موقع شاهد فور

بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره

June 25, 2024

ففعلتُ وتركتُ، ثم عاودت مرة أخرى في تأويل أرتني فيه نفسي الجواز ـ و إن كان الأمر يحتمل ـ فلما وافقتها أثّر ذلك ظلمه في قلبي؛ لخوفي أن يكون الأمر محرماً، فرأيت أنها تارةً تقوى عليّ بالترخص والتأويل، وتارةً أقوى عليها بالمجاهدة والامتناع، فإذا ترخصتُ لم آمن أن يكون ذلك الأمر محظوراً، ثم أرى عاجلاً تأثير ذلك الفعل في القلب، فلما لم آمن عليها بالتأويل،... إسلام ويب - تفسير البغوي - سورة القيامة - تفسير قوله تعالى " بل الإنسان على نفسه بصيرة "- الجزء رقم8. إلى أن قال رحمه الله: فأجود الأشياء قطع أسباب الفتن، وترك الترخص فيما يجوز إذا كان حاملاً ومؤدياً إلى ما لا يجوز "(2) انتهى كلامه رحمه الله. 2 ـ ومن مجالات تفعيل هذه القاعدة ـ في مجال التعامل مع النفس ـ: أ ـ أن مِنَ الناس مَنْ شُغف ـ عياذاً بالله ـ بتتبع أخطاء الناس وعيوبهم، مع غفلة عن عيوب نفسه، كما قال قتادة: ـ في تفسيره لهذه الآية ـ: {بل الإنسان على نفسه بصيرة} قال: إذا شئت والله رأيته بصيراً بعيوب الناس وذنوبهم، غافلاً عن ذنوبه(3)، وهذا ـ بلا ريب ـ من علامات الخذلان، كما قال بكر بن عبدالله المزني: إذا رأيتم الرجل موكلاً بعيوب الناس، ناسيا لعيبه، فاعلموا أنه قد مُكِرَ بِهِ. ويقول الشافعي:: بلغني أن عبدالملك بن مروان قال للحجاج بن يوسف: ما من أحد إلا وهو عارف بعيوب نفسه، فعب نفسك ولا تخبىء منها شيئاً(4)، ولهذا يقول أحد السلف: أنفع الصدق أن تقر لله بعيوب نفسك (5).

القاعدة الرابعة: (بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) - الكلم الطيب

وقال ابن عباس: ولو ألقى معاذيره أي لو تجرد من ثيابه. ولو ألقى معاذيره. حكاه الماوردي. قلت: والأظهر أنه الإدلاء بالحجة والاعتذار من الذنب; ومنه قول النابغة: ها إن ذي عذرة إلا تكن نفعت فإن صاحبها مشارك النكد والدليل على هذا قوله تعالى في الكفار والله ربنا ما كنا مشركين وقوله تعالى في المنافقين: يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم. وفي الصحيح أنه يقول: " يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسولك ، وصليت وصمت وتصدقت ، ويثني بخير ما استطاع " الحديث. وقد تقدم في ( حم السجدة) وغيرها.

إسلام ويب - تفسير البغوي - سورة القيامة - تفسير قوله تعالى " بل الإنسان على نفسه بصيرة "- الجزء رقم8

ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت ؟! وكيف فعل كيت وكيت، فيخرج اسمه في معرض تعجّبه!! 9- ومنهم من يخرجها في قالب الاغتمام، فيقول: مسكين فلان، غمنّي ما جرى له!! ، فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف لحاله!! وقلبه منطوٍ على التشفي به، ولو قدر لزاد على ما به!!! وربما يذكره عند أعدائه ليتشفّوا به، وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه. 10- ومنهم من يظهر الغيبة في قالب غضب وإنكار منكر، فيظهر في هذا الباب أشياء من زخارف القول، وقصده غير ما أظهرهُ والله المستعان. القاعدة الرابعة: (بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) - الكلم الطيب. فرحم الله شيخ الإسلام كأنما عاش بيننا اليوم... والسلام عليكم.

ولو ألقى معاذيره

ثم ساق الإمام ابن حزم جملة من العيوب التي كانت فيه، وكيف حاول التغلب عليها، ومقدار ما نجح فيه نجاحاً تاماً، وما نجح فيه نجاحاً نسبياً(7) اهـ. د ـ ومن مواطن استفادة المؤمن من هذه القاعدة: أن الإنسان ما دام يدرك أنه أعلم بنفسه من غيره، وجب عليه أن يتفطن أن الناس قد يمدحونه في يومٍ من الأيام، بل قد يُفرطون في ذلك، وفي المقابل قد يسمع يوماً من الأيام من يضع من قدره بمنسم الافتراء، أو يخفض من شأنه، وربما ضُرِّس بأنياب الظلم والبغي، فمن عرف نفسه: لم يغتر بمدحه بما ليس فيه، ولم يتضرر بقدحه بما ليس فيه، بل يفيد من ذلك بتصحيح ما فيه من أخطاء وزلات، ويسعى لتكميل نفسه بأنواع الكمالات البشرية قدر المستطاع.

بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره – تجمع دعاة الشام

لكنّه ليس بالضرورة شرطًا للاتّباع، فللآية تتمّة: "وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ". لذا حقّ قول الله فيهم: "وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ"! ولمّا كان فهمُ الحقيقة والقدرة على التمييز ليس بالأمر الهيّن؛ فمعايشة الناس برهان مطابقة القول للفعل، لذا كان صرف السّمع والبصر، وكذا القلب والروح عن "مغارات" العالم الافتراضي أسلمَ وأبرأَ، فلا يغرنّك جمالُ حرفٍ أو سحر بيانٍ أو حتّى بذاخة علمٍ ورجاحة عقلٍ فلو وُضعت في ميزان أخلاق صاحبها لاختلّ ولخلد عمله إلى الأرض "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا". وكما قال ابن قيم الجوزية: "من أراد الظهور فهو عبد الظهور، ومن أراد الخفاء فهو عبد الخفاء، ولكن كُن عبد الله، إن شاء أظهره وإن شاء أخفاه". فكُن عبد الله وكُنْ شهيدًا على نفسك، على بصيرة؛ لا أنت تعبث بقلوب النّاس تبتغي لهوًا عارضًا ولا هم يقفون لك يوم القيامة كالخصيم ليقتصّوا حقوقهم، تُدرك حقيقة نفسك فلا يرفعك إلى سماء الغرور مدحٌ ولا يخلدك إلى الأرض الوضاعة قدحٌ.

تفسير: بل الإنسان على نفسه بصيرة ⁐ ولو ألقى معاذيره ⁐

والله أعلم. إن لهذه القاعدة القرآنية مجالات كثيرة في واقعنا العام والخاص، فلعلنا نقف مع شيء من هذه المجالات، علّنا أن نستفيد منها في تقويم أخطائنا، وتصحيح ما ندّ من سلوكنا، و ما كَبَتْ به أقدامنا، أو اقترفته سواعدنا، فمن ذلك: 1- في طريقة تعامل بعض من الناس مع النصوص الشرعية: فلربما بلغ بعضَ الناس نصٌ واضح محكمٌ، لم يختلف العلماء في دلالته على إيجاب أو تحريم، أو تكون نفسه اطمأنت إلى حكمٍ ما، ومع هذا تجد البعض يقع في نفسه حرجٌ! ويحاول أن يجد مدفعاً لهذا النص أو ذاك لأنه لم يوافق هواه! يقول ابن القيم رحمه الله: "فسبحان الله! كم من حزازة في نفوس كثير من الناس من كثير من النصوص وبودهم أن لو لم ترد؟ وكم من حرارة في أكبادهم منها، وكم من شجى في حلوقهم منها ومن موردها؟" [الرسالة التبوكية]. ولا ينفع الإنسان أن يحاول دفع النصوص بالصدر فالإنسان على نفسه بصيرة، وشأن المؤمن أن يكون كما قال ربنا تعالى: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [ النساء:65].

القاعدة الرابعة: (بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) للاستماع والحفظ للمادة الصوتية للاستماع عالي الدقة الحمد لله، وبعد: فهذه مشكاة أخرى من موضوعنا الموسوم بـ: (قواعد قرآنية)، نقف فيها مع قاعدة من قواعد التعامل مع النفس، ووسيلة من وسائل علاجها لتنعم بالأنس، وهي مع هاتيك سلّمٌ لتترقى في مراقي التزكية، فإن الله تعالى قد أقسم أحد عشر قسماً في سورة الشمس على هذا المعنى العظيم، فقال: "قد أفلح من زكاها"، تلكم القاعدة هي قول الله تعالى: {بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}! والمعنى: أن الإنسان وإن حاول أن يجادل أو يماري عن أفعاله و أقواله التي يعلم من نفسه بطلانها أو خطأها، واعتذر عن أخطاء نفسه باعتذارات؛ فهو يعرف تماماً ما قاله وما فعله، ولو حاول أن يستر نفسه أمام الناس، أو يلقي الاعتذارات، فلا أحد أبصر ولا أعرف بما في نفسه من نفسه. وتأمل ـ أيها المبارك ـ كيف جاء التعبير بقوله: "بصيرة" دون غيرها من الألفاظ؛ لأن البصيرة متضمنة معنى الوضوح والحجة، كما يقال للإنسان: أنت حجة على نفسك! والله أعلم. إن لهذه القاعدة القرآنية مجالات كثيرة في واقعنا العام والخاص، فلعنا نقف مع شيء من هذه المجالات؛ علّنا أن نفيد منها في تقويم أخطائنا، وتصحيح ما ندّ من سلوكنا، و ما كَبَتْ به أقدامنا، أو اقترفته سواعدنا، فمن ذلك: 1 ـ في طريقة تعامل بعض من الناس مع النصوص الشرعية!

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]