لكني حينما أترك هذا المقال في الفقه الروماني الحديث دون مناقشة لا أدع منه عبارة ختامية للسيد في مقاله، تلك هي قوله (... إن الفقه الروماني جديد لفقه جماعة من العلماء وتحقق أنهم أخذوه من الفقه الإسلامي، وهذا ما يجب ألا يعتقد خلافه كل مسلم). بل أقول للسيد لسنا في شيء من المطالبة بهذه العقيدة المعروفة ثم سرقة الفقه الروماني من الفقه الإسلامي. مَنهَج عِلميّ - ويكاموس. وحرام علينا في الدين والعقل أن نعتقد ما نشاء ونلزم بما نشاء، فدع يا سيدي هذا لمثله من الرأي والبحث. ولا تتوجس خيفة من كل شبح، ولا تعدن كل رأي دسيسة، ولا تتهمن كل مسلم بالضعف والانخداع، فالأمر أخطر من ذلك كله، وأهون من ذلك كله أيضاً. أمين الخولي
ومما قاله أن للشعوب العربية في هذه المرحلة من مراحل يقظتها مطالب، من أحوج ما تحتاج إليه ائتلاف في الأرواح وتقارب في المشارب والأذواق، وتجاوب بين العواطف والأفكار، وهذا مطلب جليل لا يتيسر لنا إلا إذا جمعتنا من لغة العرب جامعة أدبية كبرى، واعتصمنا من هذه الفصحى بحصن حصين، وجدير بهذا الأدب العربي الحديث أن يرى عاملا فعالا من عوامل الإنشاء والبناء، وخليق به أن يتغلب على غيره من العوامل المفرقة الهدامة. وقد جرت تقاليد المجمع على أن يتحدث العضو الجديد في حفلة الاستقبال عن سلفه حديثاً مسهباً، ولكن الأستاذ الشبيبي اكتفى بالإشارة إلى مكانة الأستاذ الكرملي وفضله، واعداً بأن يعود إلى تفصيل الكلام عنه في فرصة أخرى. ثم كان من قسمة الأستاذ خليل السكاكيني أن يقدمه الدكتور منصور فهمي باشا، إذ كشف القناع عن ناحية قال إن الأستاذ السكاكيني لا يحب إثارتها. مجلة الرسالة/العدد 100/حول الأوزاعي (ثانيا) - ويكي مصدر. ولذلك حذره من الإشارة إلى أي ناحية من جهوده الأدبية الضاربة في ماض بعيد، ربما يستنتج منها مدى عمره المبارك المديد؛ وعلى رغم هذا التحذير مضى الدكتور منصور باشا في هذه الدعاية فروى أن مدرساً كهلا استقبل الأستاذ السكاكيني في حيفا من عدة سنين بخطبة قال فيها إنه سمع عاطر الثناء على فضله وأدبه من المرحومة حماته، وكانت صغرى تلميذات الأستاذ في دار المعلمات... ثم قال إن الأستاذ سكاكيني يخفى عمره لأنه يدين بفلسفة القوة في كل أمر من الأمور؛ فهو يناوئ الشيخوخة ويكره أن ينتمي إليها أو يذكر بها؛ فإذا انظر من خلال فلسفته إلى اللغة فإنه لا يروقه منها إلا ما اتسم بالقوة والسلامة.
ووجود نقاد يدعون إلى سلوك سبل الإصلاح هو علامة أوانه بل آية أبانه. ومن لم يصدق ما قرأ في هذه الكليمات فإني أوصيه بأن يطلع على بعض كتب الموسيقى الشرقية، وعلى شئ من تاريخ الموسيقى الغربية ومذاهب أصحابها ونقادها؛ وبان يصغي بانتباه إلى مختارات منها بإرشاد من يفهمها؛ ولعله يستيقن بعد ذلك أن سبيل الإصلاح والترقي في الغناء والموسيقى عندنا هو دراستهما دراسة فنية ثقافية جدية، وتقليد الغرب فيما تقدمت الإشارة إليه؛ وليس شك في أن المعارضين يسلمون بهذا في مستقبل قريب أو بعيد، تسليم أناس كانوا قبل سنين أدبرت ينعون على المستنيرين معالجتهم إنقاذ اللغة والأدب من جمود طالما أرادوهما عليه، ويرمون بما ليس دون الكفر كل من قال بوجوب الإصلاح من شئون الأزهر محمد توحيد السلحدار
وأفاض بعد ذلك في بيان جهوده في الإصلاح العلمي ومكانته في عالم الأدب واللغة.