موقع شاهد فور

الفتنة اشد من القتل

June 17, 2024
27 شوال 1428 ( 08-11-2007) بسم الله الرحمن الرحيم الخطبة الأولى أما بعد: فيقول رسولنا الأكرم: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار))، قيل: هذا القاتل، فما بال المقتول؟! قال: ((إنه كان حريصا على قتل صاحبه)). أيها المسلمون، أيها المؤمنون، لقد حرص ديننا الإسلامي العظيم على حفظ الدماء وحرمتها وعدم إزهاق الأرواح، وعدّ الاقتتال الداخلي أشد من القتل وأكثر خطرا وأنها فتنة، فيقول - سبحانه وتعالى - في سورة البقرة: \" وَالفِتنَةُ أَشَدٌّ مِن القَتلِ \" [البقرة: 191]، ويقول - عز وجل - في السورة نفسها: \" وَالفِتنَةُ أَكبَرُ مِن القَتلِ \" [البقرة: 217]º وذلك لما في الاقتتال الداخلي من آثار سلبية وسيئة جدًا، ألا يدري أولئك المتقاتلون الذين يستعملون السلاح لغة التفاهم فيما بينهم، ألا يدرون أنهم يرتكبون آثاما متعددة؟! تفسير الآية «والفتنة أشدّ من القتل ...». إنهم يشيعون الفوضى في المجتمع، وإنهم يدبون الذعر فيما بين النساء والأطفال، وإنهم يثيرون الثارات بين الناس، بالإضافة إلى ما يترتب على الاقتتال من ترمل للنساء وتيتم للأطفال. أيها المسلمون، أيها المؤمنون، ألا يدري القاتل الإثم الذي يلحقه نتيجة ارتكابه هذه الجريمة الكبرى؟!

الفتنة اشد من القتل

قَالَ الله تَعَالَى (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) (سورة البقرة آية 191)، فمعناها أنَّ الشِّركَ باللهِ أَعظَمُ من القَتل. رَوَى البُخَارِيُّ ومسلمٌ عن عبدِ الله بنِ مسعودٍ أنهُ قال قُلتُ يا رسولَ الله أَيُّ الذَّنبِ أعظمُ عندَ الله؟ قالَ عليهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام (أَنْ تَجعَلَ للهِ نِدًّا وَهوَ خَلقَك)، قالَ قلتُ ثُمَّ أَيُّ؟ قالَ عليه الصَّلاة والسَّلام (أَنْ تقتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ)، قالَ قلتُ ثمَّ أَيُّ؟ قالَ عليهِ الصَّلاة والسَّلام (أَنْ تُزانيَ حَليلةَ جارِك). وَقالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام (لزَوَالُ الدُّنيا أهونُ على الله مِنْ قَتلِ مؤمنٍ بغيرِ حَقٍّ) رواهُ ابنُ ماجَه. وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. فَبهذا بَيَّنَ رسولُ اللهِ صَلَّى الله عليهِ وَسَلَّم أنَّ أعظَمَ الذّنوبِ بَعدَ الكُفرِ باللهِ هوَ قَتلُ المسلِم بغير حَق ثم الزنىٍ، وَالدِّينُ لا يُؤحَذُ منَ الجُهَّال فَلَيسَ صَحيحاً ما يَقولونَهُ مِن أنَّ الشَّخصَ الذي يوقِعُ بَينَ اثنينِ أو أَكثَر يَكونُ ذَنبُهُ أَشَدُّ منَ القَتلِ بِغَيرِ حَقٍّ، وَلَو ذَكَروا من آياتِ القُرآنِ ما ذَكَروا في غير محلها، فَهذا القَولُ ضَلالٌ وَتَكذيبٌ للدّين، لا بُدَّ لِقائِلِهِ أنْ يَرجِعَ إلى الإسلامِ بِالشَّهادَتين.

وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام

* ذكر من قال ذلك: 3109 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، عن أبي حماد، عن حمزة الزيات قال: قلت للأعمش: أرأيت قراءتك: " ولا تَقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يَقتلوكم فيه فإن قَتلوكم فاقتلوهم كذلك جَزاءُ الكافرين فإن انتهوا فإن الله غفورٌ رَحيم " ، إذا قَتلوهم كيف يقتلونهم؟ قال: إن العرب إذا قُتل منهم رجل قالوا: " قُتلنا " ، وإذا ضُرب منهم رجل قالوا: " ضربنا " (3). * * * قال أبو جعفر: وأولى هاتين القراءتين بالصواب، قراءةُ من قرأ: " ولا تُقاتلوهم عند المسجد الحرامَ حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم " لأن الله تعالى ذكره لم يأمر نبيَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حالٍ = إذا قاتلهم المشركون = بالاستسلام لهم حتى يَقتلوا منهم قتيلا بعد ما أذن لَهُ ولهم بقتالهم، فتكونَ القراءة بالإذن بقتلهم بعد أن يَقتلوا منهم، أولى من القراءة بما اخترنا. الفتنه اشد من القتل الاية. وإذا كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أنه قد كان تعالى ذكره أذِن لهم بقتالهم إذا كان ابتداء القتال من المشركين قَبل أن يقتلوا منهم قتيلا وبعد أن يقتلوا منهم قتيلا. وقد نسخ الله تعالى ذكره هذه الآية بقوله: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ، وقوله: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [سورة التوبة: 5] ونحو ذلك من الآيات.

