موقع شاهد فور

القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة المطففين - الآية 18

June 28, 2024

واعلم أن المعتمد في تفسير هذه الآية ما بينا أن العلو والفسحة والضياء والطهارة من علامات السعادة ، [ ص: 89] والسفل والضيق والظلمة من علامات الشقاوة ، فلما كان المقصود من وضع كتاب الفجار في أسفل السافلين ، وفي أضيق المواضع إذلال الفجار وتحقير شأنهم ، كان المقصود من وضع كتاب الأبرار في أعلى عليين ، وشهادة الملائكة لهم بذلك إجلالهم وتعظيم شأنهم ، وفي الآية وجه آخر ، وهو أن المراد من الكتاب الكتابة ، فيكون المعنى أن كتابة أعمال الأبرار في عليين ، ثم وصف عليين بأنه كتاب مرقوم فيه جميع أعمال الأبرار ، وهو قول أبي مسلم. إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة المطففين - قوله تعالى كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين- الجزء رقم17. أما قوله تعالى: ( كتاب مرقوم) ففيه تأويلان ؛ أحدهما: أن المراد بالكتاب المرقوم كتاب أعمالهم. والثاني: أنه كتاب موضوع في عليين كتب فيه ما أعد الله لهم من الكرامة والثواب ، واختلفوا في ذلك الكتاب ، فقال مقاتل: إن تلك الأشياء مكتوبة لهم في ساق العرش. وعن ابن عباس أنه مكتوب في لوح من زبرجد معلق تحت العرش. وقال آخرون: هو كتاب مرقوم بما يوجب سرورهم ، وذلك بالضد من رقم كتاب الفجار بما يسوءهم ، ويدل على هذا المعنى قوله: ( يشهده المقربون) يعني الملائكة الذين هم في عليين يشهدون ويحضرون ذلك المكتوب ، ومن قال: إنه كتاب الأعمال ، قال: يشهد ذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين المقربون من الملائكة كرامة للمؤمن.

إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة المطففين - قوله تعالى كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين- الجزء رقم17

وقال البراء بن عازب قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " عليون في السماء السابعة تحت العرش ". وعن ابن عباس أيضا: هو لوح من زبرجدة خضراء معلق بالعرش ، أعمالهم مكتوبة فيه. وقال الفراء: عليون ارتفاع بعد ارتفاع. وقيل: عليون أعلى الأمكنة. وقيل: معناه علو في علو مضاعف ، كأنه لا غاية له; ولذلك جمع بالواو والنون. وهو معنى قول الطبري. قال الفراء: هو اسم موضوع على صفة الجمع ، ولا واحد له من لفظه; كقولك: عشرون وثلاثون ، والعرب إذا جمعت جمعا ولم يكن له بناء من واحده ولا تثنية ، قالوا في المذكر والمؤنث بالنون. وهي معنى قول الطبري. وقال الزجاج: إعراب هذا الاسم كإعراب الجمع ، كما تقول: هذه قنسرون ، ورأيت قنسرين. وقال يونس النحوي واحدها: علي وعلية. وقال أبو الفتح: عليين: جمع علي ، وهو فعيل من العلو. فصل: إعراب الآية (18):|نداء الإيمان. وكان سبيله أن يقول علية كما قالوا للغرفة علية; لأنها من العلو ، فلما حذف التاء من علية عوضوا منها الجمع بالواو والنون ، كما قالوا في أرضين. وقيل: إن عليين صفة للملائكة ، فإنهم الملأ الأعلى; كما يقال: فلان في بني فلان; أي هو في جملتهم وعندهم. والذي في الخبر من حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أهل عليين لينظرون إلى الجنة من كذا ، فإذا أشرف رجل من أهل عليين أشرقت الجنة لضياء وجهه ، فيقولون: ما هذا النور ؟ فيقال أشرف رجل من أهل عليين الأبرار أهل الطاعة والصدق ".

