موقع شاهد فور

كنقص القادرين على التمام

June 26, 2024
إن الهمم الكبار تغير التاريخ بل هي التي تسطره وتكتبه: لقد رأينا محمد بن عبد الله رسول الله - -.. رجل واحد في وسط عالم كامل من الشرك كيف عبّده بهمته لله رب العالمين؟. ولقد رأينا أصحاب رسول الله - رضي الله عنهم - كيف أسقطوا أكبر إمبراطوريتين وأعظم دوليتين في زمنهم (فارس والروم) وفتحوا بلاد السند والهند والمغرب والأندلس في فترة وجيزة هي كالحلم في عمر الزمان. ولقد رأينا في زمان العز وعلو الهمم كيف كان المسلم في عهد صلاح الدين يربط عشرات الأسرى في طنب خيمة.. ولقد باع مسلم أسيرا نصرانيا بنعل فلما سألوه لماذا؟ قال: أردت أن يخلد التاريخ هوانهم وذلهم وأن رجلا منهم بيع بنعل، فخلدها له التاريخ. مقولة - ولم أرَ في عُيوبِ الناس شَيئاً ... كنَقصِ.... ثم مرت الأيام وقعدت الهمم ورأينا كيف كان الجندي التتري يأمر المسلم قعيد الهمة (بل العدد منهم) أن يجلسوا مكانهم حتى يذهب فيأتي بالسيف ليقتلهم فيمنعهم الخوف أن يتحركوا حتى يعود إليهم فيقتلهم أجمعين!! ومرت الأيام ورأينا كيف بيعت فلسطين بثمن بخس، وضاعت القدس، وسلب المسجد الأقصى. ومرت الأيام ورأينا كيف ضاعت العراق ورأينا كيف يركع الجندي العراقي أمام نعلي الجندي الأمريكي طالبا منه العفو والصفح، وطالعتنا الأخبار بصورة رجل هناك يقبل يدي جندي أمريكي شكرا له على تحرير البلاد!!
  1. مقولة - ولم أرَ في عُيوبِ الناس شَيئاً ... كنَقصِ...
  2. ولم أر في عيوب (الدعاة) عيبا

مقولة - ولم أرَ في عُيوبِ الناس شَيئاً ... كنَقصِ...

{ولم أرَ في عيوب الناس عيْبًا... كنقصِ القادرين على التمام} معنى عظيم في قول رسول ﷺ:« احرِص على ما ينفعُك » الحرص فيما تطلبُ: معناه ألّا تُبقِي مِنه شيئا تستطيعه إلا حصّلتَه يعني: تجمعُ من الأمر الذي تطلبُه كل ما قدرْت عليه (لا تُبقِي ولا تذَر) وهذا يظهر عند طالب العلم في أمور: -ألا تترك شيخا من أهل العلم تقدر على لقائه، والإفادة منه إلا سعيْت إليه. -ولا علما تقدر عليه إلا طلبتَه. -والحرصُ على تقييد كل معلومة وضبطها. -والحرصُ على تعليمها فلا يبقى في صدرك علمٌ إلا بلّغتَه وعلّمتَه. -والحرصُ في العمل بالعلم (ألا تتعلَّم خيرا إلا وتجتهدُ في الاستقامة عليه). فمن استحضر هذه الأمور ووَزن نفسه بها فلن يقنع بما حصّل، ولن يستكثر أبدا ما عنده من العلم والعمل،وبقِي يعمل ويُطوّر نفسَه إلى أن يلقى ربَّه. لكن كثيرا من الناس - أو أكثرهم-يغفلُ عن ذلك كلّه، ويقنع بقليل ما هو عليه، ويقيسُ نفسَه على من حوله (من قاصري العزم والهِمّة) فيغتر بعلمه وتحصيله وعمله، ولا ينتبِه لتفريطه. باختصار: ليس العاطلُ من لا يعمل! ولم أر في عيوب (الدعاة) عيبا. إنما العاطلُ من يعمل ب (جزء يسير من قُدراته) ويُعطّل بقيةَ مواهبه. وكم من شخصٍ كان على نوع من العمل يحسبُه كثيرا ويحسبُه سقفَه/وآخرَ ما عنده، ثم بالتجربة والسعي ظهر أنه كان على واحد بالمائة من قُدراتِه!

ولم أر في عيوب (الدعاة) عيبا

وهي من سقطات... المزيد عن المتنبي
والثاني مناطقي: وهو الذي يَتَعَلَّق بالدَّائرة الأوسع، ولئن كان ذلكَ في أيام ماضية يحتاج إلى قدرات خارقة؛ فإنَّ التَّطَوُّر الإعلامي ووسائل الاتصال جَعَلَتْه في حدود المُمكن. ولا غرابةَ في هذا التَّقسيم، فنحن نَتَكَلَّم عن قادرين على التَّمام. 3- أن ينتقل الدَّاعية القادر على التَّمام إلى ثلاث مستويات: المستوى الأول: تنفيذ المشاريع فينزل إلى الميدان عاملاً مع زملائه. المستوى الثاني: إنشاء مشاريع جديدة فيعمل على افتتاح مشاريع كثر، مُكتَفيًا بالفكرة والبدء دون التَّنفيذ والمُتَابَعة. المستوى الثالث: التَّوجيه والاستشارة. وفي تقديري أنَّ المستويات الثلاثة مرتبطة وذات أهمية، وبالنِّسبة للدُّعاة القادرين على التَّمام يعتبر المستوى الثالث أهمَّها، فمن خلاله يَتَوَجَّب عليهِم بُعد النَّظر، وسَعة الاطّلاع، وتوسيع التجربة، وامتداد العلاقات، ولا يَتَأَتَّى ذلكَ إلاَّ من خلال المرحلة المناطقيَّة. 4- مسابقة الزَّمن في تَحصيل أكبر قدر مُمكن منَ التَّوَسُّع، فإنَّ ظروف المرحلة الحالية صعبة، حتى إنَّها أصبحت غيْر خاضعة للدِّراسات والتَّوَقُّعات، مِمَّا يَجعلُنا بِحاجةٍ إلى فنّ (توقُّع غير المُمْكِن)، فإنَّ المشكلة الأساسيَّة عند القادرين على التَّمام منَ الدُّعاة وغيرهم أنَّ لديهم شعورًا بقدرتهم على فعل ما يريدونه في الوقت الذي يقدرونه، وهذا ناتج عن معرفتهم لقدراتهم؛ لكن لا بدَّ أن يدركوا أنَّنا في آخِر الزَّمن، والآخريَّة هنا نسبيَّة طبعًا، والفِتَن تزداد، والأيام حبلى، وأمر الله كلمح البصر أو هو أقرب.

موقع شاهد فور, 2024

[email protected]