موقع شاهد فور

فارجع البصر هل ترى من فطور

June 28, 2024
[ ص: 506] القول في تأويل قوله تعالى: ( الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ( 3) ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ( 4)) يقول تعالى ذكره: مخبرا عن صفته: ( الذي خلق سبع سماوات طباقا) طبقا فوق طبق ، بعضها فوق بعض. وقوله: ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) يقول جل ثناؤه: ما ترى في خلق الرحمن الذي خلق لا في سماء ولا في أرض ، ولا في غير ذلك من تفاوت ، يعني من اختلاف. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت): ما ترى فيهم من اختلاف. حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال: ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله: ( من تفاوت) قال: من اختلاف. واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: ( من تفاوت) بألف. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة: ( من تفوت) بتشديد الواو بغير ألف. ما معنى "فطور" في قوله تعالى: (فارجع البصر هل ترى من فطور) - منبع الفكر. والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد ، كما قيل: ولا تصاعر ، ولا تصعر; وتعهدت فلانا ، وتعاهدته; وتظهرت ، وتظاهرت; وكذلك التفاوت والتفوت.

ما معنى &Quot;فطور&Quot; في قوله تعالى: (فارجع البصر هل ترى من فطور) - منبع الفكر

الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ (3) ( الذي خلق سبع سماوات طباقا) طبقا على طبق بعضها فوق بعض ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) قرأ حمزة والكسائي: " من تفوت " بتشديد الواو بلا ألف ، وقرأ الأخرون بتخفيف الواو وألف قبلها. وهما لغتان كالتحمل والتحامل والتطهر والتطاهر. ومعناه: ما ترى يا ابن آدم في خلق الرحمن من اعوجاج واختلاف وتناقض بل هي مستقيمة مستوية. وأصله من " الفوت " وهو أن يفوت بعضها بعضا لقلة استوائها ( فارجع البصر) كرر النظر ، معناه: انظر ثم ارجع ( هل ترى من فطور) شقوق وصدوع.

تحدي المنكرين والجاحدين ثم ساق سبحانه بأسلوب فيه ما فيه من التحدي ما يدل على أن خلقه خالٍ من التفاوت والخلل فقال: فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ، ثُم ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ. والمعنى: ما ترى أيها الناظر في خلق الرحمن من تفاوت أو خلل، فإن كنت لا تصدق ما أخبرناك به، أو في أدنى شك من ذلك، فكرر النظر فيما خلقنا حتى يتضح لك الأمر، ولا يبقى عندك أدنى شك أو شبهة. وقوله: هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ، أي أنك مهما نظرت في خلق الرحمن، وشددت في التفحص والتأمل.. فلن ترى فيه من شقوق أو خلل أو تفاوت. وقوله: ثُم ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرتَيْنِ تعجيز إثر تعجيز وتحد في أعقاب تحد.. أي: لا تكتفِ بإعادة النظر مرة واحدة، فربما يكون قد فاتك شيء في النظرة الأولى والثانية، بل أعد النظر مرات ومرات، فتكون النتيجة التي لا مفر لك منها أن بصرك بعد طول النظر والتأمل ينقلب إليك خائبا وهو كليل متعب، لأنه بعد هذا النظر الكثير لم يجد في خلقنا شيئا من الخلل أو الوهن أو التفاوت. والمتأمل في هذه الآيات الكريمة يراها قد ساقت ما يدل على وحدانية الله تعالى وقدرته بأبلغ أسلوب، ودعت الغافلين الذين فسقوا عن أمر ربهم إلى التدبر في هذا الكون الذي أوجده سبحانه في أبدع صوره، فإن هذا التدبر من شأنه أن يهدي إلى الحق.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]