فصل: إعراب الآية (18):|نداء الإيمان

(وَما) الواو حرف استئناف و(ما) اسم استفهام مبتدأ (أَدْراكَ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة خبر المبتدأ والجملة الاسمية مستأنفة و(ما سِجِّينٌ) مبتدأ وخبره والجملة سدت مسد المفعول الثاني لأدراك.. إعراب الآية (9): {كِتابٌ مَرْقُومٌ (9)}. (كِتابٌ) بدل من سجين و(مَرْقُومٌ) صفة كتاب.. إعراب الآية (10): {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10)}. (وَيْلٌ) مبتدأ و(يَوْمَئِذٍ) ظرف زمان مضاف إلى مثله و(لِلْمُكَذِّبِينَ) خبر المبتدأ والجملة مستأنفة لا محل لها.. إعراب الآية (11): {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11)}. (الَّذِينَ) صفة المكذبين و(يُكَذِّبُونَ) مضارع وفاعله والجملة صلة الذين و(بِيَوْمِ) متعلقان بالفعل و(الدِّينِ) مضاف إليه.. إعراب الآية (12): {وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)}. تفسير قوله تعالى "كلّا إن كتابَ الأبرار لَفي علِّيين" | مصراوى. (وَما) الواو حالية و(ما) نافية (يُكَذِّبُ) مضارع مرفوع و(بِهِ) متعلقان بالفعل و(إِلَّا) حرف حصر و(كُلُّ) فاعل مضاف إلى (مُعْتَدٍ) و(أَثِيمٍ) صفة والجملة حال.. إعراب الآية (13): {إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13)}. (إِذا) ظرفية شرطية غير جازمة و(تُتْلى) مضارع مبني للمجهول و(عَلَيْهِ) متعلقان بالفعل و(آياتُنا) نائب فاعل والجملة في محل جر بالإضافة.

تفسير قوله تعالى &Quot;كلّا إن كتابَ الأبرار لَفي علِّيين&Quot; | مصراوى

{كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَّرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)} [المطففين] { كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}: لماذ ذكر سبحانه كتاب الفجار وسفليته, ذكر كتاب الأبرار وأنه في أعلى الأعالي, كتبت فيها حسناتهم تكريماً ومحيت سيئاتهم تكرماً, وأشهده الله أهل السماء المقربين تشريفاً لصاحبه.

أجهش بالبكاء: تهيأ له وخنقه بكاؤه. ]] يعني: مطرًا بعد مطر غير محدود العدد، وكذلك تفعل العرب في كلّ جمع لم يكن بناء له من واحده واثنيه، فجمعه في جميع الإناث والذكران بالنون على ما قد بيَّنا، ومن ذلك قولهم للرجال والنساء: عشرون وثلاثون. فإذا كان ذلك كالذي ذكرنا، فبين أنّ قوله: ﴿لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ معناه: في علوّ وارتفاع في سماء فوق سماء، وعلوّ فوق علوّ وجائز أن يكون ذلك إلى السماء السابعة، وإلى سدرة المنتهى، وإلى قائمة العرش، ولا خبر يقطع العذر بأنه معنيّ به بعض ذلك دون بعض. والصواب أن يقال في ذلك، كما قال جلّ ثناؤه: إن كتاب أعمال الأبرار لفي ارتفاع إلى حدّ قد علم الله جلّ وعزّ منتهاه، ولا علم عندنا بغايته، غير أن ذلك لا يقصر عن السماء السابعة، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك. وقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ﴾ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ، مُعَجِّبه من عليين: وأيّ شيء أشعرك يا محمد ما عليون. وقوله: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ يقول جلّ ثناؤه: إن كتاب الأبرار لفي عليين، ﴿كتاب مرقوم﴾: أي مكتوب بأمان من الله إياه من النار يوم القيامة، والفوز بالجنة، كما قد ذكرناه قبل عن كعب الأحبار والضحاك بن مُزَاحم.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]