موقع شاهد فور

يا أيها الناس اعبدوا ربكم

June 28, 2024

والذي أراد ابن عباس -إن شاء الله- بقوله في تأويل قوله: " اعبدوا ربكم " وحِّدوه، أي أفردُوا الطاعة والعبادة لربكم دون سائر خلقه (117). 472- حدثنا محمد بن حميد, قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, عن عكرمة, أو عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: قال الله: " يا أيها الناسُ اعبدُوا رَبكم " ، للفريقين جميعًا من الكفار والمنافقين, أي وَحِّدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم (118). تفسير: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون). 473- وحدثني موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو بن حماد, عن أسباط, عن السُّدّيّ في خبر ذكره, عن أبي مالك, وعن أبي صالح, عن ابن عباس - وعن مُرَّة, عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس اعبدُوا ربّكم الذي خَلقكم والذين منْ قبلكم " يقول: خَلقكم وخَلق الذين من قبلكم (119). قال أبو جعفر: وهذه الآيةُ من أدلّ دليل على فساد قول من زعم: أنّ تكليف ما لا يطاق إلا بمعونة الله غيرُ جائز، إلا بَعد إعطاء الله المكلف المعُونةَ على ما كلَّفه. وذلك أنّ الله أمرَ من وَصفنا، بعبادته والتوبة من كفره, بعد إخباره عنهم أنهم لا يؤمنون، وأنهم عن ضَلالتهم لا يَرْجعون. القول في تأويل قوله: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) قال أبو جعفر: وتأويل ذلك: لعلكم تتقون بعبادتكم ربَّكم الذي خلقكم, وطاعتِكم إياه فيما أمركم به ونهاكم عنه, وإفرادكُم له العبادة (120) لتتقوا سَخَطه وغضَبه أن يَحلّ عليكم, وتكونُوا من المتقين الذين رضي عنهم ربهم.

  1. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - القول في تأويل قوله تعالى " يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم "- الجزء رقم1
  2. تفسير: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)

إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - القول في تأويل قوله تعالى " يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم "- الجزء رقم1

أثنى الله عز وجل في مطلع هذه السورة على كتابه وعظَّمه، وذكَر أقسام الناس تجاهه، فمنهم من كان لهم هدى وهم المتقون، وذكر صفاتهم وأثنى عليهم وبيَّن فلاحهم، ومنهم من لم يكن لهم هدى، بل كان عليهم عمًى، كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ﴾ [فصلت: 44]، وهم فريقان: قوم كفروا وكذَّبوا به ظاهرًا وباطنًا، وهم الكفار الخلَّص، وقوم أظهَروا الإيمان وأبطَنوا الكفر، وهم المنافقون. وبعد أن ذكر صفات الفريقين وتوعَّدهم بالعذاب العظيم والأليم، أَتْبع ذلك بأمر الناس كلِّهم بعبادة الله عز وجل وحده؛ لأنه ربُّهم الذي خلقهم، وجعل لهم الأرض فراشًا والسماء بناءً، وأنزل المطر من السماء فأخرج به من الثمرات رزقًا لهم، فهو المستحق للعبادة دون سواه، وفي أمر الناس بعبادة الله بعد ما جاء في مطلع السورة إشارةٌ إلى ثلاثة أمور: أولًا: أن كتاب الله عز وجل كما أنه هدى للمتقين هداية خاصة، فهو هدى للناس جميعًا هداية عامة. ثانيًا: الترغيب للمتقين بالازدياد من التقوى والإيمان، وحث غير المؤمنين على الإيمان وإخلاص العبادة لله ونبذ الشرك والنفاق. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - القول في تأويل قوله تعالى " يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم "- الجزء رقم1. ثالثًا: الإشارة إلى أنه لا يهتدي بهذا الكتاب ولا ينتفع به إلا من أراد الله هدايته؛ ولهذا قدم ذكر أقسام الناس تجاه هذا الكتاب، وفي هذا تسليةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم.

تفسير: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)

فالآية تَحتمِلُ وجهَيْنِ معتبرَيْنِ: الوجه الأول: الأمر بالتوحيد، وهو إفراد الله بالعبادة، فهو حقُّه على خلقه، وشرطه لدخول جنتِه، والنجاة من الخلود في ناره، فمن أصول العقيدة: أن الموحِّد لا يُخلَّد في النار، إما يدخل الجنة من أول مرة، أو يدخل النار حتى يُطهَّر من ذنوبه، ثم يكون مآله الجنة. أما المشركُ الذي صرف العبادة لغيره سبحانه، فمأواه النار خالدًا فيها أبدًا، يقول تعالى على لسان عيسى عليه السلام: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72]، ويقول سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره، ولهذا قال: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: ( يا رسول الله! أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك) الحديث. وكذا حديث معاذ: ( أتدري ما حق الله على عباده؟ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً) الحديث]. في حديث معاذ: ( أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ فقال معاذ: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذبهم).

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]