2- ما جاء في حديث جابر رضي الله عنه، في صفة حجَّة النبي صلى الله عليه وسلم، والشاهد منه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فَرَغَ من الطواف (تَقَدَّمَ إلى مَقَامِ إبراهيم فَقَرَأَ: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة:125]، فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ) [5]. حكم الصلاة خلف مقام إبراهيم. قال محب الدِّين الطبري رحمه الله: (والمتبادر إلى الفهم عند سماع هذا اللفظ، أنه لم يكن حينئذ ملصقاً بالبيت؛ لأنه لا يُقال في العرف: تقدَّم إلى كذا فجعله بينه وبين كذا، إلاَّ فيما يمكن أن يقدِّمه أمامه، وأن يخلِّفه خلْفه، وإذا كان ملصقاً تعيَّن التقديم لا غير) [6]. 3- ما جاء عن المُطَّلِبِ بنِ أبي وَدَاَعةَ السَّهمي، عن أبيه، عن جده، قال كانت السيول تدخل المسجد الحرام من باب بني شيبة الكبير، قبل أن يردم عمر بن الخطاب الردم الأعلى، وكان يقال لهذا الباب: باب السيل. قال: فكانت السيول ربما دفعت المقام عن موضعه، وربما نحَّتْه إلى وجه الكعبة، حتى جاء سيلٌ في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقال له: سيل أم نهشل، وإنما سُمِّيَ بأمِّ نهشل؛ لأنه ذهب بأمِّ نهشل؛ ابنة عبيدة بن أبي أحيحة سعيد بن العاص، فماتت فيه، فاحتمل المقام من موضعه هذا، فذهب به حتى وُجِدَ بأسفل مكة، فأُتي به فرُبِط إلى أستار الكعبة في وجهها.
بل ينبغي له أن يتباعد عن الزِّحام وأن يصليهما في بقيَّة المسجد الحرام؛ لأنَّ عمر رضي الله عنه صلَّى ركعتي الطَّواف في بعض طوافه بذي طُوىً [20] ، وهي من الحرم لكنَّها خارج المسجد الحرام. وكذلك أمُّ سلمة رضي الله عنها صلَّت لطواف الوداع خارج المسجد الحرام. والظَّاهر أنَّ سبب ذلك: الزِّحام، أو أرادتْ بذلك أن تُبيِّن للناس التوسعةَ الشرعية في هذا الأمر) [21]. ♦ دليل الإجماع: ذَكَرَ غيرُ واحدٍ من أهل العلم الإجماعَ على أنَّ الطائف يُجزئه أنْ يُصلِّي الركعتين حيث شاء، ومِمَّن ذكر ذلك: ابن المنذر، والنووي، وابن حجر. 1- قال ابن المنذر رحمه الله أجمع العلماء: على أنَّ ركعتي الطَّواف تَصِحَّان حيث صلاَّهما، إلاَّ مالكاً فإنَّه كَرِهَ فِعْلَهما في الحِجْر) [22]. 2- وقال النووي رحمه الله: (قال الجمهور: يجوز فِعْلُها في الحِجْرِ كغيرِه) [23]. 3- وقال ابن حجر رحمه الله: (أجمع أهل العلم: على أنَّ الطائف تجزئه ركعتا الطواف حيث شاء، إلاَّ شيئاً ذُكِرَ عن مالكٍ في أنَّ مَنْ صلَّى ركعتي الطواف الواجب في الحِجْرِ يُعيد) [24]. الصلاة خلف مقام ابراهيم الاخضر. [1] انظر: حاشية ابن حجر الهيثمي على شرح الإيضاح في مناسك الحج، (ص281). [2] انظر: فتح الباري، (1/ 499).
وكان ابن الزبير يصلي والطواف بين يديه، فتمر المرأة بين يديه، فينتظرها حتى ترفع رجلها، ثم يسجد. وكذلك سائر الصلوات في مكة، لا يعتبر لها سترة. وقد ذكرنا ذلك. وقال: وركعتا الطواف سنة مؤكدة غير واجبة. وبه قال مالك. حكم الصلاة خلف المقام عند الزحام - إسلام أون لاين. وللشافعي قولان؛ أحدهما، أنهما واجبتان؛ لأنهما تابعتان للطواف، فكانتا واجبتين، كالسعي. ولنا، قوله - عليه السلام -: «خمس صلوات كتبهن الله على العبد، من حافظ عليهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة». وهذه ليست منها «. ولما سأل الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الفرائض، ذكر الصلوات الخمس، قال: فهل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع». ولأنها صلاة لم تشرع لها جماعة، فلم تكن واجبة، كسائر النوافل، والسعي ما وجب لكونه تابعا، ولا هو مشروع مع كل طواف. ولو طاف الحاج طوافا كثيرا، لم يجب عليه إلا سعي واحد، فإذا أتى به مع طواف القدوم، لم يأت به بعد ذلك، بخلاف الركعتين، فإنهما يشرعان عقيب كل طواف. انتهى وقال النووي في شرح صحيح مسلم (8/ 175): هذا دليل لما أجمع عليه العلماء: أنه ينبغي لكل طائف إذا فرغ من طوافه أن يصلي خلف المقام ركعتي الطواف، واختلفوا هل هما واجبتان أم سنتان، وعندنا فيه خلاف، حاصله ثلاثة أقوال: أصحها أنهما سنة، والثاني أنهما واجبتان، والثالث إن كان طوافاً واجباً فواجبتان وإلا فسنتان.