من بلاغة القرآن : الفرق بين ( الفتنة اشد من القتل )و( الفتنة اكبر من القتل ) ؟ - منتدى الكفيل

قال الله تعالى: { وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} يخطئ البعضُ في تفسيرِ الفتنةِ المذكورةِ في هذه الآيةِ فيُفسرونها بالنميمةِ أو الغيبةِ وهذا باطلٌ ليسَ صحيحًا. لأن النميمةَ والغيبةَ وإن كانتا محرمتينِ فإنهما ليستا أشدَّ إثمًا من القتل، بل معنى الفتنةِ في هذه الآية هو: الفتنةُ في الدينِ أي الكفرُ والشِّركُ أشدُّ منَ القتلِ. الفتنة أشد من القتل لعن الله من أيقظها. قال ابن المنظور الإفريقي في لسان العرب، المجلد الثالث عشر، حرف النون، فصل الفاء: وقوله تعالى: { وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191] معنى الفِتْنة ههنا: الكفر، كذلك قال أَهل التفسير. قال ابن سِيدَه: والفِتْنةُ الكُفْر. اهـ ابن سيده: هو علي بن إسماعيل، أبو الحسن، اللغوي الأندلسيّ، المعروف بابن سيده، إمام من أئمة اللغة. وقد اختلف المؤرخون في اسم أبيه، فقال ابن بشكوال في (الصلة) إنه: إسماعيل، وقال الفتح بن خاقان في (مطمح الأنفس): إنه أحمد، ومثل ذلك قال الحُمَيْدي، كما ذكر ياقوت في (معجم الأدباء)، وتوفي سنة 458 هـ، ثمان وخمسين وأربعمائة. اهـ

تفسير الآية «والفتنة أشدّ من القتل ...»

القرآن يحدثنا عن مصلحة نشر الدين وضرورة إيقاف فتنة الشرك والكفر؛ يقارن لنا بين فتنة الشرك والكفر مع البقاء في الحياة وبين نقض حياة أهل الشرك لوأد فتنتهم. التمسك بحياة بعيدة عن الله أم القتل في سبيله؛ قتال الكفار وسلبهم الحياة أم الإبقاء على حياتهم مع انتشار فتنتهم وصدهم عن سبيل الله وسوقهم الناس إلى نار جهنم؟ القرآن يحدثنا عن مصلحة نشر الدين وضرورة إيقاف فتنة الشرك والكفر؛ يقارن لنا بين فتنة الشرك والكفر مع البقاء في الحياة وبين نقض حياة أهل الشرك لوأد فتنتهم. تفسير الفتنة اشد من القتل. قال تعالى: { وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ؛ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ؛ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة:191-193]. قال العلامة السعدي رحمه الله: { وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} هذا أمر بقتالهم، أينما وجدوا في كل وقت، وفي كل زمان قتال مدافعة، وقتال مهاجمة ثم استثنى من هذا العموم قتالهم { عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وأنه لا يجوز إلا أن يبدأوا بالقتال، فإنهم يقاتلون جزاء لهم على اعتدائهم، وهذا مستمر في كل وقت، حتى ينتهوا عن كفرهم فيسلموا، فإن الله يتوب عليهم، ولو حصل منهم ما حصل من الكفر بالله والشرك في المسجد الحرام، وصد الرسول والمؤمنين عنه وهذا من رحمته وكرمه بعباده.

قال الطبرى فى تفسيره قوله تعالى: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾ يعنى والشرك بالله أشدُّ من القتل. وَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى أَعْلَم وَأَحْكَم. الفتنة اشد من القتل. ووسائل الفتنة كثيرة، ففتنة النساء، وفتنة المال، وفتنة الزوجات، والأولاد، وفتنة الأقارب، وفتنة العصبية لجنس بعينه أو قوم، أو مذهب أو طائفة، أو غير ذلك من ألوان تحيط بالإنسان الذى هو موطن الاختبار فى الحياة، ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، والعصمة من هذه الفتنة وغيرها هى الاستمساك بحبل الله المتين، فاستمسك بالذى أوحى إليك إنك على صراط مستقيم، إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم، وبغير هذا الاتباع للقرآن والسنة، لا حامى من فتنة ولا عاصم من ضلالة. وكثير من الناس لا يحتكمون إلى الدين ولا يتمسكون بفضائل وقيم إلا إذا ضربتهم الفتنة بسوطها، فذاقوا ألمها وعذابها، بل إن بعض كبار الملحدين لجؤوا إلى إحياء الدين فى نفوس أتباعهم لمقاومة شدة معينة أو التغلب على صعوبة بارزة، وهذا ما فعله ستالين فى حربه مع ألمانيا حين حاول إحياء بعض القيم الدينية فى نفوس جنده حتى يتقدموا فى القتال ولا يتقهقروا، مع أنهم –جميعهم- من قبل ومن بعد أنكروا أثر الدين فى الحياة، وفى عمل الرجال.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]