت، كحديث أبي هريرة رضي الله عنه في سنن ابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( أكثروا ذكر هاذم اللذات))2/1422، وجوابه على السائل:أي المؤمنين أكيس؟ بالقول:(( أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم لما بعده استعدادا، أولئك الأكياس)). كيف نُوفق إذن في حياتنا اليومية بين ما تثيره واقعة الموت من مخاوف وبين الحض النبوي على الإكثار من ذكره؟ وهل تتيح ثقافتنا المجتمعية أن يصبح الموت حديثَ المجالس، ودردشة عادية تفكك ارتباطه المألوف بصالونات العزاء وخطب النعي؟ ألم يكن من عادة السلف أن يجتمعوا في مجلس يذكرون فيه الموت ويبكون، دون أن يثير الأمر استغرابا أو امتعاضا؟ ليس خفيا أن ثقافتنا المجتمعية هي اليوم أكثر عرضة لألوان المؤثرات الفكرية والتربوية غير الأصيلة، والتي تتعارض مع الدين وروح الشريعة.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]